آراء وقرارات لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من الاتفاقية

البلاغ رقم 63/1997


مقدم من: خوسو أركاوث أرانا
[يمثله محام]
بالإنابة عن: مقدم البلاغ
الدولة الطرف: فرنسا
تاريخ البلاغ: 16 كانون الأول/ديسمبر 1996

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
المجتمعة في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1999،
وقد انتهت من نظرها في البلاغ رقم 63/1997 المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات التي وافاها بها مقدم البلاغ والدولة الطرف،
تعتمد المقرر التالي:
1-1 إن مقدم البلاغ هو خوسو أركاوث أرانا، الذي يحمل الجنسية الإسبانية، ويمثله محام. وقد خاطب السيد أركاوث اللجنة في 16 كانون الأول/ديسمبر 1996 مدعياً أنه ضحية انتهاكات ارتكبتها فرنسا للمادتين 3 و16 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة نظراً لإبعاده إلى إسبانيا.
1-2 وبموجب الفقرة 3 من المادة 22 من الاتفاقية، أحالت اللجنة البلاغ إلى الدولة الطرف في 13 كانون الثاني/يناير 1997. وطلبت اللجنة من الدولة الطرف، بموجب الفقرة 9 من المادة 108 من نظامها الداخلي، عدم إبعاد السيد أركاوث إلى إسبانيا أثناء نظر اللجنة في بلاغه.

الوقائع كما عرضها مقدم البلاغ
2-1 يؤكد مقدم البلاغ، وهو من إقليم الباسك، أنه غادر إسبانيا في عام 1983 بعد أن ألقت قوات الأمن القبض على عدد كبير من الأشخاص المشتبه في انتمائهم إلى حركة إيتا الانفصالية لاقليم الباسك، في القرية مسقط رأسه والمناطق المجاورة لها. وقد تعرض عدد كبير من الأشخاص الموقوفين، ومن بينهم بعض أصدقاء الطفولة، للتعذيب. وكان اسم خوسو أركاوث أرانا من الأسماء التي ترددت كثيراً أثناء التحقيقات وعمليات التعذيب. ولاذ بالفرار لشعوره بأنه مطارد وهرباً من التعذيب. وفي عام 1984، أُلقي القبض على شقيقه. وأثناء عمليات التعذيب المتعددة، قام أفراد قوات الأمن باستجوابه بشأن مقدم البلاغ وأبلغوه بأن جماعات التحرير المناهضة للإرهاب ستقوم بإعدام خوسو أركاوث أرانا.
2-2 ووقعت عدة محاولات قتل واغتيالات للاجئين من إقليم الباسك في المناطق الملاصقة لمكان عمل مقدم البلاغ في بايون. وبالإضافة إلى ذلك، يؤكد مقدم البلاغ أن مسؤول قسم شرطة بياريتز قد استدعاه في أواخر عام 1984 لإبلاغه بقلقه لاعتقاده بأن هناك محاولة اغتيال تدبر ضده وبأن ملفه الإداري الشامل لجميع المعلومات التي تساعد على تحديد مكانه قد سرق. وبناء على ذلك، اضطر مقدم البلاغ إلى مغادرة عمله والعيش في الخفاء. وطوال فترة اختبائه، تعرض أقاربه لمضايقات مستمرة من قوات الأمن الإسبانية. وفي حزيران/يونيه 1987، أُلقي القبض على صهره وتم تعذيبه لإرغامه على البوح بمكان مقدم البلاغ.
2-3 وفي آذار/مارس 1991، أُلقي القبض على مقدم البلاغ واتهم بالانتماء إلى منظمة إيتا وحكم عليه بالسجن لمدة ثماني سنوات بجريمة "الاتفاق الجنائي". وأمضى مدة عقوبته في سجن سان مور وأُفرج عنه في 13 كانون الثاني/يناير 1997. بيد أنه في 10 تموز/يوليه 1992، كان قد حُكم عليه بعقوبة إضافية بمنعه من دخول الأراضي الفرنسية لمدة ثلاث سنوات. وفي تشرين الأول/أكتوبر 1996، طعن في قرار منعه من دخول البلد أمام محكمة باريس الابتدائية، لكنها لم تصدر أي حكم.
2-4 وفي 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، شرعت وزارة الداخلية في إجراءات طرده من الأراضي الفرنسية. ويجوز للإدارة أن تنفذ من تلقاء نفسها أي قرار بالطرد ومن ثم الإعادة إلى الحدود بقوة القانون. وفي 13 كانون الأول/ديسمبر 1996، قام صاحب البلاغ بالطعن أمام محكمة ليموج الإدارية لإلغاء قرار الطرد الذي قد يصدر ضده وطلب ايقاف هذا الإجراء في حالة اتخاذه. لكن طلب الايقاف قد رُفض بقرار صادر في 15 كانون الثاني/يناير 1997، إذ استبعدت المحكمة أن يترتب على تسليم مقدم البلاغ نتائج لا رجعة فيها. ولم يتسن استئناف هذا الحكم بما أن تدبير الطرد قد نُفذ فعلاً.
2-5 وفي 10 كانون الأول/ديسمبر 1996، بدأ مقدم البلاغ إضراباً عن الطعام احتجاجاً على طرده. وبعد ذلك، تم نقله بسبب تدهور حالته الصحية إلى سجن فرين في دائرة باريس حيث بدأ إضراباً عن الشرب.
2-6 وفي 17 كانون الأول/ديسمبر 1996، أُبلغ مقدم البلاغ بأن لجنة الطرد في محافظة إندر قد أيدت طرده، حيث اعتبرت أن وجوده في الأراضي الفرنسية يشكل خطراً جسيماً على النظام العام. بيد أن اللجنة قد ذكرت وزير الداخلية بالقانون الذي يقضي بعدم إبعاد أجنبي إلى بلد تتعرض فيه حياته أو حريته للخطر أو يتعرض فيه لمعاملة تتنافى مع المادة 3 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (المشار إليها فيما بعد ب "الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان"). وبناء على هذا الرأي، صدر قرار وزاري بالطرد في 13 كانون الثاني/يناير 1997 وأُبلغ به الشخص المعني في اليوم نفسه. وأُخطر في الوقت ذاته بأنه قد تقرر أن يتم الطرد إلى إسبانيا. ونُفذ تدبير الطرد في اليوم نفسه، بعد أن أسفر فحص طبي عن إجازة نقل السيد أركاوث بالسيارة حتى الحدود الإسبانية.
