اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
الدورة العاشرة 1994

بيان بشأن مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية وعلاقته بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

مقدمة
1- تعترف اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالأهمية العامة لنشوء الملكية الفكرية وحيازتها ومراقبتها في إطار عالم اقتصاد يقوم على المعارف، وبالوسائل التي يمكن أن توفرها لتعزيز أو إعاقة التمتع بحقوق الإنسان، لا سيما الحقوق التي يكفلها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتترتب على منح حقوق الملكية الفكرية آثار اقتصادية واجتماعية وثقافية هامة قد تؤثر على التمتع بحقوق الإنسان. وتنعكس أهمية الملكية الفكرية في هذا العصر، بالنسبة لحقوق الإنسان، في تطورين اثنين يتمثل أولهما في اتساع المجالات التي تغطيها أنظمة الملكية الفكرية التي أصبحت تشمل، على سبيل المثال، تسجيل الاختراعات المتعلقة بالكيانات البيولوجية، وأوجه حماية الحقوق المتعلقة بالمطبوعات الرقمية، والمطالبات المتعلقة بالملكية الفكرية الخاصة فيما يتصل بالتراث الثقافي والمعارف التقليدية. ويتمثل التطور الثاني في ظهور قواعد عالمية تخص الملكية الفكرية في النظام التجاري العالمي.
2- واللجنة عازمة على القيام، في أقرب وقت ممكن، بإعداد واعتماد تعليق عام بشأن موضوع الملكية الفكرية وحقوق الإنسان . غير أنها قررت اعتماد هذا البيان كمساهمة أولية منها في النقاش الذي يدور بوتيرة سريعة جدا بشأن مسألة الملكية الفكرية التي لا تزال تحتل مكانة بارزة على جدول الأعمال الدولي. ويقتصر الهدف من هذا البيان على تحديد بعض مبادئ حقوق الإنسان الأساسية المستمدة من العهد والتي يتعين أخذها في الحسبان عند وضع أنظمة الملكية الفكرية المعاصرة وتفسيرها تطبيقها. وسيجري تنقيح هذه المبادئ الأساسية وبلورتها وتطبيقها في تعليق اللجنة العام المقبل بشأن الملكية الفكرية وحقوق الإنسان.1
3- وتنطبق المبادئ الواردة في هذا البيان على التشريعات الوطنية وعلى القواعد والسياسات الدولية المتعلقة بحماية الملكية الفكرية، على حد سواء. وقد لفتت اللجنة الانتباه بوجه خاص إلى مختلف المعاهدات الدولية الخاصة بالملكية الفكرية والتي تديرها المنظمة العالمية للملكية الفكرية، فضلا عن الاتفاق المتعلق بجوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة (اتفاق تريبس) المعتمد في إطار منظمة التجارة العالمية، والذي يحدد المعايير الدنيا لحماية حقوق الملكية الفكرية وإنفاذها. كما يمكن الإحالة أيضا إلى مواد ذات صلة ترد في معاهدات أخرى مثل اتفاقية التنوع البيولوجي لعام 1992. وتذكّر اللجنة، في هذا الخصوص، بما سبق أن صدر عنها من بيانات ركزت فيها على أن مجالات التجارة والتمويل والاستثمار غير معفاة البتة من مراعاة مبادئ حقوق الإنسان وأن "على المنظمات الدولية التي تضطلع بمسؤوليات محددة في هذه الميادين أن تلعب دوراً إيجابيا وبناء فيما يتصل بحقوق الإنسان".2
