المحكمة الدستورية العليا المصرية

 

الدعوى رقم 195 لسنة 20 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

مبادئ الحكم

 

عدم سريان القانون بأثر رجعي

من المقرر أن أحكام القوانين لا تجري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها، ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها - في غير المواد الجنائية - ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، ويقُصد بالقانون - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - القانون بمعناه الموضوعي، محدداً على ضوء النصوص التشريعية التي تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي تقرها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية عملا بالتفويض المقرر لها لتقرير القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها. وتسري القاعدة القانونية اعتباراً من تاريخ العمل بها على الوقائع التي تتم في ظلها وحتى إلغائها، فإذا حلت محل القاعدة القديمة قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لكل من القاعدتين، وتظل المراكز القانونية التي اكتمل تكوينها وترتبت آثارها في ظل القانون القديم، خاضعة لحكمه وحده.

 

مبدأ المساواة

وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - لا يعني أن تُعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة. كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادة 40 من الدستور، بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه بموجبها هو ما يكون تحكميا، ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصوداً لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يعتبر هذا التنظيم ملبيا لها. وتعكس مشروعية هذه الأغراض إطاراً للمصلحة العامة التي يسعى المشرع لبلوغها متخذاً من القواعد القانونية التي يقوم عليها هذا التنظيم سبيلاً إليها. فإذا كان النص التشريعي - بما انطوى عليه من تمييز - مصادماً لهذه الأغراض مجافيا لها بما يحول دون ربطه بها، أو اعتباره مدخلاً لها؛ فإن هذا النص يكون مستنداً إلى أسس غير موضوعية ومتبنياً تمييزاً تحكمياً بالمخالفة لنص المادة 40 من الدستور.

 

 

الدعوى رقم 195 لسنة 20 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

نص الحكم

 

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 1 يناير سنة 2000م الموافق 24 رمضان سنة 1420هـ.

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال

رئيس المحكمة

وحضور السادة المستشارين/ فاروق عبد الرحيم غنيم وحمدي محمد علي والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور.

أعضاء

وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق

رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن

أمين السر

صدرت الحكم الآتي

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 195 لسنة 20 قضائية "دستورية"

المقامة من

السيد/ ...

ضد

1- السيد/ رئيس مجلس الوزراء

2- السيد/ وزير التعليم

3- السيد/ رئيس جامعة القاهرة

4- السيد/ عميد كلية طب الأسنان بجامعة القاهرة

الإجراءات

بتاريخ الرابع عشر من أكتوبر سنة 1998، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبا الحكم بعدم دستورية نص المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم 370 لسنة 1989 فيما تضمنه من سريان حكم الفقرة الثانية من المادة 85 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات على الطلاب المقيدين والذين يتم قيدهم بالصف الأول أو الإعدادي اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القرار.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تخلص في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 963 لسنة 51 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ضد المدعى عليه الثاني وآخرين طالباً الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر بتقدير درجاته على أساس المجموع الكلي للدرجات التي حصل عليها في جميع سنوات دراسته الجامعية، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها حساب تقديره في البكالوريوس على أساس الدرجات التي حصل عليها في السنة النهائية وحدها؛ وفى الموضوع بإلغاء القرار المذكور. وقال المدعى شرحا لدعواه أنه بتاريخ 7/10/1996 صدرت نتيجة امتحان كلية طب الأسنان بجامعة القاهرة متضمنة نجاحه في البكالوريوس بتقدير مقبول بنسبة مقدارها 64.75% استناداً إلى حساب تقديره العام على أساس المجموع الكلى للدرجات التي حصل عليها في كل السنوات الدراسية تطبيقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 85 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات بعد تعديلها بقرار رئيس الجمهورية رقم 370 لسنة 1989؛ حال أنه قُيِّد بالصف الإعدادي بالكلية في سبتمبر عام 1988؛ ويسرى في شأنه الحكم الوارد بالنص المشار إليه قبل تعديله بما مؤداه حساب تقديره العام على أساس ما حصل عليه في السنة النهائية وحدها وهو تقدير "جيد". ولدى نظر الشق الموضوعي من الدعوى، دفع المدعي بعدم دستورية المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم 370 لسنة 1989 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات فيما تضمنته من سريان حكم الفقرة الثانية من المادة 85 من ذات اللائحة على الطلاب المقيدين بالصف الأول أو الإعدادي قبل تاريخ العمل بهذا القرار، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.

وحيث إن البين من قانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972 أنه عَهِدَ بنص المادة 167 منه إلى اللائحة التنفيذية بتنظيم بعض المسائل، ومن بينها مواعيد بدء الدراسة وانتهائها، والأسس العامة التي تشترك فيها نظم الامتحان وفرصه وتقديراته. وإعمالاً لحكم المادة 196 من ذات القانون، أصدر رئيس الجمهورية قراره رقم 809 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، متضمنا نص المادة 85 التي كانت تنص على أن:

"يقدر نجاح الطالب في درجة الليسانس أو البكالوريوس بأحد التقديرات الآتية:

ممتاز مع مرتبة الشرف - جيد جداً مع مرتبة الشرف - ممتاز - جيد جداً - جيد - مقبول.

