المحكمة الدستورية العليا المصرية

 

قضية رقم 15 لسنة 18 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

مبادئ الحكم: الرقابة على دستورية القوانين - دستور - سلطة تنفيذية - ضرورة - قانون - قرار بقانون

نص الحكم

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 2 يناير سنة 1999 م، الموافق 14 رمضان سنة 1419 هـ

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال

رئيس المحكمة

والسادة المستشارين/ حمدي محمد علي والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله

أعضاء

وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق

رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ حمدي أنور صابر

أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 15 لسنة 18 قضائية "دستورية".

المقامة من

1- السيدة/ ...

2- السيدة/ ...

3- السيد/ ...

ضد

1- السيد/ رئيس الجمهورية

2- السيد/ وزير الداخلية بصفاتهم

3- السيد/ رئيس مجلس الوزراء

الإجراءات

بتاريخ 26 فبراير سنة 1996، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبين الحكم بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 154 لسنة 1981 بإضافة بند جديد إلى المادة 34 من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1980.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.

ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 8 لسنة 36 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ضد المدعى عليهما الأول والثاني، طالبين الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم 494 لسنة 1981 ورفع التحفظ عن دار ... وأموالها بما فيها المكتبة الكائنة أسفل الدار بالدور الأرضي من العقار رقم ... بالقاهرة، وفي الموضوع بإلغائه فيما قضي به من إلغاء الترخيص الممنوح لدار الموقف العربي والتحفظ على أموالها ومقارها. وبجلسة 11 فبراير سنة 1982 قضت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وإذ لم يرتض المدعى عليهما هذا الحكم فقد أقاما الطعن رقم 649 لسنة 28 قضائية أمام المحكمة الإدارية العليا، فقضت بجلستها المعقودة في 27 يونيه سنة 1993 بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القيم، حيث قيدت برقم 19 لسنة 14 قضائية. وأثناء نظر الدعوى دفع المدعون بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 154 لسنة 1981 الذي قضى باختصاص محكمة القيم بالفصل في التظلم من الإجراءات التي تتخذ وفقا للمادة 74 من الدستور، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت للمدعين بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقاموا الدعوى الماثلة.

وحيث إن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 154 لسنة 1981 بإضافة بند جديد إلى المادة 34 من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون 95 لسنة 1980 ينص في المادة الأولى منه على أن "يضاف بند جديد إلى المادة 34 من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1980 بالنص الآتي:

"خامسا: الفصل في التظلمات من الإجراءات التي تتخذ وفقا للمادة 74 من الدستور".

وتنص المادة الثانية منه على أن "ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية وتكون له قوة القانون ويعمل به اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشره".

وحيث إن المدعين ينعون على القرار بالقانون الطعين أنه صدر دون مراعاة الضوابط التي حددها نص المادة 147 من الدستور لمباشرة رئيس الجمهورية سلطته الاستثنائية في مجال إصدار القرارات التي تكون لها قوة القانون، ومناطها قيام ضرورة تقتضي الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير وذلك في غيبة مجلس الشعب. وإذ أصدر رئيس الجمهورية بيانا إلى الشعب في 5 سبتمبر سنة 1981 أكد فيه أن الأحداث التي وقعت في منطقة الزاوية الحمراء بين بعض المسلمين والمسيحيين في 17 يونيه سنة 1981 قد انتهت بتمام السيطرة عليها وأن الغالبية الساحقة من جماهير الشعب المصري قد رفضت المشاركة في تلك الأحداث؛ فإن مؤدى ذلك انتفاء حالة الضرورة التي يضطر معها رئيس الجمهورية إلى استخدام سلطته التشريعية الاستثنائية بإصداره القرار بقانون محل الطعن.

وحيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة بدءا بدستور سنة 1923 وانتهاء بالدستور القائم تفصح جميعها عن اعتناقها لنظرية الضرورة وتضمينها لأحكامها في صلبها تمكينا للسلطة التنفيذية - حال غيبة السلطة التشريعية - من مواجهة أوضاع قاهرة أو ملحة تطرأ خلال هذه الفترة الزمنية وتلجئها إلى الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير في شأنها، ومن ثم يكون تدخلها بهذه التدابير، وتطبيقا لها، مبررا بحالة الضرورة ومستندا إليها، وبالقدر الذي يكون متناسبا مع متطلباتها، بوصفها تدابير من طبيعة استثنائية. وقد حرص المشرع الدستوري على أن يضع لهذه السلطة الاستثنائية - في مجال ممارسة الوظيفة التشريعية - من الضوابط والقيود ما يكفل عدم تحولها إلى ممارسة تشريعية مطلقة تتغول بها السلطة التنفيذية على الولاية التشريعية المعقودة دستوريا لمجلس الشعب. ذلك أن نصوص الدستور إنما تمثل القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها باعتبارها أسمى القواعد الآمرة وأحقها بالنزول على أحكامها. وهذه القواعد والأصول هي التي يرد إليها الأمر في تحديد ما تتولاه السلطات العامة من وظائف أصلية وما تباشره كل منها من أعمال أخرى لا تدخل في نطاقها بل تعد استثناء من الأصل العام الذي يقضي بانحصار نشاطها في المجال الذي يتفق مع طبيعة وظيفتها. وإذ كانت هذه الأعمال الاستثنائية قد أوردها الدستور على سبيل الحصر والتحديد وبين بصورة تفصيلية ضوابط وحدود ممارستها - كقيد على مبدأ الفصل بين السلطات الذي التزمه الدستور الحالي الصادر عام 1971 منحازا بذلك إلى القيم الديمقراطية في الدول المتحضرة - فقد تعين على كل سلطات الدولة أن تلتزم تلك الحدود الضيقة وأن تردها إلى ضوابطها الدقيقة الصارمة التي عينها الدستور، وإلا كان عملها مخالفا للدستور مما يخضعه للرقابة القضائية التي عهد بها إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها، بغية الحفاظ على مبادئه وصون أحكامه من الخروج عليها.

وحيث إن سن القوانين عمل تشريعي تختص به السلطة التشريعية التي تتمثل في مجلس الشعب طبقا للمادة 86 من الدستور. ولئن كان الأصل أن تتولى هذه السلطة بذاتها مباشرة هذه الوظيفة التي أسندها الدستور لها، وأقامها عليها، إلا أن الدستور قد وازن بين ما يقتضيه الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من تولي كل منهما لوظائفها في المجال المحدد لها أصلا، وبين ضرورة المحافظة على كيان الدولة وإقرار النظام في ربوعها إزاء ما قد تواجهه في غيبة مجلس الشعب من مخاطر تلوح نذرها أو تشخص الأضرار التي تواكبها، يستوي في ذلك أن تكون هذه المخاطر من طبيعة مادية أو أن يكون قيامها مستندا إلى ضرورة تدخل الدولة بتنظيم تشريعي يكون لازما بصورة عاجلة لا تحتمل التأخير لحين انعقاد مجلس الشعب. وتلك هي حالة الضرورة التي اعتبر الدستور قيامها من الشرائط التي تطلبها لمزاولة هذا الاختصاص الاستثنائي، ذلك أن الاختصاص المخول للسلطة التنفيذية في هذا النطاق لا يعدو أن يكون استثناء من أصل قيام السلطة التشريعية على مهمتها الأصلية في المجال التشريعي. إذ كان ذلك، وكانت التدابير العاجلة التي تتخذها السلطة التنفيذية لمواجهة حالة الضرورة نابعة من متطلباتها، فإن انفكاكها عنها يوقعها في حومة المخالفة الدستورية، ذلك أن توفر حالة الضرورة - بضوابطها الموضوعية التي لا تستقل السلطة التنفيذية بتقديرها - هي علة اختصاصها بمواجهة الأوضاع الطارئة والضاغطة بتلك التدابير العاجلة، بل هي مناط مباشرتها لهذا الاختصاص، وإليها تمتد الرقابة الدستورية التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا للتحقق من قيامها في الحدود التي رسمها الدستور، ولضمان ألا تتحول هذه الرخصة التشريعية - وهي من طبيعة استثنائية - إلى سلطة تشريعية كاملة ومطلقة لا قيد عليها ولا عاصم من جموحها وانحرافها.

وحيث إن الدستور قد بين ضوابط ممارسة السلطة التنفيذية - ممثلة في رئيس الجمهورية - لجانب من الوظيفة التشريعية في أحوال الضرورة أثناء غياب مجلس الشعب، وذلك في المادة 147 منه التي تنص على ما يأتي:

"إذا حدث في غيبة مجلس الشعب ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير جاز لرئيس الجمهورية أن يصدر في شأنها قرارات تكون لها قوة القانون.

ويجب عرض هذه القرارات على مجلس الشعب خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها إذا كان المجلس قائما، وتعرض في أول اجتماع له في حالة الحل أو وقف جلساته، فإذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، وإذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب على آثارها بوجه آخر".