4- وتقتضي الفقرة (1) (ج) من المادة 15 من العهد، والمادة 27 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حماية المصالح المعنوية والمادية للمؤلفين في أعمالهم. وترى اللجنة أنه يتعين مراعاة التوازن بين حقوق الملكية الفكرية والحق في المشاركة في الحياة الثقافية (الفقرة 1 (أ) من المادة 15) وحق التمتـع بمزايا التقدم العلمي وبتطبيقاته (الفقرة 1 (ب)). وعلاوة على ذلك، تقتضي الفقرة 2 من المادة 15 من العهد أن تتخذ الدول الأطراف الخطـوات الضرورية لصـون وتطوير ونشر العلم والثقافة. ولضمان الاتساق مع نهج يستند إلى حقوق الإنسان، يتعين أن تفضي أنظمة الملكية الفكرية إلى تحقيق هذه الأهداف. وبناء عليه، تشجع اللجنة وضع أنظمة للملكية الفكرية وإعمال حقوق الملكية الفكرية بصورة متوازنة تحقق الهدف المتمثل في توفير الحماية للمصالح المعنوية والمادية للمؤلفين، وتؤدي في الوقت نفسه إلى تعزيز التمتع بهذه الحقوق وحقوق الإنسان الأخرى. وأخيراً، فإن الملكية الفكرية هي نتاج اجتماعي ولها وظيفة اجتماعية. والهدف الذي ينبغي أن تفضي حماية الملكية الفكرية إلى تحقيقه هو هدف رفاهية الإنسان الذي تشكل الصكوك الدولية لحقوق الإنسان التعبير القانوني عنه.
عالمية حقوق الإنسان وترابطها وعدم قابليتها للتجزئة
5- إن حقوق الإنسان مستمدة من الكرامة والقيمة المتأصلتين في جميع الناس، مع اعتبار الفرد الموضوع المحوري لحقوق الإنسان والمستفيد الأول منها.3 وتُستمَد الضمانات المعنوية والقانونية للحريات الأساسية وسبل الحماية والتمتع بالحقوق من احترام الناس لأنفسهم ومن كرامتهم، كما أن هذه الضمانات تدعم هذا الاحترام وهذه الكرامة. ولذلك، فالحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية كلُّها، فضلا عن الحق في التنمية، هي حقوق ذات صلة بأنظمة الملكية الفكرية. ومراعاة للانسجام مع الالتزامات باحترام حقوق الإنسان الدولية، يتعين على أنظمة الملكية الفكرية تعزيز جميع حقوق الإنسان واحترامها، بما فيها كل الحقوق التي يضمنها العهد.
6- إن اعتبار الفرد الموضوع المحوري لحقوق الإنسان والمستفيد الأول منها يميز بين حقوق الإنسان، بما فيها حق المؤلفين في المصالح المعنوية والمادية المترتبة على أعمالهم، والحقوق القانونية التي تعترف بها أنظمة الملكية الفكرية. فحقوق الإنسان هي حقوق أساسية لا يمكن التصرف فيها، وهي حقوق عالمية تخص الأفراد، كما تخص الجماعات من الأفراد والمجتمعات في بعض الحالات. وتعد حقوق الإنسان أساسية لأنها مستمدة من شخص الإنسان في حد ذاته، في حين أن حقوق الملكية الفكرية المستمدة من أنظمة الملكية الفكرية تؤدي دوراً فعالاً باعتبارها وسيلة تسعى الدول من خلالها إلى توفير حوافز للابتكار والإبداع اللذين يستفيد منهما المجتمع. وعلى العكس من حقوق الإنسان، تتسم حقوق الملكية الفكرية بصورة عامة بطابع مؤقت، ومن الممكن إلغاؤها، أو الترخيص بها أو تحويلها لصالح شخص آخر.4 وفي حين أن حقوق الملكية الفكرية يمكن أن تخصص لأشخاص بعينهم وأن تكون محددة من حيث الزمن والنطاق، كما ويمكن المتاجَرة بها وتعديلها بل حتى سحبها، فإن حقوق الإنسان هي تعبير غير محدود زمنياً عن حقوق الكائن البشري. وفي حين أن حقوق الإنسان مكرَّسة لضمان مستويات مرضية لرعاية الإنسان ورفاهيته، فإن أنظمة الملكية الفكرية تركز تركيزاً متزايداً على حماية الأعمال والمصالح التجارية والاستثمارات رغم أنه من المتعارف عليه أنها توفر الحماية للأفراد من المؤلفين والمبدعين. يضاف إلى ذلك أن نطاق حماية المصالح المعنوية والمادية للمؤلف المنصوص عليها في الماد 15 من العهد لا يتطابق بالضرورة مع ما يسمى بحقوق الملكية الفكرية في التشريعات الوطنية أو الاتفاقات الدولية.
