آراء وقرارات لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من الاتفاقية

البلاغ رقم 180/2001


مقدم الشكوى: السيد ف. ف. ز.
مقدم بإسمه من: ماريان فولوند
الدولة الطرف: الدانمرك
تاريخ التقديم: 1 آذار/مارس 2002

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
المجتمعة في 30 نيسان/أبريل 2002،
وقد انتهت من نظرها في الشكوى رقم 180/2001، المقدمة إلى لجنة مناهضة التعذيب، بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينـة،
وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات التي أتاحها لها مقدم الشكوى ومحاميه والدولة الطرف،
تعتمد مقررها بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية.

المقرر
1-1 مقدم الشكوى ف. ف. ز.، وهو مواطن من الجماهيرية العربية الليبية من مواليد 29 أيلول/سبتمبر 1968 ومقيم حالياً في الدانمرك، حيث يلتمس اللجوء. ويدعي أن عودته إلى ليبيا بعد رفض طلبه اللجوء يمثل انتهاكاً من قبل الدانمرك للمادة 3 من الاتفاقية. وتمثله محامية.
1-2 ووفقاً للفقرة 3 من المادة 22 من الاتفاقية، أحالت اللجنة الشكوى إلى الدولة الطرف في 11 نيسان/أبريل 2001. وعملاً بالمادة 108 من النظام الداخلي للجنة، طلب إلى الدولة الطرف عدم طرد مقدم الشكوى إلى ليبيا ريثما تنظر اللجنة في حالته. وأكدت الدولة الطرف في مذكراتها المؤرخة 12 حزيران/يونيه 2001، أن مقدم الشكوى لن يطرد أثناء نظر شكواه.
الوقائع كما عرضت
2-1 عاش مقدم الشكوى في مدينة بنغازي منذ مولده. وحصل على درجته في الاقتصاد في عام 1992، وكان له متجره الخاص من عام 1993 حتى رحيله من ليبيا. وكان عمه أ. أ. عضواً في حركة الجماعة الإسلامية في ليبيا (يشار إليها فيما بعد باسم الجماعة). وأمضى مقدم الشكوى وقتاً طويلاً مع عمه وكان العم يقترض سيارته، مما لفت انتباه دائرة الأمن لمقدم الشكوى. وأيد مقدم الشكوى أيضاً الجماعة وحضر اجتماعات في المساجد مراراً.
2-2 وفي عام 1989، اصطدم أعضاء الجماعة بالسلطات، وعليه، قامت دائرة الأمن بتوقيف جميع الأشخاص الذين على علاقة بالحركة الإسلامية. وقبض على مقدم الشكوى وعصبت عيناه، ونقل إلى مكان مجهول حيث خضع للاستجواب الذي تعرض أثناءه للعنف، وأجبر على الاعتراف بأنه ضالع في الحركة الإسلامية. واستمرت التحقيقات لمدة ساعتين، نقل بعدها مقدم الشكوى إلى زنزانة. وأعيد استجوابه بعد يومين. وبعد 9 أيام، أفرج عنه بعد أن أمر بقطع علاقته بالحركة الإسلامية.
2-3 ومن أيار/مايو 1995 حتى أيار/مايو 1996، شارك في جمـع الأمـوال لصالح أقارب السجناء السياسيين، في مبادرة من الجماعة. وفي تموز/يوليه 1995، أخذته دائرة الأمن من متجره إلى منطقة زراعية خارج بنغازي حيث استجوب لمدة ثلاث إلى أربع ساعات عن تنقلاته واتصالاته منذ توقيفه في عام 1989 ثم أفرج عنه.
