تونس

تعليق اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
علي التقرير الدوري الثاني المقدم من تونس فيما يتعلق بإعمالها
لإلتزاماتها تجاه العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية،
وقد ورد نص هذا التعليق في الوثيقة E/1999/22

 

ألف - مقدمة
154- تعرب اللجنة عن تقديرها للتقرير المفصل المقدم من الدولة الطرف وللإجابات الشاملة التي قدمها الوفد رداً على أسئلة اللجنة وتعليقاتها. وقد أسهم ذلك في إجراء حوار بناء جداً بين اللجنة والدولة الطرف.
باء - الجوانب الإيجابية
155- تلاحظ اللجنة بارتياح الأهمية التي تعلقها الدولة الطرف على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وما أوضحه وفد الدولة الطرف من أن العديد من القوانين الجديدة وتعديلات القوانين القائمة قد استلهمت الالتزامات المعقودة بمقتضى العهد. كما تعرب اللجنة عن ارتياحها لكون الحقوق المنصوص عليها في العهد تشكل جزءا من القانون التونسي بحكم نص الدستور الذي يقضي بأن تصبح أية معاهدة دولية تصدق عليها تونس جزءا من القانون المحلي.
156- وترحب اللجنة بما تم إنجازه في مجال تحسين تعزيز وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمرأة، الأمر الذي يمكن المرأة من المشاركة في الحياة الاقتصادية والسياسية للبلد، بما في ذلك حيازة الممتلكات، ومزاولة الأنشطة الاقتصادية، فضلاً عن حق المرأة في أن تَنتخب وتُنتخب لشغل المناصب العامة. وبالإضافة إلى ذلك، فقد أسهمت هذه الإنجازات مساهمة إيجابية في الحياة الأسرية بمنعها تعدد الزوجات بنص القانون، كما أدت إلى زيادة تعزيز المساواة بين الرجل والمرأة من خلال إزالة كل أشكال الاعتراف القانوني بما يسمى ب "جرائم الشرف".
157- وترحب اللجنة بالنجاح الذي أحرز في تعزيز التنمية البشرية المستدامة حسبما يدل عليه الانخفاض في عدد الأشخاص الذين يعيشون دون خط الفقر على المستوى الوطني، والزيادة في متوسط العمر المتوقع، وتراجع معدل الأمية، والانخفاض في معدل وفيات الرضع، كما يتبين من المؤشر الإجمالي للتنمية البشرية. وتلاحظ اللجنة بارتياح أن الإنفاق على الرعاية الاجتماعية قد زاد بنسبة كبيرة تصل إلى 20 في المائة من ميزانية الدولة في الفترة بين عامي 1986 و1996، الأمر الذي أتاح تحقيق العديد من هذه الإنجازات. وفضلاً عن ذلك، يتم تخصيص ما نسبته 20 في المائة من الميزانية الوطنية لقطاع التعليم.
158- وتلاحظ اللجنة باهتمام أنه قد تم في عام 1993 إنشاء صندوق التضامن الوطني الذي يجري عن طريقه توجيه التبرعات المقدمة من الأفراد والمؤسسات نحو المشاريع الرامية إلى تطوير المناطق والجهات النائية، مما يتيح لسكانها إمكانية الوصول إلى مرافق البنى التحتية الأساسية وتحسين إمكانيات خلق وإدارة مصادر دخلهم.
159- وترحب اللجنة بسن القانون الذي صدر في 29 تموز/يوليه 1991 والذي ينص على التعليم المجاني والإلزامي لجميع الأطفال من سن السادسة حتى سن السادسة عشرة، فضلاً عن الدعم الإضافي الذي يقدم للمدارس وللطلبة المحتاجين، وهو أمر ضروري من أجل وضع هذا القانون موضع التنفيذ. وترحب اللجنة بأن 99 في المائة من مجموع الأطفال في تونس يلتحقون اليوم بالمدارس الابتدائية. كما ترحب بالمساعدة الكبيرة التي تقدم للطلبة في معاهد التعليم العالي، بما في ذلك من خلال المنح والقروض وخدمات الرعاية الصحية وتقديم الوجبات الغذائية بأسعار مدعومة.