وحيث إن المستفاد من هذا النص أن الدستور وإن جعل لرئيس الجمهورية اختصاصا في إصدار قرارات تكون لها قوة القانون في غيبة مجلس الشعب، إلا أنه رسم لهذا الاختصاص الاستثنائي حدودا ضيقة تفرضها طبيعته الاستثنائية، منها ما يتعلق بشروط ممارسته ومنها ما يتصل بمآل ما قد يصدر من قرارات استنادا إليه. فأوجب لإعمال سلطة التشريع الاستثنائية أن يكون مجلس الشعب غائبا وأن تطرأ خلال هذه الغيبة ظروف تتوافر بها حالة الضرورة التي تسوغ لرئيس الجمهورية سرعة مواجهتها بتدابير لا تحتمل التأخير إلى حين انعقاد مجلس الشعب باعتبار أن تلك الظروف هي مناط هذه السلطة وعلة تقريرها. وإذ كان الدستور يتطلب هذين الشرطين لممارسة ذلك الاختصاص التشريعي الاستثنائي، فإن رقابة المحكمة الدستورية العليا تمتد إليهما للتحقق من قيامهما باعتبارهما من الضوابط المقررة في الدستور لممارسة ما نص عليه من سلطات، كما تمتد هذه الرقابة أيضا إلى التحقق من سلامة الإجراءات واحترام المواعيد التي تطلبها الدستور في عرض تلك القرارات على مجلس الشعب للنظر في إقرارها أو علاج آثارها وذلك حتى لا يتحول هذا الاختصاص التشريعي الاستثنائي إلى سلطة تشريعية كاملة مطلقة لا قيد عليها.

وحيث إن البين مما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 147 من الدستور، أن مواعيد وإجراءات عرض القرارات المشار إليها على مجلس الشعب، تختلف باختلاف ما إذا كان المجلس منحلا أو موقوفا أو قائما، فإذا كان المجلس منحلا أو موقوفا، وجب عرض القرارات المشار إليها عليه في أول اجتماع له؛ فور انعقاده، أما في غير هاتين الحالتين - الوقف والحل - فيتعين أن يدعى المجلس للانعقاد لعرض تلك القرارات عليه خلال فترة زمنية محددة هي خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها، وعلة ذلك تمكين المجلس - باعتباره صاحب الاختصاص الأصيل في ممارسة الوظيفة التشريعية - من مراجعة التشريعات التي تصدرها السلطة التنفيذية - في غيبته عند الضرورة - في أسرع وقت ممكن للنظر في شأنها، وإلا زال ما لهذه التشريعات - وفقا لما نص عليه الدستور - من قوة القانون بأثر رجعي دون حاجة لاتخاذ أي إجراء في هذا الشأن.

وحيث إنه يبين من الاطلاع على قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 154 لسنة 1981، أنه قد صدر دون مذكرة إيضاحية تفصح عن الأسباب التي استندت إليها الحكومة في التعجيل بإصداره في غيبة مجلس الشعب، إلا أنه عند عرض القرار بقانون المشار إليه على مجلس الشعب للنظر في إقراره، أبدى وزير الدولة لشئون مجلس الشعب - على ما ورد بمضبطة الجلسة الثالثة للاجتماع غير العادي المعقودة في 14 سبتمبر سنة 1981 - أن رئيس الجمهورية أصدر ذلك القرار بقانون طبقا للصلاحية التي خولها له الدستور في المادة 147، وأنه قد صدر لفتح باب التظلم أمام من شملتهم الإجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية طبقا للمادة 74 من الدستور - وهو ما ردده أيضا تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب في هذا الشأن - وكان ذلك وإن جاز أن يندرج في مجال البواعث والأهداف التي تدعو سلطة التشريع الأصلية إلى سن قواعد قانونية جديدة أو استكمال ما يشوب التشريع القائم من قصور تحقيقا لإصلاح مرتجى، إلا أنه لا يصلح سندا لقيام حالة الضرورة المبررة لإصدار هذا القرار بقانون إذ لم يطرأ خلال غيبة مجلس الشعب ظرف معين يمكن أن تتوفر معه تلك الضرورة التي تبيح ممارسة سلطة التشريع الاستثنائية طبقا للمادة 147 من الدستور. كما أن هذا القول - إن صح - كان يقتضي اللجوء إلى السلطة التشريعية لاستصدار قانون بتحديد الجهة القضائية التي تختص بالنظر في التظلمات من الإجراءات التي تتخذ وفقا للمادة 74 من الدستور إعمالا للتفويض المخول للمشرع بمقتضى المادة 167 من الدستور في شأن تحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها وتنظيم طريقة تشكيلها.

