التزامات مصر بموجب الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العـمـال المهـاجـرين وأفـراد أسـرهـم

 

تعد الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم حديثة نسبيا حيث دخلت حيز النفاذ في 1 تموز/يوليه 2003. ومع بداية آذار/مارس 2009 كان هناك 40 دولة طرف في الاتفاقية فيما وقع عليها فقط 15 دولة أخرى. ومصر من الدول الأطراف في الاتفاقية.

هذا وتغطي الاتفاقية مختلف الجوانب ذات الصلة بحقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وهي أكثر الاتفاقيات الرئيسية لحقوق الإنسان تفصيلا، وتنقسم إلى تسعة أجزاء: يتناول الجزء الأول نطاق الاتفاقية وعدد من التعاريف، إذ تنطبق الاتفاقية خلال كامل عملية هجرة العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وتشمل هذه العملية التحضير للهجرة، والمغادرة، والعبور، وفترة الإقامة بكاملها، ومزاولة نشاط مقابل أجر في دولة العمل وكذلك العودة إلى دولة المنشأ أو دولة الإقامة العادية.

وتعرف الاتفاقية "العامل المهاجر" بأنه الشخص الذي سيزاول أو يزاول أو ما برح يزاول نشاطا مقابل أجر في دولة ليس من رعاياها. هذا ولا تنطبق الاتفاقية على اللاجئين، وعديمي الجنسية، والمستثمرين، والأشخاص الذين ترسلهم أو تشغلهم منظمات ووكالات دولية أو الذين ترسلهم أو تشغلهم دولة خارج إقليمها لأداء مهام رسمية إذ ينظم قبولهم ومركزهم اتفاقات أخرى.

ويتضمن الجزء الثاني من الاتفاقية المبدأ العام الخاص بالحق في عدم التعرض للتمييز، بينما يتناول الجزء الثالث الحقوق الأساسية للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم، كالحق في المغادرة، ودخول دولة المنشأ والبقاء فيها، والحق في الحياة، والحق في عدم التعرض للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والحق في الحماية من التعرض للاسترقاق أو الاستعباد أو السخرة أو العمل القسري، والحق في حرية الفكر والوجدان والمعتقد، وحماية حرية التعبير وتداول المعلومات، وحرية اعتناق الآراء، وحرمة الحياة الخاصة، والحق في الملكية، وفي الحرية والسلامة الشخصية، وقواعد معاملة المحرومين من حريتهم، والحق في محاكمة عادلة وعدم رجعية القوانين، وعدم جواز السجن للعجز عن الوفاء بالتزام تعاهدي. وبالطبع فلكل عامل مهاجر ولكل فرد من أفراد أسرته الحق في الاعتراف به في كل مكان بوصفه شخصا أمام القانون.

ومن بين الحقوق الأساسية التي يتناولها الجزء الثالث من الاتفاقية أيضا الحماية التي تتمتع بها وثائق الهوية ووثائق الدخول وتصاريح العمل، وكذلك ضوابط وإجراءات طرد العمال المهاجرين وأفراد أسرهم حيث لا يجوز تعريضهم لإجراءات الطرد الجماعي، ويجب أن ينظر ويبت في كل قضية طرد على حدة كما لا يجوز الطرد إلا عملا بقرار تتخذه السلطات المختصة وفقا للقانون، وتبعا لإجراءات سليمة. كما يجب أن يكون هناك مجال للمراجعة القضائية لقرار الطرد وذلك ما لم تقض ضرورات الأمن الوطني بغير ذلك.

ويحق أيضا للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم اللجوء إلى الحماية وطلب المساعدة من السلطات القنصلية والدبلوماسية لدولتهم وذلك كلما حدث مساس بالحقوق المعترف بها في الاتفاقية. هذا وللعامل المهاجر إذا ما قبض عليه أو احتجز الحق في أن يطلب إخطار سفارته بذلك ويجب أن يتم ذلك دون إبطاء.

ويجب أن يتمتع العمال المهاجرون بمعاملة لا تقل مراعاة عن المعاملة التي تنطبق على رعايا دولة العمل من حيث الأجر وشروط العمل وشروط الاستخدام الأخرى، كما أن لهم الحق في التمتع بنفس المعاملة التي يعامل بها رعايا دولة العمل فيما يخص الحق في الضمان الاجتماعي وذلك بقدر استيفائهم للشروط ذات الصلة. وللعمال المهاجرين وأفراد أسرهم الحق أيضا في تلقي أية عناية طبية تكون مطلوبة بصورة عاجلة لحفظ حياتهم أو لتلافي ضرر لا يمكن علاجه يلحق بصحتهم وذلك على أساس المساواة في المعاملة مع رعايا الدولة المعنية. ولا يجوز حرمانهم من هذه العناية الطبية الطارئة بسبب أية مخالفة فيما يتعلق بالإقامة أو الاستخدام.