2-7 وفي رسالة مؤرخة في 17 آذار/مارس 1997، أبلغ مقدم البلاغ اللجنة بأن طرده إلى إسبانيا قد تم في 13 كانون الثاني/يناير 1997. وأشار إلى ما تعرض له من إساءة معاملـة وتهديدات وجهها إليه رجال الشرطة الفرنسيون ووصف الأحداث التي وقعت في إسبانيا بعد طرده.
2-8 ويؤكد مقدم البلاغ أنه قد عانى كثيراً أثناء رحلته إلى إسبانيا بسبب ضعفه البالغ. وأوضح أنه اثناء السفر بين فرين والحدود الإسبانية، وهي مسافة تناهز 000 1 كيلومتر استغرق قطعها 7 ساعات، كان يجلس بين اثنين من رجال الشرطة ويداه مقيدتان خلفه، وأنه قد شعر بآلام حادة في الظهر بسبب اعتلال قرصي تنكسي يعاني منه. وذكر أن رجال الشرطة قد توقفوا مرة وأمروه بالنزول من السيارة. وعندما عجز عن الحركة، طرحه رجال الشرطة أرضاً وأوسعوه ضرباً. وأضاف أن رجال الشرطة ظلوا يهددونه طوال الطريق وأن المعاملة التي تعرض لها تتنافى مع المادة 16 من الاتفاقية.
2-9 وتم حبسه حبساً انفرادياُ فور تسليمه للحرس المدني الإسباني. ويذكر أن طبيباً شرعياً قد فحصه وأعلن أن حالته البدنية تسمح بسفره إلى مدريد بشروط معينة، نظراً لأن إضرابه عن الطعام قد أثر كثيراً على صحته. ويؤكد أنه قد ضرب بكف اليد على أذنيه ورأسه، أثناء الرحلة الممتدة قرابة 500 كيلومتر حتى مدريد. كما تعرض لتهديدات مستمرة بالقتل والتعذيب. وفي مدخل مدريد، قام الموظفون بوضع رأسه بين ركبتيه لمنعه من رؤية المكان الذي يتجهون إليه، أي الإدارة العامة للحرس المدني في مدريد. وقال إنه قد فقد وعيه بسبب الإعياء. ويدعي أنه بعد أن أفاق، خضع لاستجوابات طويلة. وقال إنه أُرغم على الجلوس وساقاه متباعدتان، وإن هذا الوضع سبب له آلاماً مبرحة في الظهر. وبعد أن غُطيت عيناه، ضرب براحة اليد على جميع أجزاء جسمه. ويقول أيضاً إنه تعرض لتصفيق حاد وصفير بالقرب من أذنيه وأنه قد أطلع بالتفصيل على طرق وجلسات التعذيب الطويلة التي سيتعرض لها. وفي احدى المرات، قام الحرس بتجريده من ملابسه بوحشية وأوسعوه ضرباً. وبعد ذلك، أمسك بعضهم بساقيه وبعضهم الآخر بذراعيه وأخضعوه للتعذيب بطريقة "الكيس" (bolsa)(أ)، وأوسعوه ضرباً على الخصيتين. وعندئذ فقد وعيه. وبعد أن أفاق وهو معصوب العينين، أرغموه على الجلوس من جديد على كرسي وساقاه مبعدتان وذراعاه مثبتان على طول الساقين. وقام الحرس بوضع إلكترود بالقرب منه. وعندما حاول تخليص نفسه، أصيب مباشرة بتفريغ كهربائي.
2-10 وقال إن موظفين قد حاولوا إقناعه بالتعاون معهم بالتأثير العاطفي عليه والحديث عن زوجته وطفيله لكنه رفض. وقام طبيب بفحصه بعد ذلك. وبعد رحيل الطبيب، غطي وجهه مرة أخرى وضُرب على أذنيه ورأسه. وقام طبيب بفحصه من جديد، وأعلن أنه على وشك الإصابة بخفقان القلب. وتوالت الاستجوابات والتهديدات التي أُخضع بعدها ببضع ساعات لفحص طبي ثالث. وفي غضون ذلك، قامت زوجته بمقابلة القاضي في 15 كانون الثاني/يناير 1997. وأعربت له عن مخاوفها فيما يتعلق بحالة زوجها الصحية وطلبت زيارته لكن القاضي رفض. وبناء على تعليمات الطبيب الشرعي، تم نقل مقدم البلاغ إلى المستشفى. وبعد حقنه بمصل واخضاعه لمختلف صور الفحص، أُعيد إلى الإدارة العامة للحرس المدني. وفي صباح يوم 16 كانون الثاني/يناير، قام، خوفاً من الانتقام منه، بالتوقيع على إقرار أمام محامية منتدبة من المحكمة، وهو إقرار أملاه رجال الحرس المدني أنفسهم. وفي مساء اليوم نفسه، عُرض على القاضي الذي كان قد أمر لتوه بإلغاء قرار الحبس الانفرادي. وقام طبيب شرعي اختارته الأسرة بفحصه. وخلص الطبيب إلى أن ادعاءات تعرضه لإساءة المعاملة تشكل أقوالاً متس(ب). وفي 17 كانون الثاني/يناير 1997، قام وفد من اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب(ج) بزيارة السيد أركاوث في سجن سوتو ديل ريال. وفي 10 آذار/مارس 1997، قدم شكوى لتعرضه للتعذيب.
مضمون الشكوى
3-1 أشار مقدم البلاغ، في بلاغه المؤرخ في 16 كانون الأول/ديسمبر 1996، إلى أن إعادته بالقوة إلى إسبانيا وتسليمه لقوات الأمن الإسبانية يشكلان انتهاكاً ارتكبته فرنسا للمادتين 3 و16 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
3-2 واحتج أولاً بالفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية وأكد أن وسائل الانتصاف المحلية المتاحة للطعن في أوامر الطرد لم تكن لا مجدية ولا فعالة لأنها لم تحدث أثراً موقفا ولأن المحاكم قد أصدرت حكمها بعد مرور فترة طويلة على مباشرة إجراءات طرده. وبالإضافة إلى ذلك، كانت الإجراءات بالغة الطول. ومن ثم فلا يجوز تطبيق شرط استنفاد وسائل الانتصاف المحلية المفروض لقبول بلاغ، في هذه الحالة.
3-3 وأكد مقدم البلاغ أن أصله وانتماءه السياسي وإدانته في فرنسا والتهديدات التي تعرض لها هو شخصياً وأصدقاؤه وأسرته، جميعها تشكل أسباباً حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه قد يتعرض لإساءة المعاملة أثناء حبسه على ذمة التحقيق وبأن الشرطة الإسبانية قد تلجأ إلى استخدام جميع الوسائل الممكنة، بما فيها التعذيب، لإرغامه على الإدلاء بمعلومات عن أنشطة منظمة إيتا. وقال إن الخطر كان حقيقياً وبخاصة أن السلطات الإسبانية قد وصفته في الصحف بأنه أحد زعماء منظمة إيتا.