المساواة وعدم التمييز
7- تستند حقوق الإنسان إلى المساواة بين جميع الناس ومعاملتهم معاملة متساوية أمام القانون. ولذلك، فإن صكوك حقوق الإنسان الدولية تركز بقوة على الحماية من التمييز. فالفقرة 2 من المادة 2 والمادة 3 من العهد تنصان على أن تتعهد الدول الأطراف بأن تضمن ممارسة الحقوق الواردة في العهد دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي، سياسيا كان أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب أو غير ذلك من الأسباب، وأن تضمن المساواة بين الرجال والنساء في حق التمتع بكل الحقوق الواردة في العهد.
8- ويركز النهج المستنِد إلى حقوق الإنسان، بصورة خاصة، على احتياجات أشدّ الأفراد والمجتمعات حرماناً وتهميشا. ولأن أي حق من حقوق الإنسان هو حق عالمي، فإن إعماله يقيَّم بصفة خاصة على أساس مدى ما يعود به من فائدة لصالح من هم أشد حرماناً وتهميشا ومدى شموله لهم بنفس المستوى من الحماية الأساسية. ولذلك ينبغي للدول وغيرها من الأطراف الفاعلة، عند إقرارها لأنظمة الملكية الفكرية، إيلاء عناية خاصة على الصعيدين الوطني والدولي لتوفير الحماية الكافية لحقوق الإنسان لأشد الأفراد والجماعات حرماناً وتهميشا، مثل الشعوب الأصلية (انظر بيان اللجنة بشأن الفقر والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، المرفق السابع أعلاه ، المرفق السابع أعلاه، الفقرة 11).
المشاركة
9- يشتمل القانون الدولي لحقوق الإنسان على حق كل فرد في أن يستشارَ وأن يشارك في عمليات صنع القرارات المهمة التي تعنيه. وينعكس حق المشاركة في العديد من الصكوك الدولية، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الفقرة 1 من المادة 13)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 25)، فضلا عن إعلان الحق في التنمية (الفقرة 3 من المادة 2). ولذلك فاللجنة تدعم المشاركة الفعالة والمستنيرة لكل من تعنيهم أنظمة الملكية الفكرية.
المساءلة
10- تؤكد اللجنة مرة أخرى موقفها الوارد في بيانها بشأن الفقر والعهد ومفاده أنه " أنه يلزم لإعمال الحقوق والالتزامات توافر عنصر المساءلة: فبدون نظام للمساءلة تصبح الحقوق والالتزامات مجردة من أي معنى" (الفقرة 14). وبينما تتحمل الدولة بالدرجة الأولى مسؤولية احترام حقوق الإنسان وحمايتها وإعمالها، فإن هناك التزامات تقع على عاتق أطراف فاعلة أخرى، بما فيها الأطراف غير الحكومية والمنظمات الدولية، وهي التزامات يجب إخضاعها لفحص دقيق. ولذلك، فالحماية اللازمة لحقوق الإنسان تحتاج إلى توفر آليات مساءلة ميسرة وشفافة وفعالة لضمان احترام هذه الحقوق وتمكين الضحايا، في حالة عدم احترام حقوقهم، من اللجوء إلى سبل تكفل إنصافهم. ويتطلب نهج الملكية الفكرية الذي يستند إلى حقوق الإنسان خضوع كل المعنيين للمساءلة عن التزاماتهم بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وذلك فيما يتعلق تحديداً باعتماد أنظمة الملكية الفكرية وتفسيرها وتنفيذها.