ولكل طفل من أطفال العامل المهاجر الحق في الحصول على إسم، وفي تسجيل ولادته، وفي الحصول على جنسية. وله حق أساسي في الحصول على التعليم على أساس المساواة في المعاملة مع رعايا الدولة المعنية. ولا يجوز رفض أو تقييد إمكانية الالتحاق بالمؤسسات الحكومية للتعليم قبل المدرسي أو بالمدارس بسبب الوضع غير النظامي، من حيث الإقامة أو العمل، له أو لأي من أبويه.

وللعمال المهاجرين وأفراد أسرهم، لدى انتهاء إقامتهم، أن يحولوا دخولهم ومدخراتهم، وأن يحملوا معهم، وفقا لتشريع الدولة المعنية، أمتعتهم وممتلكاتهم الشخصية.

وعلى الدول الأطراف في الاتفاقية أن تضمن احترام الهوية الثقافية للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وألا تمنعهم من الاحتفاظ بوشائجهم الثقافية مع دولة منشئهم.

وعلى العمال المهاجرين وأفراد أسرهم التقيد بقوانين وأنظمة كل دولة من دول العبور ودول العمل والالتزام باحترام الهوية الثقافية لسكان تلك الدولة. ويجب على الدول الأطراف في الاتفاقية توعية العمال المهاجرين وأفراد أسرهم بحقوقهم والالتزامات والتدابير ذات الصلة.

هذا وخصص الجزء الرابع من الاتفاقية لتناول حقوق إضافية للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم الحائزين للوثائق اللازمة أو من هم في وضع نظامي في دولة العمل، ومن تلك الحقوق: أن يتم تبليغهم على نحو كامل بجميع الشروط المنطبقة على دخولهم، والشروط المتعلقة بإقامتهم والأنشطة التي يجوز لهم مزاولتها مقابل أجر. وحقهم في تحويل دخولهم ومدخراتهم، وفي حرية الانتقال في دولة العمل وحرية اختيار محل إقامتهم بها، كما يجب على دولة العمل أن تبذل كل جهدا للإذن لهم بالغياب مؤقتا دون أن يكون لذلك تأثير على الإقامة أو العمل.

وكما تضمن الجزء الرابع قواعد خاصة بحق العمال المهاجرين في تكوين الجمعيات ونقابات العمال، وحقهم في المشاركة في الشؤون العامة لدولة منشأهم وفي التصويت والترشيح للانتخابات في تلك الدولة، وتناول هذا الجزء أيضا المؤسسات والإجراءات المتعلقة برعاية احتياجات العمال المهاجرين، وإمكانية تمتعهم بالحقوق السياسية في دولة العمل، والمساواة في المعاملة مع رعايا دولة العمل في الحماية من الطرد، واستحقاقات البطالة وإمكانية الحصول على مشاريع الأشغال العامة والعمل البديل، ومزاولة نشاط مقابل أجر.

ويجب أن تقوم الدول الأطراف في هذه الاتفاقية بإتخاذ التدابير المناسبة لضمان حماية وحدة أسر العمال المهاجرين ولم شملهم. وفضلا عن ذلك يتمتع أفراد أسرة العمال المهاجرين بالمساواة في المعاملة بخصوص الجوانب المبينة والتدابير المتخذة لضمان إدماج أولاد العمال المهاجرين في النظام المدرسي المحلي، وبالحق في أن يختاروا بحرية نشاطا يزاولونه مقابل أجر.

هذا ويتناول الجزء الخامس بعض الأحكام المتعلقة بفئات خاصة من العمال المهاجرين وأفراد أسرهم كعمال الحدود والعمال الموسميين والعمال المرتبطين بمشروع.

ويعرض الجزء السادس لقواعد وتدابير تهدف إلى تعزيز الظروف السلمية والعادلة والإنسانية والمشروعة المتعلقة بهجرة العمال وأفراد أسرهم، كالعمل على اعتماد تدابير تتعلق بالعودة المنظمة لهم، وكذلك العمل على منع ووقف عمليات التنقل والاستخدام غير القانونية والسرية، والعمل على تسوية وضعية من هم في وضع غير نظامي.

ويوضح الجزء الثامن، أن الدول الأطراف في الاتفاقية وإن كانت مقيدة بالضوابط الواردة فيها، إلا أن لها الحق في أن تحدد المعايير المنظمة لدخول إقليمها. وينص هذا الجزء أيضا على جواز منح حقوق وحريات أكثر للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وعدم جواز التنازل أو التخلي أو الانتقاص من الحقوق المعترف بها في الاتفاقية، والتزام الدول الأطراف بتأمين وإعمال سبل انتصاف فعالة، واعتماد ما يلزم من التدابير التشريعية وغيرها لتنفيذ أحكام هذه الاتفاقية.