ويمنح الطالب مرتبة الشرف إذا كان تقديره النهائي (ممتاز) أو (جيد جداً) وعلى ألا يقل تقديره العام في أية فرقة من فرق الدراسة عدا الفرقة الإعدادية عن جيد جداً.

وبتاريخ الثالث عشر من سبتمبر سنة 1989 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 370 لسنة 1989 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات مستبدلاً بنص المادة 85 سالفة الذكر نصا جديدا كالتالي:

"يقدر نجاح الطالب في درجة الليسانس أو البكالوريوس بأحد التقديرات الآتية:

ممتاز - جيد جداً - جيد - مقبول.

ويحسب التقدير العام للطلاب في درجة الليسانس أو البكالوريوس على أساس المجموع الكلي للدرجات التي حصلوا عليها في كل السنوات الدراسية، كما يتم ترتيبهم وفقا لهذا المجموع.

ويمنح الطالب مرتبة الشرف إذا كان تقديره النهائي ممتاز أو جيد جداً..."

ونص هذا القرار في مادته الثالثة - المطعون عليها - على أن "ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية، ويعمل به من تاريخ نشره وذلك عدا الفقرة الثانية من المادة 85 فلا يسري حكمها إلا على الطلاب المقيدين والذين يتم قيدهم بالصف الأول أو الإعدادي اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القرار". وقد نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية بتاريخ 21/9/1989.

ومفاد ما تقدم أن المشرع - وبدءاً من تاريخ العمل بأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 370 لسنة 1989 - استحدث حكما جديدا لحساب التقدير العام للطلاب في الليسانس أو البكالوريوس مؤداه أن يتم حساب ذلك التقدير على أساس المجموع الكلى للدرجات التي حصلوا عليها في كل السنوات الدراسية، وأن يتم ترتيبهم في كشوف النجاح وفقا لهذا المجموع.

وحيث إن المدعي ينعى على نص المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم 370 لسنة 1989 أنه فيما قضى به من سريان حكم الفقرة الثانية من المادة 85 على الطلاب المقيدين والذين يتم قيدهم بالصف الأول أو الإعدادي اعتباراً من تاريخ العمل بأحكامه في 21/9/1989، يكون قد تضمن أثراً رجعيا بالمخالفة لنص المادة 187 من الدستور والتي تقضي بألا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها؛ فضلاً عن أنه إذ أطلق تطبيق حكمه على الطلبة المقيدين في الصف الأول أو الإعدادي دون تمييز بين الطلبة المقيدين حديثا والطلبة المقيدين في العام السابق والذين بقوا للإعادة، فإنه يكون قد خالف التطبيق السليم لمبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليه في المادة 40 من الدستور، إذ أن هذا المبدأ يفترض أن يكون هناك تماثل في المراكز القانونية، فإذا انعدم التماثل كليا أو جزئيا تخلف مناط إعمال المبدأ المشار إليه.

وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن من المقرر أن أحكام القوانين لا تجري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها، ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها - في غير المواد الجنائية - ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، ويقُصد بالقانون - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - القانون بمعناه الموضوعي، محدداً على ضوء النصوص التشريعية التي تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي تقرها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية عملا بالتفويض المقرر لها لتقرير القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها. وتسري القاعدة القانونية اعتباراً من تاريخ العمل بها على الوقائع التي تتم في ظلها وحتى إلغائها، فإذا حلت محل القاعدة القديمة قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لكل من القاعدتين، وتظل المراكز القانونية التي اكتمل تكوينها وترتبت آثارها في ظل القانون القديم، خاضعة لحكمه وحده. متى كان ذلك، وكانت المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم 370 لسنة 1989 - المطعون فيها - قد نصت على سريان حكم الفقرة الثانية من المادة 85 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات - بعد تعديلها بنص المادة الأولى من ذات القرار - اعتبارا من تاريخ نشره في 21/9/1989، فإنها لا تكون منطوية على أي أثر رجعي، بل مستصحبة الأصل في القوانين الذي رددته المادة 187 من الدستور، وهو سريانها بأثر مباشر على ما يقع من تاريخ العمل بها، وعدم جريان آثارها فيما وقع قبلها.

وحيث إن حساب التقدير العام للطلاب في الليسانس أو البكالوريوس أضحى يتم على أساس المجموع الكلي للدرجات التي حصلوا عليها في كل سني دراستهم الجامعية، متى كانوا مقيدين أو تم قيدهم بالصف الأول أو الإعدادي في تاريخ نفاذ التعديل الذي أدخله المشرع على المادة 85 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات والذي يتحدد بتاريخ العمل به في 21/9/1989، بما مؤداه أنه مادام الطالب مقيدا في هذا التاريخ في الصف الأول أو الإعدادي سواء كان ذلك لأول مرة أو كان باقيا للإعادة في أحدهما لرسوبه في كل المواد الدراسية أو بعضها ولم ينتقل بعد إلى الصف التالي، فإنه يكون مخاطبا بالقاعدة القانونية الجديدة والتي يخضع لحكمها كل شاغلي المراكز القانونية التي أدركتها وهي ما تزال في دور التكوين. ولما كان المركز القانوني للطالب الباقي للإعادة في الصف الأول أو الإعدادي لم يكتمل بعد، فإنه يسري في شأنه الحكم الذي استحدثه المشرع لقياس المقدرة التعليمية للطلاب في مرحلة التعليم الجامعي على أساس حساب التقدير العام لهم طبقا للمجموع الكلي للدرجات التي حصلوا عليها في كل سني الدراسة الجامعية.

وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة، وكان جوهر السلطة التقديرية يتمثل في المفاضلة التي يجريها المشرع بين البدائل المختلفة لاختيار ما يقدر أنه أنسبها لمصلحة الجماعة، وأكثرها ملاءمة للوفاء بمتطلباتها في خصوص الموضوع الذي يتناوله بالتنظيم؛ وكان التعليم من أكثر المهام خطرا، وأعمقها اتصالا بإعداد أجيال تكون قادرة - علما وعملاً - على أن ترقى بمجتمعها، وانطلاقا من المسئولية التي تتحملها الدولة في مجال إشرافها عليه - على ما تقضي به المادة 18 من الدستور - فإنه أصبح لزاماً عليها أن تراجع دوماً العملية التعليمية وبرامجها، تنقية لها من شوائب علقت بها لكي تكون أكثر فائدة وأعم نفعاً، أو إبدالها بغيرها كلما كان ذلك ضروريا لتطوير بنيانها، دونما احتجاج بوجود حق مكتسب للطالب في أن يعامل وفقا لقواعد معينة دلت التجربة العملية على عدم صلاحيتها. متى كان ما تقدم، وكان تنظيم المشرع للحق في التعليم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير مقيد بصور بذاتها تمثل أنماطاً جامدة لا يجوز التعديل أو التبديل فيها، وكان من غير الملائم أن تقاس المقدرة العلمية للطلبة في مرحلة التعليم الجامعي - وقوامها بحث علمي دؤوب وابتكار خلاق - على ما بذلوه من جهد في سنة دراسية واحدة، هي سنتهم النهائية - ولو كانوا أقل جهداً ومثابرة قبلها، ليقدمهم هذا الجهد - خلال هذه الفترة المحدود زمنها - على أقرانهم ممن أعدوا لدراستهم عدتها على امتداد سنواتها، وأصابوا من نتائجها - في مجموعها - ما يدل على تفوقهم؛ وكان ما توخاه النص الطعين بسريان التعديل الذي أدخله على المادة 85 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات اعتبارا من تاريخ العمل به، هو ألا يكون جهد طلبتها منحصرا في سنة جامعية بذاتها، بل عملا متصلا يستنهض عزائمهم ويثير هممهم على امتداد سني دراستهم، وكان نفاذ هذا التعديل مرتبطا بمن كانوا في أولى مراحلها عند العمل به، فإنه يكون مندرجاً في إطار سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق، ويكون النعي بمخالفته للدستور، مفتقرا إلى دعامته.

وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - لا يعني أن تُعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة. كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادة 40 من الدستور، بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه بموجبها هو ما يكون تحكميا، ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصوداً لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يعتبر هذا التنظيم ملبيا لها. وتعكس مشروعية هذه الأغراض إطاراً للمصلحة العامة التي يسعى المشرع لبلوغها متخذاً من القواعد القانونية التي يقوم عليها هذا التنظيم سبيلاً إليها. فإذا كان النص التشريعي - بما انطوى عليه من تمييز - مصادماً لهذه الأغراض مجافيا لها بما يحول دون ربطه بها، أو اعتباره مدخلاً لها؛ فإن هذا النص يكون مستنداً إلى أسس غير موضوعية ومتبنياً تمييزاً تحكمياً بالمخالفة لنص المادة 40 من الدستور. إذ كان ذلك، وكان ما قرره النص الطعين من سريان حكم الفقرة الثانية من المادة 85 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات فيما استحدثه من حساب التقدير العام للطلاب في الليسانس أو البكالوريوس على أساس المجموع الكلى للدرجات التي حصلوا عليها في كل السنوات الدراسية؛ على الطلاب المقيدين والذين يتم قيدهم بالصف الأول أو الإعدادي في تاريخ العمل بأحكامه في 21/9/1989، مبناه قاعدة عامة مجردة لا تقيم في مجال سريانها تمييزا بين المخاطبين بها، بل تنتظمهم جميعا أحكامها التي ربطها المشرع بمصلحة عامة تتمثل في قياس المقدرة العلمية للطلبة في مرحلة التعليم الجامعي من واقع ما بذلوه من جهد على امتداد سني دراستهم الجامعية، سواء من كان منهم مقيدا بالصف الأول أو الإعدادي في 21/9/1989 لأول مرة، أو من كان باقيا بذات الصف في التاريخ المشار إليه لرسوبه في كل المواد الدراسية أو بعضها؛ فإن النعي على النص الطعين بمخالفة المادة 40 من الدستور يكون منتحلاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

 

العودة للصفحة الرئيسية