الالتزامات القانونية العامة
11- تجدر الإشارة، في سياق الملكية الفكرية، إلى أنه بينما ينص العهد على الإعمال التدريجي للحقوق ويعترف بالقيود المتمثلة في محدودية الموارد المتاحة، فإنه يفرض على الدول الأطراف أيضا التزامات متنوعة لها أثر فوري، بما فيها الالتزامات الأساسية.5 والإعمال التدريجي من جانب الدول الأطراف لالتزاماتها على مدى فترة زمنية لا ينبغي تفسيره على أنه يجرد التزامات الدول الأطراف من معناها . بل إن الإعمال التدريجي يعني أن على الدول الأطراف التزاما محدداً ومستمراً بأن تتحرك بأكبر قدر ممكن من السرعة والفعالية نحو إعمال جميع الحقوق المجسدة في العهد إعمالاً تاماً. ولذلك، تود اللجنة أن تشدد على أن أنظمة الملكية الفكرية، الوطنية منها والدولية، يجب أن تكون متسقة مع التزامات الدول الأطراف، وذلك لضمان الإعمال التدريجي للتمتع الكامل بجميع الحقوق الواردة في العهد. وعلاوة على ذلك، تُحثّ جميع الأطراف على ضمان مساهمة أنظمة الملكية الفكرية، بصورة عملية وأساسية، في الإعمال الكامل لجميع الحقوق الواردة في العهد.
الالتزامات الأساسية
12- ينبغي التذكير أيضا، في هذا الصدد، بأن اللجنة أكدت، في الفقرة 10 من تعليقها العام رقم 3 (1990) بشأن طبيعة التزامات الدول الأطراف (الفقرة 1 من المادة 2 من العهد)، أن على الدول الأطراف "التزاما أساسيا بالعمل، على أقل تقدير، على ضمان توفير المستويات الأساسية الدنيا لكل حق من الحقوق" المنصوص عليها في العهد. وتلاحظ اللجنة أنه بدون هذا الالتزام الأساسي، يكون العهد "قد جُرد إلى حد كبير من سبب وجوده". وفي عهد أقرب، شرعت اللجنة في تحديد الالتزامات الأساسية التي تثيرها مسألة "المستويات الأساسية الدنيا فيما يتعلق بالحق في الصحة والغذاء والتعليم".6 وتود اللجنة أن تؤكد أن أي نظام من أنظمة الملكية الفكرية يزيد من صعوبة امتثال الدولة الطرف لالتزاماتها الأساسية فيما يخص إعمال الحق في الصحة والغذاء والتعليم بصفة خاصة، أو أي حق آخر وارد في العهد، يعتبر نظاماً غير منسجم مع التعهدات الملزمة للدولة الطرف بموجب القانون.
