اللجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية
الدورة السابعة والعشرون (1986)

التعليق العام رقم 15
وضع الأجانب بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

1- كثيرا ما لا تأخذ التقارير الواردة من الدول الأطراف في الاعتبار انه يجب على كل دولة أن تكفل الحقوق الواردة في العهد "لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها" (المادة 2(1)). وبوجه عام، فان الحقوق المبينة في العهد تنطبق على الجميع بصرف النظر عن المعاملة بالمثل. وبصرف النظر عن جنسيتهم أو انعدام جنسيتهم.
2- وبذلك فان القاعدة العامة تقضي بكفالة كل حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد دون تمييز بين المواطنين والأجانب. فالأجانب يستفيدون من شرط عام يتمثل في عدم التمييز على صعيد الحقوق المكفولة في العهد، كما نصت عليه المادة 2 من العهد. وينطبق هذا الضمان على الأجانب والمواطنين على حد سواء. واستثناء، فان بعض الحقوق المعترف بها في العهد لا تنطبق إلا على المواطنين وذلك بصريح النص (المادة 25) في حين لا تنطبق المادة 13 إلا على الأجانب. على أنه يتبين من تجربة اللجنة في دراسة هذه التقارير أن عددا من البلدان ينكر على الأجانب الحقوق الأخرى التي ينبغي أن يتمتعوا بها بموجب العهد أو أن هذه الحقوق تخضع لقيود لا يمكن دائما تبريرها بموجب العهد.
3- وينص عدد قليل من الدساتير على المساواة بين الأجانب والمواطنين. على أن بعض الدساتير الأحدث عهدا تفرق بدقة بين الحقوق الأساسية المنطبقة على الجميع وتلك التي تمنح للمواطنين وحدهم وتتناول كلا منها بالتفصيل. إلا أن الدساتير في كثير من الدول، لا تتناول في صياغتها سوى المواطنين فقط عندما يتعلق الأمر بمنح حقوق معينة. ويجوز أيضا للتشريعات والسوابق القانونية أن تلعب دورا هاما في كفالة حقوق الأجانب، وأبلغت اللجنة بأنه وان كانت الدساتير أو غيرها من التشريعات في بعض الدول لا تمنح الأجانب حقوقا أساسية فسوف يتم مع ذلك توسيع نطاقها لتشملهم كما يقضي العهد. على انه كان هناك تقاعس واضح، في بعض الحالات، في تنفيذ الحقوق الواردة في العهد دون تمييز فيما يتعلق بالأجانب.
4- وترى اللجنة انه ينبغي للدول الأطراف أن تولي اهتماما في تقاريرها لوضع الأجانب في ظل قوانينها وفي الممارسة الفعلية على السواء. ذلك أن العهد يوفر حماية كاملة للأجانب فيما يتعلق بالحقوق المكفولة فيه، وينبغي للدول الأطراف مراعاة لشروطه في تشريعاتها وفي الممارسة حسب الاقتضاء وبذلك يتحسٍن وضع الأجانب تحسينا كبيرا. وينبغي أن تكفل الدول الأطراف أن تكون نصوص العهد والحقوق التي ينص عليها معروفة للأجانب الخاضعين لولايتها.
5- ولا يعترف العهد للأجانب بأي حق في دخول إقليم إحدى الدول الأطراف أو الإقامة فيه. وللدولة من حيث المبدأ أن تقرر من تقبل دخولهم إلى إقليمها. على انه يجوز في ظروف معينة أن يتمتع الأجنبي بحماية العهد حتى فيما يتعلق بالدخول أو الإقامة. عندما تطرح، مثلا، اعتبارات عدم التمييز وحظر المعاملة اللاإنسانية واحترام الحياة الأسرية.
6- ويجوز منح الموافقة على الدخول رهنا بمراعاة الشروط المتعلقة، على سبيل المثال، بالتنقل والإقامة والعمل. ويجوز للدولة أيضا أن تفرض شروطا عامة على الأجنبي المار بأراضيها. على أن الأجانب يتمتعون بالحقوق المنصوص عليها في العهد بمجرد السماح لهم بدخول إقليم دولة طرف فيه.
7- وللأجانب حق في الحياة متأصل، يحميه القانون، ولا يجوز حرمانهم تعسفا من الحياة. ويجب ألا يتعرضوا للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، كما لا يجوز استرقاقهم أو تسخيرهم. فللأجانب الحق الكامل فيما يتمتع به الإنسان من حرية وأمن. فإذا حرموا من حريتهم على نحو قانوني، فيلزم معاملتهم بطريقة إنسانية وباحترام للكرامة المتأصلة في أشخاصهم. ولا يجوز سجن الأجنبي لعدم وفائه بالتزامه التعاقدي. وللأجانب الحق في حرية الحركة والاختيار الحر لمحل السكن، ويتمتع الأجانب بحرية مغادرة البلد، كما يتمتعون بالمساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية. ومن حقهم أن يحاكموا محاكمة عادلة وعلنية من قبل محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة مشكلة حسب القانون وذلك عند البت في أية تهمة جنائية أو حقوق والتزامات في الدعاوى المرفوعة أمام القضاء. ولا يخضع