وحيث إن من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن نصوص الدستور لا تتعارض أو تتهادم أو تتنافر فيما بينها، ولكنها تتكامل في إطار الوحدة العضوية التي تنتظمها من خلال التوفيق بين مجموع أحكامها وربطها بالقيم العليا التي تؤمن بها الجماعة في مراحل تطورها المختلفة. ويتعين دوما أن يعتد بهذه النصوص بوصفها متآلفة فيما بينها لا تتماحى أو تتآكل، بل تتجانس معانيها وتتضافر توجهاتها، ولا محل بالتالي لقالة إلغاء بعضها البعض بقدر تصادمها، ذلك أن إنفاذ الوثيقة الدستورية وفرض أحكامها علي المخاطبين بها، يفترض العمل بها في مجموعها، باعتبار أن لكل نص منها مضمونا ذاتيا لا ينعزل به عن غيره من النصوص أو ينافيها أو يسقطها، بل يقوم إلى جوارها متساندا معها، مقيدا بالأغراض النهائية والمقاصد الكلية التي تجمعها. وإذ كان الدستور قد نص في المادة 65 منه على خضوع الدولة للقانون، دالا بذلك على أن الدولة القانونية هي التي تتقيد في كافة مظاهر نشاطها - وأيا كانت طبيعة سلطاتها - بقواعد قانونية تعلو عليها، وتكون بذاتها ضابطا لأعمالها وتصرفاتها في أشكالها المختلفة، باعتبار أن ممارسة السلطة لم تعد امتيازا شخصيا لأحد ولكنها تباشر نيابة عن الجماعة ولصالحها؛ ومن ثم فقد أضحى مبدأ خضوع الدولة للقانون مقترنا بمبدأ مشروعية السلطة هو الأساس الذي تقوم عليه الدولة القانونية. متى كان ذلك وكان الدستور يؤكد في المادة 73 منه مسئولية رئيس الجمهورية عن احترام الدستور وسيادة القانون ورعاية الحدود بين السلطات فإنه إذا ما قرر ملاءمة إصدار قرار بقانون لمواجهة أحد الأخطار التي أشارت إليها المادة 74 من الدستور فإن هذه السلطة تكون مقيدة بالضوابط المقررة لممارسة هذا الاختصاص التشريعي الاستثنائي وأخصها تلك التي تضمنتها المادة 147 من الدستور، ذلك أن ما تقرره المادة 74 من سلطات لرئيس الجمهورية لمواجهة الأخطار المشار إليها فيها، لا يعني الترخص في تجاوز الضوابط والخروج على القيود التي تضمنتها مبادئ الدستور الأخرى وفي مقدمتها ألا تمارس السلطة التنفيذية شيئا من الوظيفة التشريعية إلا على سبيل الاستثناء وفي الحدود الضيقة التي أجاز فيها الدستور ذلك في المادة 147 منه.

لما كان ذلك، وكان السبب الذي حدا برئيس الجمهورية لإصدار القرار بقانون الطعين لا يشكل بذاته حالة ضرورة تدعو رئيس الجمهورية إلى مباشرة سلطته التشريعية الاستثنائية المقررة بالمادة 147 من الدستور، فإن هذا القرار وقد صدر استنادا إلى هذه المادة وعلى خلاف الأوضاع المقررة فيها، يكون مشوبا بمخالفة الدستور.

وحيث إنه لا ينال مما تقدم قالة إن مجلس الشعب وقد أقر القرار بقانون المطعون فيه، فإنه بذلك يكون قد طهره مما شابه من عيوب دستورية، ذلك أن إقرار مجلس الشعب له لا يترتب عليه سوى مجرد استمرار نفاذه بوصفه الذي نشأ عليه كقرار بقانون دون تطهيره من العوار الدستوري الذي لازم صدوره. كما أنه ليس من شأن هذا الإقرار في ذاته أن ينقلب به القرار بقانون المذكور إلي عمل تشريعي جديد يدخل في زمرة القوانين التي يتعين أن يتبع في كيفية اقتراحها والموافقة عليها وإصدارها القواعد والإجراءات التي حددها الدستور في هذا الصدد وإلا ترتب على مخالفتها عدم دستورية القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 154 لسنة 1981 بإضافة بند جديد إلى المادة 34 من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1980، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

 

 

العودة للصفحة الرئيسية