المحكمة الدستورية العليا المصرية

 

قضية رقم 18 لسنة 5 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

 مبادئ الحكم: حقوق - لجان إدارية - مبدأ المساواة

نص الحكم
باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة 6 يونيه سنة 1987 م

برئاسة السيد المستشار/ محمد علي بليغ

رئيس المحكمة

والسادة المستشارين/ محمود حمدي عبد العزيز وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبد المجيد ومحمد كمال محفوظ والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وواصل علاء الدين

أعضاء

وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة

المفوض

وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد

أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 18 لسنة 5 قضائية "دستورية".

الإجراءات

بتاريخ 21 فبراير سنة 1983 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبا الحكم بعدم دستورية البند "خامسا" من المادة الثانية من القرار بقانون رقم 2 لسنة 1963 بشأن نزع ملكية العقارات اللازمة لتنفيذ مشروعات تحويل أراضى الحياض إلى نظام الري الدائم فيما نصت عليه من عدم جواز الطعن في القرار الخاص بتقدير التعويض الصادر من لجنة المعارضات المشكلة وفقا لأحكام هذا القانون.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.

ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.

حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 1874لسنة 1981 كلي المنيا طعنا على قرار لجنة المعارضات برفض معارضته في قيمة التعويض الذي قدرته الهيئة العامة للصرف بالمنيا للأرض المملوكة له والمنزوعة ملكيتها لصالح الهيئة وبتأييد هذا التقدير، ودفع بعدم دستورية البند الخامس من المادة الثانية من القرار بقانون رقم 2 لسنة 1963 بشأن نزع ملكية العقارات اللازمة لتنفيذ مشروعات تحويل أراضي الحياض إلى نظام الري الدائم، فيما تضمنه من النص على عدم جواز الطعن على قرار لجنة المعارضات الصادر بتقدير التعويض وذلك لمخالفته حكم المادة 68 من الدستور. وبجلسة 6 يناير سنة 1983 رخصت محكمة المنيا الابتدائية للمدعي برفع دعواه الدستورية خلال شهرين فأقام الدعوى الماثلة.

وحيث إن القرار بقانون رقم 2 لسنة 1963 المشار إليه وبعد أن نص في مادته الأولى على اعتبار المشروعات الخاصة بتحويل أراضي الحياض إلى نظام الري الدائم من أعمال المنفعة العامة وما يستتبع ذلك من آثار، وفي البنود الأربعة الأولى من مادته الثانية على إجراءات نزع ملكية الأراضي والمنشآت اللازمة لتنفيذ هذه المشروعات وأخصها إعلان بيانات هذه العقارات وموقعها وأسماء الملاك والتعويضات المقدرة لهم، وعلى حق ذوي الشأن وأصحاب الحقوق في الاعتراض على هذه البيانات وعلى قيمة التعويض لدى لجنة المعارضات بموجب طلب يقدم إلى رئيس اللجنة أو مفتش المساحة المختص، قضي في البند "خامسا" من المادة الثانية بأن "تختص بالفصل في المعارضات الخاصة بالملكية وسائر الحقوق العينية الأخرى والتعويض وكذلك في المعارضات الخاصة بالممتلكات والحقوق التي أغفل تقدير تعويض عنها، لجنة أو أكثر يرأس كل منها قاض من المحكمة الابتدائية الكائنة بدائرتها العقارات تنتدبه الجمعية العمومية وعضوية موظف فني من كل من وزارة الشئون الاجتماعية ووزارة الأشغال ومصلحة المساحة ومصلحة الشهر العقاري. وتصدر القرارات بأغلبية الأصوات وعند التساوي يرجح الجانب الذي منه الرئيس. وتخطر اللجنة صاحب الشأن بالجلسة المحددة لنظر الاعتراض بكتاب موصي عليه ومصحوب بعلم الوصول قبل موعد الجلسة بأسبوعين من تاريخ الإخطار على الأقل. وتفصل اللجنة في المعارضات على وجه السرعة. ولا يجوز الطعن بأي طريق من الطرق في القرار الصادر بتقدير التعويض".