2-4 وفي 21 أيار/مايو 1996، أعدمت دائرة الأمن أ. أ. عم مقدم الشكوى بدون محاكمة لمشاركته في الجماعة. وذكر إعدام أ. أ. أيضاً في تقرير منظمة العفو الدولية عن ليبيا لعام 1997. وفي مساء 22 أيار/مايو 1996، أخذت دائرة الأمن مقدم الشكوى عنوة من سريرة وقيدت يداه. ونقل بعد ذلك في صندوق سيارة إلى مخفر شرطة حيث احتجز في زنزانة، وأمر بالوقوف ووجهه إلى الحائط وتعرض للتعذيب والاعتداء عليه بالقول من شخصين. وأمر بعد ذلك بالوقوف في المكان نفسه لعدة ساعات، وبدأت دائرة الأمن في استجوابه عن اتصالاته وأنشطته السياسية وضرب بقبضات اليد والصفع على وجهه ومؤخرات البنادق وركل وتعرض طول الوقت لكلمات بذيئة. وبعد الاستجواب، أعيد مقدم الشكوى إلى زنزانته حيث وضع مرة أخرى في مواجهة الحائط معصوب العينين ومقيد اليدين.
2-5 ونقل مقدم الشكوى وهو لا يزال معصوب العينين لاستجواب جديد هذه المرة عن صلاته بعمه. وكان في هذا الوقت لا يعلم أن عمه قد أعدم. وقيل له إن عمه أبلغ دائرة الأمن أنه مشترك في الجناح المسلح في الحركة الإسلامية، وهو ما أنكره. وركل وضرب بالعصي بينما كان الحاضرون يتضاحكون. وبعد هذا الاستجواب أُعيد مقدم الشكوى إلى زنزانته حيث احتجز لمدة 8 أيام معصوب العينين مقيد اليدين لمدة يومين منهما. ثم نقل في صندوق سيارة إلى مكان آخر حيث بدأ استجوابه مرة أخرى واستمر الاستجواب 11 ساعة، بهدف حمل مقدم الشكوى على الاعتراف بمشاركته في الحركة الإسلامية، وتعرض خلال الاستجواب إلى الضرب والركل، ثم ألقي على الأرض وقيدت قدماه وربطتا إلى أعلى بعصا وضرب على باطن قدميه وعرِّض لصدمات كهربائية. وفي النهاية أعطى ورقة قيل له أنه مكتوب عليها "بيانه"؛ ووقع على الورقة بدون معرفة مضمونها. وأعيد بعد ذلك إلى زنزانته.
2-6 وبعد ستة أو سبعة أيام، نقل مقدم الشكوى إلى مكتب، وسأله رجلان فيه عما إذا كان قد عومل معاملة حسنة في السجن ورد بالإيجاب. وووجه بخيارين: إما السجن مدى الحياة أو التجسس على من يقابلهم في المسجد. ولتفادي السجن، وافق مقدم الشكوى على التجسس، وأفرج عنه في 15 تموز/يوليه 1996، مع أوامر بأن يتوجه إلى دائرة الشرطة كل يوم خميس.
2-7 وظل مقدم الشكوى يحضر إلى دائرة الشرطة كل يوم خميس حتى غادر بنغازي إلى طرابلس في 21 أو 22 آب/أغسطس 1996. وكان مقدم الشكوى قد قرر خلال فترة احتجازه الرحيل من ليبيا، ولكن كان عليه أن ينتظر بعض الوقت قبل الرحيل حتى لا تتعرض أسرته لخطر الإضرار بها. بيد أن شخصاً آخر هو ف. ف. إ. من جيران مقدم الشكوى ومشترك معه في المجموعة نفسها، سبق أن قبض عليه وأفرج عنه في اليوم نفسه، قد تعرض للتوقيف مرة أخرى في آب/أغسطس 1996. وأدى هذا إلى رحيل مقدم الشكوى من طرابلس فوراً. وعلم بعد ذلك أن أخاه قبض عليه واحتجز لمدة شهر تقريباً بسبب رحيل مقدم الشكوى. وفي نهاية عام 1997 أو مطلع عام 1998، أبلغ أيضاً بأن ف. إ. مات في السحن.