التعاون والمساعدة الدوليان
13- كما أكدت اللجنة في الفقرة 45 من تعليقها العام رقم 14 (2000) بشأن الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه (المادة 12 من العهد)، فإن من واجب كل أولئك الذين هم في وضع يسمح لهم بتقديم المساعدة أن يقدموا "المساعدة والتعاون الدوليين، لا سيما في المجال الاقتصادي والتقني" (الفقرة 1 من المادة 2 من العهد)، لتمكين البلدان النامية من الوفاء بالتزاماتها الأساسية بموجب العهد. وبناء عليه، فمن واجب الدول المتقدمة وغيرها من الأطراف الفاعلة التي هي في وضع يسمح لها بتقديم المساعدة، أن تضع أنظمة دولية للملكية الفكرية تُمكّن الدول النامية من الوفاء، على الأقل، بالتزاماتها الأساسية إزاء من يخضع لولايتها القضائية من الأفراد والجماعات. وفي هذا الصدد، تحيل اللجنة الدول إلى الفقرات 15-18 من بيانها بشأن الفقر والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
14- ويُلزم ميثاق الأمم المتحدة كل الأمم بإقامة نظام دولي منصف وعادل يشجع على تحقيق السلم والتضامن والتقدم الاجتماعي ومستويات معيشية أفضل لصالح كل الأمم الكبيرة منها والصغيرة. وتنص المادة 28 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكل فرد حق التمتع بنظام اجتماعي ودولي يمكن أن تتحقق في ظله الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان تحققا تاما. كما أن الفقرة 1 من المادة 2 والمادة 23 من العهد تنصان على أنه ينبغي للدول الأطراف أن تشارك في التعاون الدولي بغرض الإعمال التدريجي للحقوق المجسدة في العهد. وتعترف الفقرة 4 من المادة 15 من العهد بالفوائد التي يمكن تُجنى من خلال تشجيع الاتصالات والتعاون على المستوى الدولي في ميداني العلم والثقافة.7
15- وتلاحظ اللجنة أن البلدان تتمتع بمستويات مختلفة من التنمية تنجم عنها احتياجات تكنولوجية مختلفة. ففي حين أن بعض البلدان قد تركّز على حماية التكنولوجيا، فقد تركز بلدان أخرى تركيزاً أكبر على تيسير الوصول إلى هذه التكنولوجيا. ومن الأمور الأساسية أن تسهل أنظمة الملكية الفكرية وتعزَّز التعاونَ الإنمائي، ونقل التكنولوجيا، والتعاون العلمي والثقافي. وليس من الضروري أن تكون القواعد الدولية المتعلقة بالملكية الفكرية موحَّدة إذا كان ذلك يؤدي إلى أشكال من الحماية للملكية الفكرية لا تتناسب مع الأهداف الإنمائية. ولذلك تشجع اللجنة على اعتماد وتنفيذ آليات دولية فعالة للمعاملة الخاصة والتفاضلية للبلدان النامية فيما يتعلق بحماية الملكية الفكرية.
تقرير المصير
16- تنص الفقرة 2 من المادة 1 من العهد على أن "لجميع الشعوب، سعيا وراء أهدافها الخاصة، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي". وتعد السيادة الوطنية على الثروات والموارد شرطاً مسبقاً لتعزيز وحماية حقوق الإنسان بشكل فعّال. ولدى التفاوض على المعاهدات الدولية بشأن الملكية الفكرية والانضمام إليها، على الدول النظر في كيفية تأثير ذلك في سيادتها على ثرواتها ومواردها وبالتالي في قدرتها على تأمين الحقوق المنصوص عليها في العهد.
تحقيق التوازن
17- تتناول المادة 15 من العهد ضرورة تحقيق التوازن في حماية المصالح العامة والخاصة المتعلقة بالمعرفة. فمن ناحية، تعترف الفقرة 1 (أ) من هذه المادة بحق كل فرد في المشاركة في الحياة الثقافية والتمتع بمزايا التقدم العلمي وبتطبيقاته. ومن ناحية أخرى، تعترف الفقرة 1 (ج) من المادة نفسها بحق كل فرد في أن يفيد من حماية المصالح المعنوية والمادية الناجمة عن أي أثر علمي أو أدبي أو فني من صنعه. وعند اعتماد ومراجعة أنظمة الملكية الفكرية، يتعين على الدول أن تأخذ في الحسبان ضرورة تحقيق التوازن بين هذه الأحكام المتلازمة التي ينص عليها العهد. وفي إطار الجهد المبذول لإتاحة حوافز للإبداع والابتكار، ينبغي ألا تمنح المصالح الخاصة مزايا بغير وجه حق، ويتعين إيلاء الاعتبار الواجب للمصالح العامة المتمثلة في الوصول إلى المعارف. وتلاحظ اللجنة أن من بين الأمثلة على ضرورة تحقيق هذا التوازن ما جاء في الإعلان الصادر مؤخراً بخصوص اتفاق أنظمة الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة "تريبس" والصحة العامة8 (الفقرة 3)، الذي يعترف بأهمية حماية الملكية الفكرية بالنسبة لاختراع أدوية جديدة، لكنه يعترف في الوقت نفسه بما تثيره هذه الحماية من مخاوف من حيث تأثيرها على الأسعار.