3-4 وأشار مقدم البلاغ إلى أن تسليمه لقوات الأمن الإسبانية كان "تسليماً مستتراً لمجرم" قصد حبسه وإدانته في إسبانيا. وكان ذلك إجراءً إدارياً لم يتخذ بناء على طلب تسليم مقدم من السلطات القضائية الإسبانية. وقال إن حبسه حبساً انفرادياً على ذمة التحقيق لمدة خمسة أيام بموجب القانون الإسباني المتعلق بالإرهاب كان الغرض منهما الحصول على الاعترافات اللازمة لإدانته. وخلال هذه الفترة، لم توفر له الحماية القضائية التي كان ينبغي توفيرها في حالة تسليمه كمجرم. ومن ثم فإن عدم وجود ضمانات قضائية زاد خطر التعذيب.
3-5 وأشار مقدم البلاغ، تأييداً لادعاءاته، إلى حالات عدد كبير من السجناء من أبناء الباسك الذين عذبتهم الشرطة الإسبانية في الفترة ما بين عامي 1986 و1996 بعد طردهم من الأراضي الفرنسية واقتيادهم إلى الحدود وتسليمهم لقوات الأمن الإسبانية. وبالإضافة إلى ذلك، أشار إلى تقارير مختلف الهيئات الدولية والمنظمات غير الحكومية التي أعربت عن قلقها إزاء اللجوء إلى التعذيب وإساءة المعاملة في إسبانيا، وتمسك إسبانيا بقوانين تسمح بحبس الأشخاص المشتبه في انتمائهم إلى جماعات مسلحة أو في تعاونهم معها حبساً انفرادياً لمدة خمسة أيام وإزاء إفلات مرتكبي التعذيب من العقاب. واجتماع هذه العوامل المختلفة (وجود ممارسة إدارية، والنقص الخطير في حماية الأشخاص المحرومين من حريتهم وعدم معاقبة الموظفين المسؤولين عن التعذيب) يوفر سبباً حقيقياً للاعتقاد بأن مقدم البلاغ يواجه خطراً حقيقياً للتعرض للتعذيب. وأخيراً، أعرب عن مخاوفه إزاء ما قد يتعرض لـه من ظروف احتجاز في حالة سجنه في إسبانيا.
3-6- أشار مقدم البلاغ، في بلاغه المؤرخ في 16 كانون الأول/ديسمبر 1996، إلى أنه عند ترحيله إلى الحدود، قد يتعرض لإساءة المعاملة على نحو يتنافى مع المادة 16 من الاتفاقية نظراً لاحتمال لجوء رجال الشرطة إلى استعمال القوة ولعزلته التامة عن أسرته ومحاميه.
3-7 وكرر مقدم البلاغ، في رسالته المؤرخة في 17 آذار/مارس 1997 أن الدولة الطرف قد انتهكت المادتين 3 و16 من الاتفاقية وانتهكت المادتين 2 و22 علاوة على ذلك. وأوضح أن فرنسا، بتبريرها لتسليم مقدم البلاغ لقوات الأمن الإسبانية، قد انتهكت المادة 2 من الاتفاقية. وبررت فرنسا تسليمه بضرورة التضامن بين الدول الأوروبية والتعاون في مكافحة الإرهاب. ولكن لا يجوز التمسك لا بحالة الصراع العنيف السائدة في إقليم الباسك ولا بالتضامن بين الدول الأوروبية ولا بمكافحة الإرهاب لتبرير لجوء قوات الأمن الإسبانية إلى ممارسة التعذيب.
3-8 وبالإضافة إلى ذلك، يؤكد مقدم البلاغ أن الدولة الطرف، بتنفيذها لتدبير الإبعاد وتسليمه لقوات الأمن الإسبانية، رغم طلب اللجنة بعدم طرده، تكون قد انتهكت المادة 22 من الاتفاقية، لأن ممارسة الحق في التظلم الفردي المنصوص عليه في هذه المادة لم يعد لها أثر. ويرى أن سلوك الدولة الطرف يعني في هذه الظروف إنكاراً الطابع الملزم للاتفاقية.
3-9 ولام مقدم البلاغ على السلطات الفرنسية أيضاً التأخر في إخطاره بقرار الطرد وتنفيذه الفوري ورأى أنها تعمدت ذلك لحرمانه من الاتصال بأسرته ومحاميه، ومنعه من إعداد دفاع جيد وتعريضه لظروف نفسية سيئة. فبهذه الطريقة سيعجز من الناحية العملية عن اللجوء إلى أي وسيلة انتصاف في الفترة ما بين إخطاره بقرار الطرد وتنفيذه الفوري.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية
4-1 في رد مؤرخ في 31 تشرين الأول/أكتوبر 1997، طعنت الدولة الطرف في مقبولية البلاغ. وأشارت إلى أنها في 13 كانون الثاني/يناير 1997، وهو التاريخ الذي اتُخذ ونُفذ فيه قرار الطرد، لم تكن على علم بطلب الإيقاف الذي أرسلته اللجنة والذي تلقته في 14 كانون الثاني/يناير 1997، ومن ثم لم تتمكن من أخذه في الحسبان. وأضافت أن الطرد الفوري والسريع كان ضرورياً لأسباب تتعلق بالنظام العام.
4-2 وتعتبر الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد وسائل الانتصاف المحلية. وأشارت إلى أنه إذا ما اعتبرت اللجنة رغم ذلك، في ضوء طبيعة الانتهاك المدعى وقوعه، أن وسائل الانتصاف التي تم اللجوء إليها أمام القضاء ضد الأوامر الإدارية والقضائية لم تكن مفيدة، نظراً لأنها لم تحدث أثراً موقفا، فإن هناك وسائل انتصاف أخرى كانت متاحة أمام مقدم البلاغ. وأوضحت أنه كان باستطاعة مقدم البلاغ، وقت إخطاره بقرار الطرد وقرار اختيار إسبانيا كبلد يرحل إليه، أن يتقدم إلى المحكمة الإدارية بطلب إيقاف تنفيذ أو طلب تطبيق المادة L.10 من قانون المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية. وكان باستطاعة مقدم البلاغ أيضاً، وقت إخطاره بالقرارين، أن يرفع الأمر أمام القاضي القضائي متمسكاً بأعمال الغصب بما أنه اعتبر أن تدبير الترحيل إلى إسبانيا يفتقر إلى الأساس القانوني وينتهك حرية أساسية. وأشارت الدولة الطرف إلى أن وسيلة الانتصاف هذه كانت ستثمر نظراً للسرعة التي ينبغي أن يتدخل بها القاضي القضائي والسلطة الممنوحة لـه لإنهاء حالة تشكل أعمال غصب.