2-8 وأقام مقدم الشكوى في طرابلس مع قريب له في انتظار الحصول على تأشيرة لدخول الدانمرك التي كان قد قدم طلباً بشأنها قبل توقيفه، لزيارة أخيه. وبالنظر إلى أن صدور التأشيرة استغرق وقتاً أطول من المتوقع، طلب مقدم الشكوى أن ترسل التأشيرة إلى مالطة. وفي 26 آب/أغسطس 1996، أبحر مقدم الشكوى بطريقة غير قانونية إلى مالطه، بعد أن حصل له أحد معارفه على دمغة خروج على جواز سفره.
2-9 وفي 27 آب/أغسطس، وصل مقدم الشكوى إلى مالطة، حيث حصل على التأشيرة المطلوبة، وسافر إلى الدانمرك في اليوم نفسه. ودخل الدانمرك بجواز سفر تنتهي صلاحيته في 24 شباط/فبراير 2000، وكان قد قدم تمديده في 25 تشرين الأول/أكتوبر 1995، وكانت به التأشيرة الصادرة من القنصلية الدانمركية في فاليتا. وذهب أولاً لزيارة أخيه. وبعد فترة، التقى بامرأة تزوجها في تشرين الأول/أكتوبر 1996، وفي 6 كانون الثاني/يناير 1997، منح تصريح إقامة بسبب زواجه. وانفصل الزوجان في نيسان/أبريل 1998، ولكنهما عادا للمعيشة معاً في آذار/مارس 1999 ولكن وقع الطلاق في النهاية في كانون الأول/ديسمبر 2000، وكان صاحب الشكوى قد قدم طلباً للجوء في 24 نيسان/أبريل 1997.
2-10 وفي 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، رفضت دائرة الهجرة طلب صاحب الشكوى للجوء. وكانت أسباب الرفض تتعلق بإيضاحاته بشأن حالات التوقيف الثلاثة التي ذكرها. وفيما يتعلق بالتوقيف الذي حدث في عام 1989، علقت دائرة الهجرة أهمية على حقيقة أن مقدم الشكوى لم يكن عضواً في حزب سياسي وأنه لم يشارك في أية أنشطة سياسية، وأن دائرة الأمن ألقت القبض على كل من كان في المسجد، وأن تعرض مقدم الشكوى للضرب لا يمثل بحد ذاته سبباً لقبول طلب اللجوء، وأن مقدم الشكوى قد أفرج عنه بعد 9 أيام.
2-11 وفيما يتعلق بالتوقيف الذي حدث في تموز/يوليه 1995، علقت دائرة الهجرة أهمية على أن التوقيف كان بسبب شغب حدث في أيار/مايو شارك فيه أعضاء الجماعة واصطدموا بدائرة الأمن ولم يكن مقدم الشكوى مشتركاً فيه، وأنه تم توقيف كثير من الناس وأنه لم يتعرض لاضطهاد فردي، وأنه أفرج عنه بعد 3 أو 4 ساعات فقط. وفيما يتعلق بالتوقيف الذي حدث في أيار/مايو 1996، علقت دائرة الهجرة أهميته على أنه تم توقيف مقدم الشكوى بسبب ان عمه كان مرتبطاً بالحركة الإسلامية وأن دائرة الأمن شكت فيه بدون مبرر بأنه هو الآخر مرتبط بالحركة، وأن تعرضه لمعاملة خشنة لا يمثل في حد ذاته أساساً لقبول طلب اللجوء، وأن مقدم الشكوى أفرج عنه بعد ثلاثة أسابيع. كما أنه ليس سبباً من وجهة نظر دائرة الهجرة لقبول طلب اللجوء أن مقدم الشكوى أمر بتقديم معلومات عن أصدقائه وحضوره إلى دائرة الشرطة كل يوم خميس؛ كما أن توقيف أخيه بعد رحيله، مع مراعاة أنه أفرج عنه بعد شهر واحد، وأن مقدم الشكوى كان يجمع الأموال لصالح السجناء السياسيين لا يعتبران سبباً لقبول طلب اللجوء، بالنظر إلى أنه لم يتعرض لمنازعات مع السلطات بسبب ذلك. كما أن مقدم الشكوى ذكر أيضاً أن هناك حظر على الإقامة خارج ليبيا لأكثر من ستة شهور. بيد أن وزارة الخارجية أكدت في رسالة مؤرخة 30 كانون الثاني/يناير 1998 أن المواطنين الليبيين الذين يعودون إلى ليبيا بعد مضي أكثر من سنة على مغادرتهم القانونية أو غير القانونية يتم احتجازهم واستجوابهم ثم يفرج عنهم بعد بضع ساعات. وختاماً، علقت دائرة الهجرة أهمية على حقيقة أن جواز سفر مقدم الشكوى كان به دمغة خروج مؤرخة 27 آب/أغسطس 1996، ولكنه لم يقدم طلب اللجوء إلا في 24 نيسان/ أبريل 1997.