وحيث إنه يبين مما تقدم أن اللجنة التي خصها المشرع بالفصل في المعارضات الخاصة بالملكية وسائر الحقوق العينية الأخرى والتعويض وفي المعارضات الخاصة بالممتلكات والحقوق الأخرى التي أغفل تقدير تعويض عنها - طبقا لأحكام القرار بقانون رقم 2 لسنة 1963 سالف البيان - يغلب على تشكيلها العنصر الإداري ولم يتضمن القانون إلزامها بإتباع الإجراءات القضائية التي تتحقق بها ضمانات التقاضي أمامها عند نظر المعارضات التي تعرض عليها، ومن ثم فإن هذه اللجنة لا تعدو أن تكون مجرد لجنة إدارية، وتعتبر قراراتها قرارات إدارية وليست قرارات قضائية، ولا يغير من ذلك ما قد يثار من أن تشكيل هذه اللجنة برئاسة أحد القضاة يضفي على أعمالها الصفة القضائية، ذلك أن مشاركة أحد رجال القضاء في تلك اللجان التي يغلب على تشكيلها العنصر الإداري- لا يخلع بذاته عليها الصفة القضائية طالما أنها لا تتبع في مباشرة عملها إجراءات لها سمات إجراءات التقاضي وضماناته على نحو ما تقدم.

وحيث إن المادة 68 من الدستور تنص على أن "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي... ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء". وظاهر من هذا النص أن الدستور لم يقف عند حد تقرير حق التقاضي للناس كافة كمبدأ دستوري أصيل بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء. وقد خص الدستور هذا المبدأ بالذكر رغم أنه يدخل في عموم المبدأ الأول الذي يقرر حق التقاضي للناس كافة، وذلك رغبة من المشرع الدستوري في توكيد الرقابة القضائية على القرارات الإدارية وحسما لما ثار من خلاف في شأن عدم دستورية التشريعات التي تحظر حق الطعن في هذه القرارات. وقد ردد النص المشار إليه ما أقرته الدساتير السابقة ضمنا من كفالة حق التقاضي للأفراد وذلك حين خولتهم حقوقا لا تقوم ولا تؤتي ثمارها إلا بقيام هذا الحق باعتباره الوسيلة التي تكفل حمايتها والتمتع بها ورد العدوان عليها.

وحيث إنه من ناحية أخرى فإن الدساتير سالفة الذكر تضمن كل منها نصا على أن المواطنين لدى القانون سواء. وأنهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة كما ورد في الدستور القائم هذا النص في المادة 40 منه. ولما كان حق التقاضي من الحقوق العامة التي كفلت الدساتير المساواة بين المواطنين فيها، فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق مع تحقق مناطه - وهو قيام المنازعة على حق من حقوق أفرادها - ينطوي على إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق.

لما كان ذلك فإن البند "خامسا" من المادة الثانية من القرار بقانون رقم 2 لسنة 1963 إذ نص على عدم جواز الطعن بأي طريق من الطرق في قرارات تقدير التعويض الصادرة من لجنة المعارضات المشكلة وفقا لأحكامه - وهي قرارات إدارية على ما سلف بيانه - يكون قد حصن تلك القرارات من رقابة القضاء وانطوى على مصادرة لحق التقاضي وإخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين في هذا الحق مما يخالف المادتين 40، 68 من الدستور، الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم دستوريته.

لهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية البند "خامسا" من المادة الثانية من القرار بقانون رقم 2 لسنة 1963 بشأن نزع ملكية العقارات اللازمة لتنفيذ مشروعات تحويل أراضي الحياض إلى نظام الري الدائم فيما نص عليه من أنه "لا يجوز الطعن بأي طريق من الطرق في القرار الصادر بتقدير التعويض" وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيها مقابل أتعاب المحاماة.

 

 

العودة للصفحة الرئيسية