160- وتلاحظ اللجنة بارتياح الجهود التي يجري بذلها في مجال حماية البيئة، بما في ذلك في إطار الخطة التاسعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (1997-2001). وتلاحظ اللجنة زيادة مخصصات الميزانية لهذه الغاية في الخطة التاسعة، وهي مخصصات ستستخدم لأغراض منها تطوير المعدات اللازمة لمكافحة التلوث، وتحسين إدارة النفايات، واستخدام المياه المستعملة في الإنتاج الزراعي، ومكافحة التصحر.
جيم - العوامل والصعوبات التي تعوق تنفيذ العهد
161- تلاحظ اللجنة ما أكدته الدولة الطرف من أن الصعوبات التي تواجهها في تنفيذ العهد تُعزى إلى عوامل خارجية تتصل بالبيئة الدولية.
162- وتأسف اللجنة لعدم تقديم المزيد من الإيضاحات بشأن احتمال وجود صعوبات داخلية أخرى من قبيل ارتفاع معدل البطالة، وتباطؤ النمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة، أو التوترات الاجتماعية أو السياسية.
دال - مواضيع القلق الرئيسية
163- تأسف اللجنة لأن المعلومات المستفيضة التي قدمت بشأن الإطار التشريعي والمؤسسي وإطار السياسة العامة لحماية كل حق من الحقوق لم تدعم بمعلومات عن قانون السوابق القضائية، الأمر الذي كان من شأنه أن يتيح التعرف بمزيد من التعمق على الحالة الفعلية لإعمال تلك الحقوق
164- وتلاحظ اللجنة أنه على الرغم من الضمانات الدستورية، فإن أجهزة الدولة المسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان تتركز في الفرع التنفيذي للحكومة ولا يتمتع أي منها بسلطة النظر في الشكاوى المتعلقة بانتهاكات الحقوق المنصوص عليها في العهد. وتشعر اللجنة بالقلق لأن هذا الوضع ينال من استقلال هذه المؤسسات، ولا سيما استقلال السلطة القضائية، ومن إمكانية الاحتجاج بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أمام المحاكم.
165- وتشعر اللجنة بالقلق لأنه بالرغم من الجهود التي تبذلها الدولة الطرف، لا تزال هناك جوانب عدم مساواة بين الرجل والمرأة، ومنها ما يتعلق بتقلد مناصب المسؤولية وبالمكافآت والأجور. وتشعر اللجنة بالقلق بصفة خاصة لأنه لا يحق للإناث أن يحصلن، بموجب قوانين الإرث، إلا على نصف مقدار الإرث الذي يحصل عليه الذكور. وإذا كانت الدولة الطرف تعتقد أن العنف المنزلي في تونس نادر الحدوث، فإن اللجنة تشعر بالقلق إزاء قلة البيانات الرسمية فيما يتعلق بهذه الظاهرة.
166- وفيما يتصل بالمادة 6 من العهد، تشعر اللجنة بالقلق لأنه بالرغم من الأولوية التي يتم إيلاؤها لخلق فرص العمل في خطط التنمية الوطنية، فقد ظل مستوى معدل البطالة مرتفعا إذ بلغ نحو 15.6 في المائة في عام 1998 حيث شكل الأشخاص العاطلون عن العمل لمدة تزيد عن سنة 40 في المائة من هذه النسبة.
167- وفيما يتعلق بالمادة 8 من العهد، تلاحظ اللجنة بقلق وجود اتحاد واحد فقط لنقابات العمال في تونس، هو الاتحاد العام التونسي للشغل. وتعرب اللجنة عن قلقها لأن اتحاداً نقابياً وحيداً يمثل الطائفة الواسعة والمتنوعة من جميع العمال التونسيين قد لا يستطيع أن يمثل تعددية آرائهم. وبصفة خاصة، توجه اللجنة النظر إلى الأنظمة التي تقتضي الحصول على تصريح من الاتحاد العام التونسي للشغل فيما يتعلق بجميع الإضرابات، الأمر الذي يقيد تقييدا شديدا الحق في الإضراب وفي حرية تكوين الجمعيات.
168- واللجنة قلقة إزاء أوجه التفاوت في المستويات المعيشية (وخاصة فيما يتعلق بالتعليم والصحة ومتوسط العمر المتوقع ووفيات الأطفال والحصول على الماء الجاري والكهرباء والعمل) القائمة بين ساحل شمال تونس الشرقي المزدهر والشمال الغربي الناقص النمو، وبين داخل البلاد وجنوبها، وبين المدن والمناطق الريفية.