2-12 وفي 13 كانون الثاني/يناير 1999، فحص فريق طبي من منظمة العفو الدولية (الفرع الدانمركي) مقدم الطلب وكانت نتيجة الفحص أن الأعراض الظاهرة عليه كثيراً ما تبدو على من يتعرضون لإجهاد شديد مثل أعمال الحرب أو الاحتجاز أو التعذيب، وأن هذه الأعراض تناظر نتائج التعذيب. وبالإضافة إلى ذلك، كان رأي الفريق الطبي، على الرغم من أنه لم يحدد أي أعراض بدنية للتعذيب، أن مقدم الشكوى يحتاج إلى علاج بسبب أعراضه النفسية الخطيرة. وأرسل التقرير إلى السلطات الدانمركية في 4 شباط/فبراير 1999.
2-13 واستأنف مقدم الشكوى ضد قرار دائرة الهجرة أمام مجلس استئناف اللاجئين. الذي أكد قرار دائرة الهجرة في 12 آذار/مارس 1999 واعتبر مجلس شؤون اللاجئين، مشيراً إلى رسالة من وزارة الخارجية، أنه من غير المحتمل أن يتعرض مقدم الشكوى لخطر الاضطهاد لدى عودته إلى ليبيا. وبالإضافة إلى تكرار بعض الحجج التي استندت إليها دائرة الهجرة، علق مجلس استئناف اللاجئين أهمية على حقيقة أن مقدم الشكوى غادر ليبيا بصورة قانونية في 26آب/أغسطس 1996، حيث دمغ جواز سفره عند المغادرة، وعليه، فإنه لم يجد سبباً للاعتقاد بأنه معرض للاضطهاد على النحو المبين في قانون اللجوء. وبالإضافة إلى ذلك لم يعلق مجلس استئناف اللاجئين أهمية على التقرير الطبي لمنظمة العفو الدولية بشأن مقدم الشكوى، بالنظر إلى أن التقرير لم يشتمل على إشارات موضوعية بأنه تعرض للتعذيب. وحدد موعداً لترحيل مقدم الشكوى هو 17 آذار/مارس 1999.