خاتمة
18- ترى اللجنة أن من الأهمية الأساسية إدماج معايير حقوق الإنسان الدولية في عملية سَن وتفسير قانون الملكية الفكرية. ولذلك يجب على الدول الأطراف ضمان مراعاة الأبعاد الاجتماعية للملكية الفكرية، وفقا لما تعهدت به من التزامات دوليه في مجال حقوق الإنسان. ويعد الالتزام الصريح في هذا الشأن وإنشاء آلية لمراجعة أنظمة الملكية الفكرية من منظور حقوق الإنسان خطوتين هامتين نحو تحقيق هذا الهدف.
19- ومن الضروري أيضا أن تدمج المنظمات الحكومية الدولية الالتزامات والمبادئ الدولية في مجال حقوق الإنسان في سياساتها وممارستها وعملياتها. وإدراكاً منها للأهمية البعيدة المدى لعملية إدماج حقوق الإنسان لدى وضع أنظمة للملكية الفكرية ولتعقد هذه العملية، تؤكد اللجنة استعدادها لمناقشة القضايا الواردة في هذا البيان مع الجهات المعنية بالأمر وكذلك لمساعدة الدول الأطراف والمنظمات الحكومية الدولية في هذه العملية.
_______________________
* وثيقة الأمم المتحدة E/2002/22، المرفق الثالث عشر.
- اعتمدته اللجنة خلال أعمال دورتها السابعة والعشرين (الجلسة التاسعة والسبعون) في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2001.
1- نظمت اللجنة في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2000 يوما للمناقشة العامة بشأن الفقرة 1 (ج) من المادة 15 من العهد التي تنص على حق كل فرد في أن يفيد من حماية المصالح المعنوية والمادية الناجمة عن أي أثر علمي أو فني أو أدبي من صنعه، وهي المناقشة التي استندت إليها اللجنة في صياغة تعليق عام.
2- بيان اللجنة بشأن العولمة وأثرها على التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (انظر E/1999/22-E/C.12/1998/26، الفصل السادس، الفقرة 515).|
3- انظر مثلا ديباجة كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وانظر أيضا الفقرة الثانية من ديباجة إعلان وبرنامج عمل فيينا اللذين اعتمدهما المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في حزيران/يونيه 1993 (A/CONF.157/24 (Part I)، الفصل الثالث).
4- تقرير مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان المعنون "تأثير الاتفاق المتعلق بجوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة في حقوق الإنسان" (E/CN.4/Sub.2/2001/13، الفقرة 14).
5- انظر، على سبيل المثال، التعليقات العامة للجنة رقم 3 (1990) بشأن طبيعة التزامات الدول الأطراف (الفقرة 1 من المادة 2 من العهد)، ورقم 9 (1998) بشأن التطبيق المحلي للعهد، ورقــم 13 (1999) بشأن الحق في التعليم (المادة 13 من العهد) (الفقرتان 43 و44)، ورقم 14 (2000) بشأن الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه (المادة 12 من العهد) (الفقرات 30-32).
6- التعليقات العامة رقم 12 (1999) بشأن الحق في الغذاء الكافي (المادة 11 من العهد)، ورقم 13 (1999)، ورقم 14 (2000).
7- يستخدم العهد (في الفقرة 1 من المادة 2، والفقرة 2 من المادة 11، والفقرة 4 من المادة 15، والمادتـين 22 و23) عبارة "المساعدة والتعاون الدوليين" أو عبارات مماثلة.
8- اعتمده المؤتمر الوزاري الرابع لمنظمة التجارة العالمية، المعقود في الدوحة، في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2001 (WT/MIN(01)/DEC/2).

العودة للصفحة الرئيسية