4-3 وأوضحت الدولة الطرف أيضاً أنه للحصول على حكم سريع، كان باستطاعة مقدم البلاغ أن يرفع دعوى أمام قاضي الأمور المستعجلة على أساس المادة 485 من قانون الإجراءات المدنية الجديد(د). وأقرت الدولة الطرف بأنه لا يجوز قبول دعوى الأمور المستعجلة إلا إذا جاءت تأييداً لدعوى أصلية، لكنها أشارت إلى أن هذه الدعوى كانت سترتكز في هذه الحالة على المطالبة بتعويضات جبراً للضرر الناجم عن أعمال الغصب. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه لم يكن في استطاعة الحاكم الموقِّع على قراري الطرد والإعادة إلى إسبانيا أن يعترض على نظر القاضي القضائي في هذه الدعوى بموجب المادة 136 من قانون الإجراءات الجنائية(هـ).
تعليقات مقدِّم البلاغ
5-1 أشار مقدم البلاغ، في تعليقاته على رد الدولة الطرف، إلى الوقائع والإجراءات التي شرحها في رسالته السابقة وكرر ملاحظاته بشأن مقبولية البلاغ. وفيما يتعلق بالمسائل الجوهرية، ذكَّر بادعاءاته بشأن الأخطار التي تهدده شخصياً في حالة طرده إلى إسبانيا وبشأن ما تعرض له من تعذيب وإساءة معاملة.
5-2 وفيما يتعلق بطلب إيقاف قرار الطرد الذي وجهته اللجنة في 13 كانون الثاني/يناير 1997، يعترض مقدم البلاغ على ملاحظات الحكومة الفرنسية التي أشارت إلى أنها لم تتلق هذا الطلب إلا في 14 كانون الثاني/يناير 1997 وأنها لم تتمكن بالتالي من أخذه بعين الاعتبار. وأوضح أن ممثله قد أُبلغ عن طريق الفاكس بالطلب الذي وجهته اللجنة في 13 كانون الثاني/يناير 1997، قبل إخطار مقدم البلاغ بقرار الطرد مساء يوم 13 كانون الثاني/يناير 1997. وقال مقدم البلاغ إن الشرطة الفرنسية لم تسلمه للحرس المدني إلا يوم 14 كانون الثاني/يناير 1997. ورأى أنه كان باستطاعة الحكومة الفرنسية، أثناء ترحيله، أن تتصل بموظفيها لإيقاف تنفيذ الطرد.
5-3 وبالإضافة إلى ذلك، يحتج مقدم البلاغ بأنه إذا كانت الحكومة الفرنسية لم تتلق طلب اللجنة إلا في 14 كانون الثاني/يناير 1997، فإنه كان من واجبها بمجرد تلقي هذا الطلب، وبموجب المادة 3 من الاتفاقية، أن تتدخل لدى السلطات الإسبانية، بالطريق الدبلوماسي على سبيل المثال، لحماية مقدم البلاغ من أي إساءة معاملة قد يتعرض لها. وأوضح أن تعذيبه قد استمر حتى 16 كانون الثاني/يناير 1997، أي بعد أن تلقت السلطات الفرنسية طلب اللجنة.
5-4 ويعترض مقدم البلاغ أيضاً على ملاحظات الدولة الطرف التي تشير إلى أن طرده فوراً وسريعاً كان ضرورياً لأسباب تتعلق بالنظام العام. وقال إن السلطات الفرنسية قد اختارت اقتياده من سجن فرين إلى الحدود الفرنسية الإسبانية، وهي أبعد حدود عن باريس، رغم أنه كان من حق السيد أركاوث، باعتباره مواطنا أوروبياً، الإقامة والحركة بحرية في جميع أراضي الاتحاد الأوروبي، ومن ثم في بلدان حدودها أقرب كثيراً. وقال مقدم البلاغ إن هذا عنصر إضافي يثبت أن السلطات الفرنسية قامت بتسليمه لقوات الأمن الإسبانية عمداً ومع سبق الإصرار.
5-5 وفيما يتعلق بوسائل الانتصاف المحلية، أشار مقدم البلاغ أولاً إلى أن قاعدة استنفاد وسائل الانتصاف المحلية تتعلق بوسائل الانتصاف المتاحة، أي التي يمكن الانتفاع بها. لكنه مُنع من الانتفاع بوسائل الانتصاف المتاحة. وأوضح قائلاً إن الشرطة الفرنسية قد نفذت قرار الطرد في الحال ومنعته من إخطار زوجته ومحاميه. ومن ثم كانت هناك استحالة مادية للاتصال بهم وإبلاغهم بالإخطار المتعلق بقرار الطرد وطلب طعنهم فوراً في قرار طرده. وبالإضافة إلى ذلك، فقد رفضت السلطات الفرنسية أن تعطيهم معلومات عنه.
5-6 وثانياً، يؤكد السيد أركاوث إلى أنه وفقاً للفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية، لا تسري قاعدة استنفاد وسائل الانتصاف المحلية عندما تتجاوز إجراءات الانتصاف الحدود الزمنية المعقولة. وأضاف قائلا إن وسائل الانتصاف المحلية ضد تدابير الإبعاد يجب أن تكون فورية وذات أثر موقف. غير أنه في هذه الحالة، لم يتمكن أي قاضٍ من إصدار حكمه خلال هذه المهلة المعقولة، بما أن الأحكام موضوع النزاع قد نفذت فور إخطار الشخص المعني بها.
5-7 وثالثاً، يوضح السيد أركاوث أنه بموجب الفقرة نفسها من المادة 22، تتعلق قاعدة استنفاد وسائل الانتصاف بوسائل الانتصاف الفعالة والملائمة ومن ثم فإنها لا تسري إذا ما كان احتمال إرضائها للشخص ضئيلاً. وفي هذه الحالة، لا يمكن اعتبار وسائل الانتصاف أمام القاضي الإداري والقاضي القضائي على نحو ما تقترحه الدولة الطرف فعالة وملائمة.