2-14 وفيما يتعلق برفض السلطات الدانمركية طلب اللجوء الذي تقدم به صاحب الشكوى، بينت المحامية أن التقرير الطبي يؤيد أقوال مقدم الشكوى بشأن التعذيب، وإذا كانت قد تبقت أية شكوك، كان ينبغي منحه موافقة بالاستناد إلى قاعدة البراءة لعدم كفاية الأدلة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن صاحب الشكوى قدم طلب اللجوء بعد 8 شهور من وصوله إلى الدانمرك لأنه لم يكن يعرف إجراءات اللجوء عند وصوله، وقابل امرأة وظن أنه من الأفضل أن يتزوج. وذكرت المحامية أيضاً أنه كان ينبغي لدائرة الهجرة أن تراعي الآثار التراكمية لتوقيف مقدم الشكوى بدلاً من تقسيمها. وفي هذا السياق استشهدت المحامية بفقرة وردت في دليل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقول "إن إخراج الأحداث فرادى من سياقها يمكن أن يكون مضللاً ويجب أن يؤخذ في الاعتبار الأثر التراكمي للتجارب التي حدثت لمقدم الطلب". أما فيما يتعلق بوجهة نظر مجلس استئناف اللاجئين في التقرير الطبي، شددت المحامية على انه كان ينبغي للسلطات الدانمركية أن تجري فحصاً طبياً لمقدم الشكوى عندما قدم طلب اللجوء عام 1997؛ وهو مالم يحدث إلا في عام 1999 بناء على طلب المحامية.
الشكوى
3- يدعي مقدم الشكوى أنه توجد أسباب قوية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيتعرض للتعذيب مرة أخرى إذا أعيد إلى ليبيا. ويدعي أيضاً أنه يوجد نمط ثابت من انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة والجماعية في ليبيا، يمثل وفقاً للفقرة 2 من المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب، ظروفاً ينبغي للدولة الطرف أن تأخذها في الحسبان عند البت في مسألة الطرد.
ملاحظات الدولة الطرف
4-1 قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها إلى اللجنة في 12 حزيران/يونيه 2001. وعارضت الدولة الطرف في مقبولية الحالة، وترى أن ترحيل مقدم الشكوى إلى ليبيا لا يمثل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.
4-2 وأعادت الدولة الطرف تأكيد الأسباب التي استندت إليها قرارات دائرة الهجرة ومجلس استئناف اللاجئين، وأضافت إلى وقائع الحالة أن مسؤولاً من دائرة الهجرة الدانمركية أجرى مقابلة في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 1997 مع مقدم الشكوى بشأن طلبي اللجوء اللذين قدمهما، واستُعين بمترجم قال إنه يفهمه.
4-3 وبالإضافة إلى ذلك، ألغت دائرة الهجرة الدانمركية في 22 حزيران/يونيه 1998، تصريح إقامة مقدم الشكوى، بالنظر إلى أنه توقف عن عشرة زوجته الدانمركية وأنه لم يعد مستوفياً لشروط تصريح الإقامة. وأيدت وزارة الداخلية القرار في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1998.
4-4 وفي 16 آذار/مارس 1999، رفضت وزارة الداخلية طلب مقدم الشكوى الحصول على تصريح إقامة لأسباب إنسانية. بيد أنه في 25 آذار/مارس 1999، أعادت دائرة الهجرة الدانمركية إصدار تصريح الإقامة لمقدم الشكوى لدى عودته للعشرة مع زوجته الدانمركية. وفي 4 نيسان/أبريل 2001، رفضت دائرة الهجرة الدانمركية ثانية تمديد تصريح الإقامة لمقدم الشكوى، بالنظر إلى أنه لم يعد معاشراً لزوجته. وحددت وزارة الخارجية موعداً لرحيله في 9 أيار/مايو 2001 من الدانمرك.
4-5 وترى الدولة الطرف أن قرار مجلس استئناف اللاجئين استند في رفض طلب اللجوء إلى تقييم محدد وفردي، وأعادت تأكيد أنه لا توجد أسباب قوية تدعو للاعتقاد بأن عودة مقدم الشكوى إلى ليبيا تعني أنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب. وفي هذا السياق أشارت الدولة الطرف إلى قرار مجلس استئناف اللاجئين وشددت على أن وزارة الخارجية بحثت المسألة. فقد ذكرت في تقرير لها أن الكثير من المواطنين الليبيين الذين غادروا ليبيا بطريقة غير قانونية عادوا إليها بدون مشاكل كبيرة. وبالإضافة إلى ذلك، أشير إلى أن المواطنين الليبيين العائدين إلى ليبيا بعد أكثر من سنة من الإقامة في الخارج يحتجزون ويستجوبون من قبل السلطات ثم يفرج عنهم. وبالإضافة إلى ذلك، رُئٌيَ بالنظر إلى أنه من غير الممكن عملياً للمواطن الليبي أن يحصل على تمديد لجواز سفره إذا كان موضع اهتمام السلطات، فإن من البديهي أن إصدار جواز سفر لمقدم الشكوى يشير إلى أنه ليس شخصياً في خطر. وفي هذا الشأن تشير الدولة الطرف مستشهدة بالقضية أ. و. أ ضد السويد(أ) إلى أن خطر التعرض للاحتجاز ليس سبباً كافياً بحد ذاته لإدراج حالة في نطاق المادة 3 من الاتفاقية.