ويرد في الجزء التاسع والأخير من الاتفاقية عدد من القواعد الإجرائية والختامية، كتلك الخاصة بالتوقيع أو التصديق أو الانضمام للاتفاقية، وموعد بدء النفاذ، والانسحاب والتعديل وإبداء التحفظات، والتحكيم فيما يخص تفسير الاتفاقية أو تطبيقها. هذا ولا يجوز لأي دولة طرف في الاتفاقية أن تستثني أي جزء منها من التطبيق، أو أن تستثني، أي فئة معينة من العمال المهاجرين، من تطبيقها.

بينما ينص الجزء السابع من الاتفاقية على إنشاء اللجنة المعنيـة بحمايـة حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم من خبراء مستقلين ترشحهم الدول الأطراف في الاتفاقية. وينبغي أن يراعى في اختيارهم التوزيع الجغرافي العادل، بما في ذلك كل من دول منشأ العمالة المهاجرة ودول العمل، وتمثيل النظم القانونية الرئيسية.

وعلى الدول الأطراف في الاتفاقية أن تقدم للجنة تقريرا عما اتخذته من تدابير من أجل إنفاذ أحكام الاتفاقية وعما حققته من تقدم حيث تقوم اللجنة بفحصه وإصدار ملاحظاتها.  ويمكن للجنة أيضا أن تتلقى شكاوى من قبل الأفراد في حالة انتهاك حقوقهم المعترف بها في الاتفاقية من قبل دولة طرف، غير أنه لم توافق بعد أية دولة طرف على قيام اللجنة بتلقي ودراسة مثل هذه الشكاوى.

وقد اعتمدت اللجنة عقب فحصها للتقرير الأولي لمصر في نيسان/أبريل 2007، عدة توصيات منها: أن تقوم الدولة بإعادة فتح ملف التحقيق في أحداث 30 كانون الأول/ديسمبر 2005 لتوضيح الظروف التي أدت إلى وفاة المهاجرين السودانيين، وأن تتخذ تدابير لمنع وقوع أحداث مماثلة في المستقبل. وأوصت اللجنة بأن تنص التشريعات وتكفل الممارسة تمتع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، بمن فيهم من هم في وضع غير قانوني، بنفس الحقوق التي يتمتع بها مواطنو الدولة الطرف لتقديم الشكاوى واللجوء إلى آليات جبر الضرر أمام المحاكم، وإمكانية حصول أي شخص انتهِكت حقوقه أو حرياته المعترف بها في الاتفاقية على سبيل انتصاف فعال.

وطالبت اللجنة بأن يكفل لكل طفل يولد في مصر لعامل مهاجر الحق في حمل اسم والتسجيل لدى ميلاده والحصول على جنسية وفي الحصول على شهادة ميلاد من السجل المدني المصري. وأن تمنح الدولة لجميع أبناء العمال المهاجرين، سواء لديهم المستندات اللازمة أم لا، فرصة الالتحاق بالمدارس على أساس المساواة في المعاملة مع الأطفال المصريين. كما أوصت اللجنة بتعديل قانون العمل كي ينطبق على الخدم في المنازل، بمن فيهم الخدم المهاجرون، أو اعتماد قانون جديد يوفر لهم الحماية.

كما أوصت اللجنة بأن تلبي الجهات القنصلية بقدر أكبر من الفعالية حاجة العمال المهاجرين المصريين وأفراد أسرهم للحماية وبأن تقدم لهم المساعدة اللازمة. وأوصت اللجنة أيضا بتحسين آليات تلقي الشكاوى من العمال المهاجرين وبتعميمها في جميع السفارات والقنصليات.

كما طالبت اللجنة بأن تولي الدولة عناية خاصة بالعمال المهاجرين الخاضعين لنظام الكفالة، وأن تسعى إلى التفاوض مع البلدان المعنية بشأن إلغاء هذا النظام. كما أوصت اللجنة بأن تتخذ الدولة تدابير للتحقيق فورا في جميع الشكاوى المتعلقة بتعذيب العمال المهاجرين أو إساءة معاملتهم أثناء احتجازهم ومحاكمة الجناة ومعاقبتهم.

وينبغي أن تقوم الدولة بتقديم تقريرها الدوري الثاني لكي تفحصه اللجنة فيما لا يتجاوز أول تموز/يوليه 2009.

 

العودة للصفحة الرئيسية