5-8 والواقع أنه فيما يتعلق بالطريق الإداري، يشير مقدم البلاغ إلى أنه قد تقدم على سبيل الاحتياط بطعن أمام محكمة ليموج الإدارية ضد تبرير الطرد، وأن المحكمة لم تبت في طلبه إلا بعد تنفيذ التدبير. وفيما يتعلق بإدعاء الدولة الطرف بأنه كان باستطاعة السيد أركاوث أن يلجأ من جديد إلى المحكمة الإدارية، وقت إخطاره بقرار الطرد وقرار اختيار إسبانيا كبلد يرحل إليه، لرفع دعوى إيقاف تنفيذ أو دعوى لتطبيق المادة L.10 من قانون المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية، رد السيد أركاوث قائلاً إن هذا الطعن لم يكن سيحقق نتائج أفضل من سابقه.
5-9 وفيما يتعلق بالطريق القضائي، يعترض مقدم البلاغ على نظرية أعمال الغصب التي طرحتها الدولة الطرف. وأوضح أن هذه النظرية لا تسري في القانون الفرنسي إلا في ظروف استثنائية، وبخاصة حينما تتخذ الإدارة قراراً يكون من الواضح أنه لا يدخل في نطاق سلطتها أو حينما تباشر تنفيذ قرار من تلقاء نفسها، رغم أنه ليس من سلطتها القيام بذلك، وهذا لا ينطبق على حالته. ويشير السيد أركاوث إلى أحكام صادرة من محكمة حل النزاعات المتعلقة بالاختصاص وتفيد بأن قرار الطرد، حتى وإن كان غير قانوني، وقرار تنفيذه لا يعتبران من أعمال الغصب، وأن المحاكم الإدارية وحدها هي المختصة بالنظر فيهما.
قرار اللجنة فيما يتعلق بالمقبولية
6-1 بحثت اللجنة، في دورتها العشرين، مسألة مقبولية البلاغ. وتأكدت من أن المسألة نفسها لم يسبق ولا يجري الآن بحثها أمام هيئة دولية أخرى معنية بتقصي الحقائق أو التسوية. وفيما يتعلق باستنفاد وسائل الانتصاف المحلية، لاحظت اللجنة أن الطعن المرفوع أمام المحكمة الإدارية طلباً لإيقاف تنفيذ تدبير الطرد الذي قد يُتخذ ضد مقدم البلاغ لم يكن قد تم البت فيه وقت تنفيذ هذا التدبير. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الطعن في القرار الوزاري بالطرد الذي صدر ضد الملتمس في 13 كانون الثاني/يناير 1997 لم يكن سيفيد بل لم يكن ممكناً، بما أنه لن يحدث أثراً موقفا وبما أن تدبير الطرد قد نُفذ فور الإخطار به، مما حال دون قيام الشخص المعني بالطعن. ومن ثم رأت اللجنة أن الفقرة الفرعية 5(ب) من المادة 22 لا تمنع قبول البلاغ.
6-2 وبناء على ذلك، قررت لجنة مناهضة التعذيب، في 19 أيار/مايو 1998، أن البلاغ مقبول.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن قرار اللجنة بمقبولية البلاغ
7-1 في رد مؤرخ في 4 كانون الثاني/يناير 1999، قدمت الدولة الطرف إيضاحات فيما يتعلق بمسألة استنفاد وسائل الانتصاف المحلية. وأشارت إلى أنه لا يمكن اعتبار طعن مقدم البلاغ أمام محكمة ليموج الإدارية طعناً ذا صلة بالموضوع، بما أنه لا يتعلق بالقرار المطعون فيه أمام اللجنة. وأوضحت أن هذا الطعن، المسجل بتاريخ 16 كانون الأول/ديسمبر 1996 بقلم كتاب المحكمة، لم يكن ضد تدبير الطرد موضوع النزاع، وهو التدبير الذي لم يكن قد اتُخذ بعد، بل كان ضد تدبير طرد "قد" يتخذ. وأشارت إلى أن هذه الصيغة وحدها كانت تكفي لجعل طعن السيد أركاوث غير مقبول، بما أن قضاء المحاكم الإدارية يقضي على الدوام بأن يطعن الملتمس في قرارات فعلية وقائمة. ومن ثم فإن عدم إتمام البت في هذا الطعن في 13 كانون الثاني/يناير 1997، عندما صدر قرار الطرد لا يبدو حاسماً في هذه الحالة. وأوضحت أن الحكم قد صدر بعد يومين من ذلك التاريخ، أي بعد تسجيل الطعن بأقل من شهر. وقالت إن من الواضح أن منطوق هذا الحكم القضائي لا يتسم بطابع الاستعجال المطلق بما أنه لا يتعلق بتدبير فعلي وإنما بتدبير محتمل.
7-2 وامتنع مقدم البلاغ عن الطعن في القرار الوزاري المؤرخ في 13 كانون الثاني/يناير 1997 والذي يقضي بطرده من الأراضي الفرنسية وفي القرار الذي يحدد إسبانيا كبلد المقصد. وكان اللجوء إلى طلب إيقاف، على نحو ما تنص عليه المادة L.10 من قانون المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية، وهو الإجراء الذي لم يكن الملتمس يجهل إمكانية اللجوء إليه، بلا جدال وسيلة الانتصاف المحلية المناسبة المتاحة. بيد أن هذه الوسيلة لم تستخدم. وتخلص الدولة الطرف بالتالي إلى أن على اللجنة أن تعلن عدم مقبولية البلاغ استناداً إلى الفقرة 6 من المادة 110 من نظامها الداخلي.
7-3 وأشارت الدولة الطرف إن الباعث على تنفيذ تدبير الإبعاد المطعون فيه لم يكن رغبة الحكومة في التحايل على حق الشخص المعني في اللجوء إلى وسيلة انتصاف، سواء على المستوى الوطني أو على المستوى الدولي. وفيما يتعلق تحديداً بالتوصية التي قدمتها اللجنة عملاً بالمادة 108 من نظامها الداخلي، أشارت إلى أن الحكومة لم تكن قد علمت فعلاً في 13 كانون الثاني/يناير 1997، وهو تاريخ صدور وتنفيذ قرار الطرد، بطلب الإيقاف الذي وجهته اللجنة في رسالتها المؤرخة في 13 كانون الثاني/يناير 1997، والتي تلقتها البعثة الدائمة لفرنسا لدى الأمم المتحدة في جنيف في اليوم التالي، على نحو ما يؤكده الختم المطبوع على الوثيقة المذكورة لدى وصولها. وقالت إن هذا هو سبب عدم أخذ الطلب بعين الاعتبار قبل تنفيذ التدبير.