4-6 بالإضافة إلى ذلك، بينت الدولة الطرف أن مجلس استئناف اللاجئين، عند تقييمه لمصداقية مقدم الشكوى، أنه لم يتمكن من اعتبار مقدم الشكوى معرضاً للمعاملة المزعومة، بالنظر إلى أن التقرير الطبي المتاح وعدم وجود تفاصيل عن الفحص النفسي وعدم تقديم أي تشخيص لا يعزز أقوال مقدم الشكوى. وحتى إذا افترض أن مقدم الشكوى قد تعرض لما يدعيه من سوء معاملة، فإن الدولة الطرف تشير إلى استنتاج اللجنة في (أ. ل. ن ضد سويسرا و أ. ي. ز ضد السو(ب)) بأن التعذيب السابق ليس هو العنصر الوحيد الذي يؤخذ في الحسبان عند بحث إدعاء بموجب المادة 3 من الاتفاقية، وأن الهدف من النظر في الحالة هو تقرير ما إذا كان مقدم الشكوى سيتعرض لخطر التعذيب، إذا أعيد إلى بلد المنشأ.
4-7 وترى الدولة الطرف أن الأحداث التي حفزت مقدم الشكوى على الرحيل من ليبيا، حسبما قاله هو نفسه، ترجع إلى وقت بعيد، وأن أسرته لم تتعرض للملاحقة أو التحرش بسبب مقدم الشكوى، بالنظر إلى أن أخاه قبض عليه وأفرج عنه في عام 1996.
4-8 وأشير إلى الحالة طاهر حسين خان ضد كندا(ج) التي رأت فيها اللجنة أن مقدم الشكوى، إذا أعيد إلى بلد المنشأ، الذي ليس دولة طرفاً في الاتفاقية، لا تتوفر له إمكانية تقديم طلب للحماية إلى اللجنة على خلاف الحالة التي نحن بصددها التي يواجه فيها مقدم الطلب أخطار الإعادة إلى بلد انضم إلى الاتفاقية(د).
تعليقات مقدم الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف
5-1 بين مقدم الشكوى، في رسالة مؤرخة 1 آب/ أغسطس 2001، أن إشارات الدولة الطرف إلى الرسالة الواردة من وزارة الخارجية ليست ذات صلة بالقضية، بالنظر إلى أن الرسائل لا تتعلق فيما يدعي إلا بما إذا كان المواطنون الليبيون الذين غادروا ليبيا بطريقة غير قانونية يواجهون مشاكل إذا أعيدوا، وما إذا كان من المحتمل تمديد جوازات سفرهم إذا كانوا موضع اهتمام من السلطات. بيد أنه يسلم بالبيان الوارد في الرسالة بأنه "من غير الممكن عملياً للمواطن الليبي أن يحصل على تمديد لجواز سفره إذا كان موضع اهتمام السلطات الليبية" ولكنه يشدد على أن هذا ليس موقف مقدم الشكوى، ذلك لأنه حصل على تمديد لجواز سفره في 25 تشرين الأول/أكتوبر 1999، قبل أن تبدأ مشاكله مع السلطات. ومنذ 8 آذار/مارس 2000 حاول مقدم الشكوى بدون نجاح الحصول على تمديد لجواز سفره من السفارة الليبية في كوبنهاغن.