الأجانب لتشريعات جنائية بأثر رجعي، ومن حقهم أن يعترف بما لهم من شخصية قانونية. ولا يجوز أن يخضعوا لتدخل تعسفي أو غير قانوني في خصوصياتهم أو في الشؤون الخاصة بأسرهم أو منازلهم أو مراسلاتهم. ولهم الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، والحق في اعتناق الآراء والتعبير عنها. ويتمتع الأجانب بحق الاجتماع السلمي وحرية تكوين جمعيات. ويجوز لهم الزواج عندما يصلون إلى سن الزواج القانوني. ويحق لأولادهم التمتع بتدابير الحماية التي يقتضيها وضعهم كقصر. وفي الحالات التي يشكل فيها الأجانب أقلية بالمعنى الذي قصدت إليه المادة 27 فلا يجوز حرمانهم من التمتع بالاشتراك مع سائر أفراد جماعتهم بثقافتهم الخاصة والمجاهرة بدينهم الخاص وممارسة شعائره واستخدام لغتهم. ومن حق الأجانب التمتع بالحماية التي يكفلها القانون على قدم المساواة مع غيرهم. ولا يوجد تمييز بين الأجانب والمواطنين في تطبيق هذه الحقوق. ولا يجوز إخضاع حقوق الأجانب هذه لأية قيود غير تلك التي يمكن فرضها قانونا وفقا للعهد.
8- ومتى كان للأجنبي وجود قانوني في الإقليم، لا يجوز تقييد حريته في الحركة داخل الإقليم وحقه في مغادرة ذلك الإقليم إلا طبقا للمادة 12(3). ويلزم تبرير أي تفاوت في المعاملة في هذا الخصوص بين الأجانب والرعايا، أو بين مختلف فئات الأجانب، بموجب المادة 12(3). ونظرا إلى انه يجب أن تكون هذه القيود، في جملة أمور، متمشية مع سائر الحقوق المعترف بها في العهد، فلا يجوز لإحدى الدول الأطراف أن تمنع تعسفا عودة الأجنبي إلى بلده وذلك بإلقاء القبض عليه أو ترحيله إلى بلد ثالث (المادة 12(4)).
9- ولم توفر تقارير كثيرة معلومات كافية عن المسائل المتصلة بالمادة 13. وتنطبق تلك المادة على جميع الإجراءات الرامية إلى إلزام الأجنبي بالرحيل، سواء وصفت في القانون الوطني بأنها طرد أو غير ذلك من الأوصاف. فإذا استتبعت هذه الإجراءات الاعتقال جاز أيضا تطبيق الضمانات التي ينص عليها العهد فيما يتعلق بالحرمان من الحرية (المادتان 9 و10). فإذا كان الغرض من الاعتقال هو التسليم لدولة أخرى جاز تطبيق نصوص قانونية أخرى وطنية ودولية. ويجب عموما أن يسمح لأي أجنبي مطرود بأن يرحل إلى أي بلد يوافق على قبوله فيه. ولا تحمي الحقوق المعينة بالتحديد في المادة 13 إلا أولئك الأجانب الذين يوجدون في إقليم إحدى الدول الأطراف بصورة قانونية. ويعني هذا أن القانون الوطني المتعلق بشروط الدخول والإقامة ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار لدى تحديد نطاق هذه الحماية، وان الذين يدخلون بصورة غير قانونية والأجانب الذين أقاموا فترة أطول مما يسمح به القانون أو تسمح به التراخيص الممنوحة لهم هم على الخصوص غير مشمولين بأحكامه. غير أنه إذا كانت شرعية دخول الأجنبي أو إقامته موضع نزاع، فان أي قرار بهذا الشأن يؤدي إلى طرده أو ترحيله ينبغي أن يتخذ وفقا للمادة 13. ويترك للسلطات المختصة في الدولة الطرف أن تعمل بحسن نية وفي نطاق ممارستها لصلاحياتها على تطبيق القانون المحلي وتفسيره مراعية مع ذلك الالتزامات التي ينص عليها العهد، ولا سيما مبدأ المساواة أمام القانون (المادة 26).
10- وتنظم المادة 13 بصورة مباشرة إجراءات الطرد فقط وليس أسبابه الموضوعية. غير أنها بعدم سماحها إلا بإجراءات الطرد التي تنفذ طبقا "لقرار اتخذ وفقا للقانون"، يكون غرضها بوضوح هو منع حالات الطرد التعسفي. ومن ناحية أخرى تخول هذه المادة لكل أجنبي الحق في أن يتخذ قرار في قضيته الخاصة، ومن ثم لا تنسجم المادة 13 مع القوانين أو القرارات التي تنص على الطرد الجماعي أو الطرد بالجملة. وهذا الفهم، في رأي اللجنة، تؤكده أحكام أخرى تتعلق بحق الأجنبي في تقديم أسباب ضد الطرد، وفي أن يعاد النظر في القرار من قبل السلطة المختصة أو من تعينه، وفي أن يمثل أمامها أو أمامه. ويجب أن تعطى للأجنبي جميع التسهيلات اللازمة لمتابعة إجراءات انتصافه من الطرد حتى يكون هذا الحق في جميع ظروف حالته فعالا. ولا يمكن الخروج عن المبادئ التي تقضي بها المادة 13 والمتصلة بالطعن في الطرد والحق في إعادة النظر من قبل سلطة مختصة إلا متى اقتضت ذلك "أسباب اضطرارية تتعلق بالأمن القومي". ولا يجوز التمييز بين مختلف فئات الأجانب عند تطبيق المادة 13.
_______________________
* وثيقة الأمم المتحدة

العودة للصفحة الرئيسية