7-4 وأشارت الدولة الطرف إلى أن تدبير الإبعاد قد نُفذ في 13 كانون الثاني/يناير 1997 لأن مقدم البلاغ كان قد سدد في ذلك التاريخ المبلغ المستحق عليه للخزانة العامة وفقا للإدانة القضائية الصادرة ضده، ولم يعد هناك أي سبب لإرجاء النطق بقرار الإبعاد وتنفيذه، بالنظر إلى خطر وجوده على النظام العام بعد إطلاق سراحه. وأضافت أن مقدم البلاغ لم يقدم الدليل على أنه كانت هناك استحالة مادية لقيامه بالطعن، وأنه لم ينكر قط أن الإخطار بقرار الطرد الذي رفض التوقيع عليه كان يشير إلى وسائل الانتصاف والمهلة المحددة لها.
تعليقات مقدم البلاغ
8-1 يشير مقدم البلاغ إلى أنه عندما أُخطر بقرار الطرد وقرار تحديد إسبانيا كبلد مقصد، منعته السلطات من الاتصال بزوجته ومحاميه. وبالإضافة إلى ذلك، لم تتمكن زوجة مقدم البلاغ ومحاميه من الحصول على أي معلومات عنه عندما طلبا ذلك. ومن ثم فخلافاً لما تؤكده الدولة الطرف، تعذر على مقدم البلاغ، بعد إخطاره بقرار الطرد وقبل تنفيذه، أن يقوم بالطعن، أو أن يتقدم بطلبه إلى شخص مسؤول أو أن يتصل بمن كانوا يستطيعون القيام بذلك بالإنابة عنه.
8-2 ويشير مقدم البلاغ إلى أن الطلبات المقدمة إلى محكمة ليموج الإدارية قد أُحيلت في 27 تموز/يوليه 1998 إلى محكمة بو الإدارية للنظر فيها، وأن هذه المحكمة قد أصدرت حكمها في 4 شباط/فبراير 1999. ورأت المحكمة أنه إذا كان الطلب سابقا لأوانه في التاريخ الذي قدم فيه، فإن صدور قراري 13 كانون الثاني/يناير 1997 القاضيين بطرد السيد أركاوث وإبعاده إلى إسبانيا يصحح هذا الطلب. ولاحظت المحكمة أيضاً عدم شرعية تسليم مقدم البلاغ لقوات الأمن الإسبانية وبناء على ذلك قامت بإلغاء هذا التدبير. بيد أن الطعن أمام القضاء الإداري الفرنسي ليس له أثر موقف ولم تفضل محكمة بو الإدارية في طلب مقدم البلاغ إلا بعد عامين من التنفيذ الفعلي لقرار الطرد. ومن ثم فإن تقرير عدم شرعية تسليم مقدم البلاغ ليس له سوى أثر رمزي في هذه الحالة.
8-3 وفيما يتعلق بالطلب الذي وجهته اللجنة لإيقاف قرار الطرد، يكرر مقدم البلاغ الحجج التي سبق أن ساقها في هذا الصدد(و).
ملاحظات الدولة الطرف بشأن الموضوع
9-1 تشير الدولة الطرف إلى أن مقدم البلاغ قد مُنح، لدى وصوله إلى فرنسا، تراخيص إقامة مؤقتة باعتباره ملتمس لجوء لكن المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية ولجنة الطعون قد رفضا طلبه في عام 1981. وبعد ذلك، لم يقدم طلبا جديدا للحصول على مركز لاجئ، رغم إمكان ذلك، ولم يبحـث عن بلد ثالث يمكن أن يستقبله، رغم عدم شرعية وجوده وبإدراكه لاحتمال اتخاذ تدبير إبعاد نافع المفعول ضده. وفي عـام 1992، حُكم عليه بالسجن لمدة 8 سنوات والحرمان من الإقامة لمدة 10 سنوات والحرمان من دخول الأراضي لمدة 3 سنوات بتهمة الاتفاق الجنائي قصد التدبير لارتكاب جريمة أو أكثر، بالإضافة إلى حمل أسلحة بدون ترخيص وحيازة متفجرات وذخائر واستخدام وثائـق إدارية مزورة. وهذه الإدانة تسمح بالإعادة إلى الحدود بقوة القانون.
9-2 وتشير الدولة الطرف إلى أن السلطات الوطنية أجرت تقييما لحقيقة المخاطر التي أشار إليها مقدم البلاغ قبل تنفيذ إجراء الطرد، وفقا للمعايير المحددة في الفقرة 2 من المادة 3 من الاتفاقية.
9-3 ودعا وجود عنصرين رئيسيين الإدارة إلى الاعتقاد بأنه لا يوجد ما يمنع تنفيذ تدبير الإبعاد. فأولا، كانت الهيئات المتخصصة المكلفة بالاعتراف بصفة اللاجئ السياسي قد رفضت في عام 1981 طلب مقدم البلاغ، حيث اعتبرت أن ما كان يدعيه من خوف من الاضطهاد لا أساس له من الصحة. وثانيا، بالنظر إلى تعهدات إسبانيا في مجال حماية الحريات الأساسية، جاز للحكومة الفرنسية التي لم تكن تجهل بالتأكيد أن الشخص المعني قد يتعرض لملاحقات قضائية في هذا البلد، أن تعتبر أنه لا يوجد سبب حقيقي يدعو إلى الاعتقاد بأن مقدم البلاغ قد يتعرض للتعذيب. وشرعية هذا الموقف أكدته اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان التي رأت، في قرارين بعدم المقبولية أصدرتهما في عام 1998 في قضيتين مماثلتين تماما في ظروفهما الواقعية والقانونية، أنه لم يكن لدى الحكومة الفرنسية أي سبب حقيقي يبعث على الاعتقاد بأن الملتمسين كانوا سيتعرضون للتعذيب في إسبانيا. وأشارت اللجنة إلى وجود قرينة في صالح هذا البلد فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان، وهي بصورة رئيسية انضمامه إلى الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وبروتوكوله الإضافي. وأشارت من جهة أخرى إلى تقرير اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب الذي جاء فيه أنه لا يجوز اعتبار التعذيب ممارسة مألوفة في إسبانيا.
9-4 وتشير الدولة الطرف أيضا إلى أن السيد أركاوث قد خضع لفحص طبي قبل اقتياده إلى الحدود، وأن هذا الفحص بيّن أن حالته الصحية البدنية تسمح بإعادته إلى الحدود وأنه بمجرد أن ألقت السلطات الإسبانية القبض عليه واحتجزته، خضع لفحص طبي آخر. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التدبير الذي اتخذ في إسبانيا كان بناء على تعليمات قاضي التحقيق الذي أصدر أوامر توقيف دولية وسمح بنقل السيد أركاوث إلى مباني الإدارات المركزية للحرس المدني في مدريد، قصد سماع أقواله بحضور محام.