169- وفيما يتعلق بالمادتين 3 و13 من العهد، تلاحظ اللجنة، على الرغم من التقدم الملحوظ في مجال التعليم، أن الأمية لا تزال تمس ثلث السكان، بنسبة 42 في المائة من النساء و23 في المائة من الرجال، وأن أوجه تفاوت خطيرة لا تزال قائمة بين معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة في صفوف الأولاد والبنات على جميع مستويات الأعمار وبين المناطق الحضرية والريفية. وتلاحظ أيضاً خطورة مشكلة ترك الدراسة، وبشكل خاص كون نصف المسجلين في المدارس الابتدائية لا يواصلون الدراسة على مستوى التعليم الثانوي. وبهذا الخصوص فإن اللجنة قلقة إزاء مصير الطلاب الذين يتركون الدراسة في نهاية المرحلة الأولى من التعليم الأساسي، والذين استنفد 90 في المائة منهم، حسب الوفد، "حقهم في إعادة السنة". واللجنة قلقة أيضاً إزاء التعارض بين السن التي يحددها القانون لإنهاء التعليم الإلزامي، وهو 16عاماً، والسن الدنيا للعمل، التي هي 15 عاماً بالنسبة لقطاع التصنيع و13 عاماً بالنسبة لقطاع الزراعة. وهذا التفاوت قد يشجع المراهقين على ترك التعليم الثانوي.
170- واللجنة قلقة إزاء الطريقة التي تلقن بها حالياً حقوق الإنسان في المدارس التونسية. وهي قلقة أيضاً لأن تواجد الشرطة في حرم الجامعات يمكن أن يمس الحريات اللازمة للتعبير الأكاديمي والثقافي الذي تُعتبر الدولة الطرف ملزمة باحترامه بموجب المادة 15 من العهد.
171- وتعرب اللجنة عن قلقها إزاء الرقابة المفروضة على الإنتاج الثقافي. ولا يزال هناك غموض حول دور مجلس التوجيه المسرحي، الذي يقال إنه لا يراد منه فرض رقابة على المسرح وإنما مساعدة الفرق المسرحية التي تعرض نتاجها لأول مرة.
هاء - الاقتراحات والتوصيات
172- فيما يتعلق بدور مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية في حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، توجه اللجنة النظر إلى تعليقها العام رقم 10 (1998) بشأن هذا الموضوع، الذي تلاحظ فيه أن مثل هذه المؤسسات تنشأ، في حالات عديدة، على يد الحكومة وتتمتع بدرجة كبيرة من الاستقلال عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتأخذ في الاعتبار التام معايير حقوق الإنسان الدولية التي تنطبق على البلد المعني، وتُكلَّف بأنشطة متنوعة ترمي إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان، بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويمكن أن تشمل أنشطتها رصد إعمال حقوق محددة معترف بها في العهد، وتقديم تقارير عن ذلك إلى السلطات العامة والمجتمع المدني، والنظر في الشكاوى المتعلقة بمخالفات مزعومة لمعايير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية السارية داخل البلد. وفي التعليق العام رقم 10 تدعو اللجنة الدول الأطراف إلى العمل على أن تشمل الولايات الممنوحة لكافة مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية اهتماماً مناسباً بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وعليه توصي اللجنة تونس باستعراض مؤسساتها الوطنية لحقوق الإنسان في ضوء ذلك التعليق العام.
173- وتوصي اللجنة بشدة بتمكين كافة الرجال والنساء والأطفال من الجنسين من التمتع بالحق في الإرث على قدم المساواة.
174- وتقترح اللجنة أن تنظر الدولة الطرف في سبل القيام برصد حالات العنف العائلي رصدا أوثق قد تحتاج في ضوئه إلى إعادة النظر في قوانينها وسياساتها بشأن هذه الظاهرة.
175- وتوصي اللجنة الدولة الطرف بمواصلة جهودها، وخاصة عن طريق صندوق التضامن الوطني، لتحقيق التوازن في التنمية بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية. ولأن الصندوق يضطلع في ما يبدو بدور هام في التنمية الريفية تطلب اللجنة تقديم معلومات مستوفاة في التقرير الدوري الثالث.