9-5 وإذا فُرض أن مقدم البلاغ قد تعرض لتصرفات تتنافى مع المادة 3 من الاتفاقية، وهذا ما ستقرره الإجراءات الجارية في إسبانيا، فإنه لا يجوز النظر إلى هذه التصرفات إلا باعتبارها أفعالا منفردة، صدرت عن أشخاص يخالفون التوجهات التي حددتها الدولة الإسبانية. وهكذا، لم تكن هذه التصرفات متوقعة ولا يجوز لوم الحكومة الفرنسية لعدم توقعها لهذا الاحتمال ولعدم منعها حدوثه.
9-6 وللأسباب المذكورة جميعها، لا يجوز الجزم بأن هناك إنكارا لأحكام المادة 3 من الاتفاقية.
9-7 وفيما يتعلق بالشكوى المستندة إلى انتهاك المادة 16 من الاتفاقية، تشير الدولة الطرف إلى أنه لا جدوى من تمسك مقدم البلاغ بالأحكام الواردة في هذه المادة، لأنها غير واجبة التطبيق نظرا لأن الإقليم الذي يدعى أن انتهاكات المادة 3 من الاتفاقية قد وقعت فيه لا يخضع للولاية القضائية للدولة الفرنسية.
تعليقات مقدم البلاغ
10-1 يكرر مقدم البلاغ أن هناك أسبابا حقيقية تبعث على الاعتقاد بأن طرده إلى إسبانيا سيعرضه للتعذيب. وأشار إلى أن وجود هذا الخطر تؤيده العناصر التالية: إن مقدم البلاغ وأسرته قد تعرضا لتهديدات ومضايقات؛ وإن جماعات التحرير المناهضة للإرهاب كانت تدبر محاولة لاغتياله؛ وان الشرطة الفرنسية قد سلمته للحرس المدني لشعب مكافحة الإرهاب بثكنة إنتكساوروندو، المتهمة علنا بممارسة التعذيب ضمن جملة اتهامات أخرى. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه أثناء استجوابه في كانون الثاني/يناير 1997، أكد له رجال الحرس المدني أنهم كانوا قد دبروا محاولة لاغتياله عندما كان يقيم في بايون؛ ووصفته السلطات الإسبانية بأنه مسؤول كبير في منظمة إيتا.
10-2 ويكرر مقدم البلاغ أن مدة الحبس على ذمة التحقيق وظروفه تساعد قوات الأمن الإسبانية على ممارسة التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة وأن آلية الرقابة وتقديم المساعدات الطبية القانونية للأشخاص المحبوسين على ذمة التحقيق يشوبها قصور خطير. ويذكر أن التحقيقات في وقائع التعذيب بالغة الصعوبة وعند نجاحها أحيانا تكون الإجراءات بالغة الطول.
10-3 وتؤكد الدولة الطرف أنه كان يمكن أن يلتمس مقدم البلاغ مركز اللاجئ السياسي محتجا بالمخاطر التي تهدد حياته وحريته في حالة عودته إلى إسبانيا. ولكن لأسباب سياسية، لم تعد الحكومة الفرنسية تمنح هذا المركز لأبناء إقليم الباسك الذين يلتمسونه. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحماية التي تنص عليها المادة 3 من الاتفاقية تخص "أي شخص" وليس فقط المرشحين للحصول على مركز اللاجئ أو الحاصلين عليه.
10-4 ويشير مقدم البلاغ إلى أن الدولة الطرف تستسلم لتفسير خاطئ لملاحظات اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب. فقد قررت اللجنة أن "من السابق لأوانه القول بأنه قد تم استئصال ظاهرة التعذيب والأنواع الخطرة من إساءة المعاملة" في إسبانيا(ز).
10-5 وإذا كانت إسبانيا طرفا في الاتفاقية واعترفت باختصاص اللجنة عملاً بالمادة 22 فإن ذلك لا يشكل في هذه الحالة ضمانا كافيا لأمن مقدم البلاغ.
10-6 وفيما يتعلق بانتهاك المادة 16 من الاتفاقية، لم تُنكر الدولة الطرف أن مقدم البلاغ قد تعرض لإساءة المعاملة أثناء نقله إلى الحدود. وكان ينبغي أن تُجري السلطات المختصة تحقيقا فوريا ونزيها في هذه الوقائع، وفقا للمادة 12 من الاتفاقية. غير أن ذلك لم يحدث. ولا تنكر الدولة الطرف أن مقدم البلاغ قد سلم بصورة غير مشروعة لسلطات الأمن الإسبانية بينما كان يعاني من حالة ضعف بالغ، بعد إضرابه عن الطعام لمدة 35 يوما وإضرابه عن الشرب لمدة 5 أيام. وتسليم شخص في هذه الحالة قصد إخضاعه لاستجواب مطول يشكل في حد ذاته معاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة. وعند طرد الشخص المعني، سلم رجال الشرطة الفرنسيون ملفه الطبي للحرس المدني الإسباني. واستُخدمت المعلومات الطبية التي يتضمنها هذا الملف، وبخاصة إصابة مقدم البلاغ باعتلال قرصي تنكسي، أثناء حبسه على ذمة التحقيق لزيادة معاناته، ولا سيما بإرغامه على أوضاع كان الغرض منها زيادة آلامه القطنية. وتقديم هذا الملف الطبي يشكل أيضا معاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة.
مداولات اللجنة
11-1 وفقا للفقرة 6 من المادة 110 من النظام الداخلي، أعادت اللجنة النظر في مسألة المقبولية في ضوء الملاحظات التي أبدتها الدولة الطرف بشأن قرار اللجنة باعتبار البلاغ مقبولا. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن الطلب الذي رفعه مقدم البلاغ إلى محكمة ليموج الإدارية كان ذا صلة بالموضوع حتى وإن لم يكن تدبير الطرد قد اتُخذ وقت إيداع الطلب. وأكد ذلك حكم محكمة بو الإدارية الذي قضى بأن اعتماد قراري 13 كانون الثاني/يناير 1997 اللذين يقضيان بطرد السيد أركاوث وإبعاده إلى إسبانيا قد صحح طلب مقدم البلاغ. وبناء على ذلك، لم تجد اللجنة أسباباً لإلغاء قرارها.
11-2 وتحيط اللجنة علما بادعاءات مقدم البلاغ فيما يتعلق بإساءة المعاملة التي تعرض لها على أيدي رجال الشرطة الفرنسيين أثناء اقتياده إلى الحدود الإسبانية. غير أن اللجنة ترى أن مقدم البلاغ لم يستنفد وسائل الانتصاف المحلية في هذا الصدد. ومن ثم تعلن أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول.