176- وفيما يتعلق بالإطار العام الذي يتم فيه حماية حقوق الإنسان وتعزيزها، ترى اللجنة أن استقلال القضاء أداة أساسية لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتطلب من ثم إدراج معلومات عن هذه المسألة في التقرير الدوري الثالث.
177- وتوصي اللجنة الدولة الطرف بمواصلة الاهتمام بمشكلة البطالة، وخاصة البطالة الطويلة الأمد، وتشجعها على القيام، عند استعراض برامجها للتدريب المهني أو عند إنشاء مؤسسات جديدة للتعليم العالي، بمراعاة احتياجات الاقتصاد بغية تأمين قدرة التشغيل القصوى للخرّيجين. وبالإضافة إلى ذلك، وبالنظر إلى ما يقال من أن القانون التونسي يعكس الشواغل الرئيسية لاتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 158 (1982) بشأن إنهاء الخدمة بناء على مبادرة صاحب العمل، توصي اللجنة بشدة الدولة الطرف بالتصديق على هذه الاتفاقية. كما توصيها باتخاذ التدابير اللازمة للعمل على ألا تفرض عقوبات السخرة على الجرائم المتعلقة بالضمير أو بالمشاركة في الإضرابات التي يُعلن أنها مخالفة للقانون.
178- وتوصي اللجنة بإعادة النظر في الإجراءات التي أدت إلى ضمّ النقابات العمالية في كونفدرالية واحدة بغية ضمان الحق في الإضراب والحماية من انتهاك الحريات النقابية، في القانون وفي التطبيق العملي.
179- وتوصي اللجنة الدولة الطرف بأن تضع فورا خطة عمل وطنية قصد التقليل من أوجه التفاوت في مستويات المعيشة القائمة بين مختلف المناطق.
180- وتوصي اللجنة الدولة الطرف بمواصلة بذل الجهود لضمان تعليم أساسي لجميع الأطفال، بمن فيهم الأطفال المتخلّفون عن بقية زملائهم. وتوصي بالقيام، وخاصة في المناطق الريفية الأقل نمواّ، بمعالجة المجالات التي تكتنفها مشاكل، المحددة في الدراسات التي أجرتها الدولة الطرف عن ظاهرة ترك المدارس، بما في ذلك عدم ملاءمة الأدوات التربوية، وأعداد الطلاب المفرطة في كل فصل ولكل مدرس، وقلة الاهتمام من جانب الآباء بإرسال أطفالهم إلى المدارس، والمسافة بين المدرسة والبيت. وتحث اللجنة الدولة الطرف على اتخاذ جميع التدابير التصحيحية، بما في ذلك مراجعة السن الدنيا للعمل، وبشكل خاص في الزراعة، ومعالجة مشكلة الطلاب الذين يتركون معاهد التعليم المهني والثانوي. كما تشجع اللجنة الدولة الطرف، فيما يتعلق بالمادة 13 من العهد، على السعي إلى تنظيم دروس متميزة عن حقوق الإنسان، ولا سيما على المستوى الجامعي، لتيسير التعليم المستفيض في مجال حقوق الإنسان. وتطلب اللجنة إدراج معلومات عن أنشطة اللجنة الوطنية لتعليم حقوق الإنسان في التقرير الدوري الثالث.
181- وتعرب اللجنة عن القلق إزاء الرقابة المفروضة على النتاج الثقافي. وتوصي بتوخي الشفافية في معايير الرقابة، في القانون وفي التطبيق العملي، وجعل هذه المعايير تتفق تماماً مع حق جميع الأشخاص في المشاركة في الحياة الثقافية.
182- وتطلب اللجنة إدراج معلومات في التقرير الدوري الثالث عن السوابق القضائية ذات الصلة، التي من شأنها أن تساعدها في تقييمها لإعمال جميع الحقوق المنصوص عليها في العهد. وتطلب أيضاً معلومات محددة فيما يتعلق بأية عراقيل يتم مواجهتها في تنفيذ العهد، وتعرب عن أملها في أن يقدم التقرير في الموعد المحدد.
183- وأخيراً تطلب اللجنة من الدولة الطرف أن تسهر على نشر هذه الملاحظات الختامية على نطاق واسع في تونس، وأن تُطلعها في تقريرها الدوري الثالث على التدابير المتخذة لتنفيذ توصيات اللجنة.
_________________________
* جري الاحتفاظ بأرقام الفقرات كما وردت في التقرير.

العودة للصفحة الرئيسية