11-3 وفيما يتعلق بموضوع البلاغ، يجب أن تقرر اللجنة ما إذا كان طرد مقدم البلاغ إلى إسبانيا يشكل إخلالا بالتزام الدولة الطرف، وفقا للفقرة 1 من المادة 3 من الاتفاقية، بعدم طرد أو رد شخص إلى دولة أخرى توجد فيها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه قد يتعرض للتعذيب. ولهذا السبب، يجب أن تراعي اللجنة جميع الاعتبارات المتصلة بالموضوع بغية تحديد ما إذا كان الشخص المعني معرضا شخصيا للخطر.
11-4 وتذكر اللجنة بأنها، أثناء نظرها في التقرير الدوري الثالث المقدم من إسبانيا وفقا للمادة 19 من الاتفاقية، كانت قد أعربت عن قلقها إزاء الادعاءات التي تشير إلى تعرضه بصفة متكررة للتعذيب وإساءة المعاملة. وأشارت أيضا إلى أنه رغم الضمانات القانونية المصاحبة لشروط اتخاذ قرار الاحتجاز، فإنه توجد حالات للحبس الانفرادي لفترات طويلة، وهو نظام لا يسمح للشخص المحتجز بالحصول على مساعدة محام يقوم باختياره، ويساعد فيما يبدو على ممارسة التعذيب. وكانت معظم الشكاوى التي تلقتها تتعلق بعمليات تعذيب تمت خلال هذه الفترة(ح). ودواعي القلق هذه سبق أن أعربت عنها اللجنة أثناء نظرها في التقرير الدوري الثاني(ط) كما أعرب عنها في الملاحظات الختامية للجنة المعنية بحقوق الإنسان فيما يتعلق بالتقرير الدوري الرابع الذي قدمته إسبانيا وفقا للمادة 40 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية(ي). أما لجنة مناهضة التعذيب، فقد أشارت أيضا إلى ما تلقته من ادعاءات بالتعذيب أو إساءة المعاملة أثناء زيارتها لإسبانيا في عامي 1991 و1994، وبخاصة ادعاءات الأشخاص المحتجزين بتهمة القيام بأنشطة إرهابية. وخلصت لجنة مناهضة التعذيب إلى أن من السابق لأوانه الجزم بأنه قد تم استئصال التعذيب وإساءة المعاملة الخطيرة في إسبانيا(ك).
-5 وتلاحظ اللجنة الظروف المحددة التي أحاطت بطرد مقدم البلاغ. فأولا كان مقدم البلاغ قد أدين في فرنسا لصلته بمنظمة إيتا وكانت الشرطة الإسبانية تبحث عنه وكان مشتبها في شغله لمركز مهم داخل هذه المنظمة، حسبما أفادت الصحف. وكانت هناك أيضا شكوك أعربت عنها بصورة خاصة منظمات غير حكومية أشارت إلى أن هناك أشخاصا آخرين في نفس ظروف مقدم البلاغ قد تعرضوا للتعذيب فور طردهم إلى إسبانيا وأثناء احتجازهم مع العزل في هذا البلد. وقد تم الطرد وفقا لإجراء إداري قررت محكمة بو الادارية فيما بعد عدمشرعيته مشيرة إلى التسليم المباشر من شرطة لشرطة(ل) وفي الحال وبدون تدخل سلطة قضائية ودون أن تتاح لمقدم البلاغ فرصة الاتصال بأسرته أو محاميه. وهذه الظروف تتنافى مع حقوق المحتجز وتجعله معرضا بصورة كبيرة لإساءة المعاملة. وتسلم اللجنة بضرورة إقامة تعاون وثيق بين الدول في مكافحة الجريمة واتخاذ تدابير فعالة في هذا الصدد. لكنها ترى أن هذه التدابير يجب أن تحترم تماماً حقوق الأفراد وحرياتهم الأساسية.
12- وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن طرد مقدم البلاغ إلى إسبانيا، في الظروف التي تم فيها، يشكل انتهاكاً من الدولة الطرف للمادة 3 من الاتفاقية.
13- ووفقا للفقرة 5 من المادة 111 من النظام الداخلي، تود اللجنة موافاتها، في غضون 90 يوما، بمعلومات عما اتخذته الدولة الطرف من تدابير بناء على هذه الملاحظات.
[حرر بالفرنسية (النص الأصلي) والإسبانية والإنكليزية والروسية.]
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/55/40، المرفق الثامن.
(أ) تقوم طريقة التعذيب هذه على تغطية الرأس بكيس من البلاستيك حتى الاختناق.
(ب) مرفق بالبلاغ نسخة من التقرير.
(ج) في تاريخ اعتماد هذه الملاحظات لم يكن تقرير هذه اللجنة عن زيارتها قد نُشر.
(د) تنص المادة على أن "ترفع الدعوى المستعجلة بتكليف الحضور أمام المحكمة في اليوم والساعة المحددين للنظر في الدعاوى المستعجلة. وفي حالة الضرورة، يجوز لقاضي الأمور المستعجلة أن يأذن بالتكليف بالحضور أمام المحكمة أو في منزله، في ساعة محددة، بما في ذلك في أيام العطلات الرسمية والراحات، ويكون النظر في الدعوى في هذه الحالة في جلسة علنية".
(هـ) "في جميع الدعاوى المتعلقة بانتهاك الحرية الفردية، لا يجوز للسلطة الإدارية أن تعترض على النظر في النزاع وتكون المحاكم القضائية دائماً هي المختصة دون غيرها بالفصل فيه".
(و) انظر الفقرتين 5-2 و5-3.
(ز) التقارير المقدمة إلى الحكومة الإسبانية بشأن الزيارات التي تمت خلال الفترات من 1 إلى 12 نيسان/أبريل 1991، ومن 10 إلى 22 نيسان/أبريل 1994، ومن 10 إلى 14 حزيران/يونيه 1994، CPT.Inf (96)9, paragraphes 25 et 206.
(ح) A/53/44، الفقرتان 129 و131.
(ط) A/48/44، الفقرتان 456 و457.
(ي) CCPR/C/79/Add.61 المؤرخة في 3 نيسان/أبريل 1996.
(ك) CPT/Inf(96)9، الفقرتان 208 و209.
(ل) أثناء النظر في التقرير الدوري الثاني المقدم من فرنسا وفقا للمادة 19 من الاتفاقية، أعربت اللجنة عن قلقها إزاء ممارسة عمليات التسليم من شرطة لشرطة بلد آخر A/53/44)، الفقرة 143).

العودة للصفحة الرئيسية