5-2 وفيما يتعلق بملاحظات الدولة الطرف بشأن التقرير الطبي لمنظمة العفو الدولية، بينت المحامية أنه لا يمكن في جميع الحالات توقع بقاء علامات بدنية للتعذيب بعد سنوات من حدوثه، وعلى سبيل المثال، حيث يكون الضحية قد تعرض لصدمات كهربية أو لكمات أو ركلات في الجسم أو "تعذيب الأوضاع" أو تهديدات بالتعذيب المستمر والاغتصاب. وأضافت المحامية أن هناك نتائج بدنية في التقرير الطبي بشأن القدم اليسرى المتورمة لمقدم الشكوى التي حدثت حسبما يقول مقدم الشكوى نتيجة ضربه على باطن قدميه. وأشارت المحامية أيضاً إلى مادة في المجلد الثاني من منشور "التعذيب" تنتقد حقيقة أن الأعراض النفسية لا تلقى من السلطات الاعتراف نفسه الذي تلقاه الأعراض البدنية.
القرار بشأن المقبولية وبحث الأسس الموضوعية
6- يجب على لجنة مناهضة التعذيب، قبل النظر في أي ادعاء وارد في شكوى ما، أن تقرر ما إذا كانت الشكوى مقبولة أو غير مقبولة بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وتأكدت اللجنة، كما هو مطلوب منها بموجب الفقرة 5 (أ) من المادة 22 من الاتفاقية، أن المسألة نفسها لم تبحث ولا يجري بحثها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اعترضت على مقبولية الشكوى، وعليه، فإنه يتعين على اللجنة أن تنظر في مقبولية الحالة.
7- وبالنظر إلى ادعاءات الدولة الطرف أن مقدم الشكوى أخفق في إثبات حالة مؤهلة مبدئياً للمقبولية، ترى اللجنة أنه أثبتها بأدلة كافية لغرض المقبولية. إذ أن دعواه هي أنه سيتعرض للتعذيب إذا أعيد إلى ليبيا.
8- ووفقاً للفقرة 1 من المادة 3 من الاتفاقية، يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كانت توجد أسس قوية تدعو إلى الاعتقاد بأن مقدم الشكوى سيكون في خطر التعرض للتعذيب إذا أعيد إلى ليبيا. وللتوصل إلى هذا، يجب على اللجنة، وفقاً للفقرة 2 من المادة 3 من الاتفاقية، أن تأخذ في الحسبان جميع العوامل ذات الصلة، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. وبعبارة أخرى، وجود نمط ثابت من انتهاكات حقوق الإنسان في نطاق المعنى الوارد في الفقرة 2 من المادة 3 يعزز اعتقاد اللجنة بوجود أسس قوية في نطاق معنى الفقرة.
9- بيد أنه يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كان الفرد المعني سيكون شخصياً في خطر التعرض للتعذيب في البلد الذي سيطرد إليه. وبالتالي، فإن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان لا يمثل بحد ذاته أساساً قوياً لاستنتاج أن شخصاً بعينه سيكون في خطر التعرض للتعذيب بعد إعادته إلى بلده؛ ويجب أن توجد أسباب إضافية لاستنتاج أن الشخص المعني سيكون شخصياً في خطر. وبالمثل، فإن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان لا يعني أنه لا يمكن اعتبار الشخص في خطر التعرض للتعذيب في ظروفه المحددة.
10- وعليه، فإنه في هذه القضية، يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا طرد مقدم الشكوى إلى ليبيا ستكون نتيجته المتوقعة أنه سيكون في خطر حقيقي وشخصي للتعرض للتوقيف والتعذيب.
11- وذكرت الدولة الطرف أن أياً من التوقيفات الثلاثة التي تعرض لها مقدم الشكوى لم يكن متعلقاً بأنشطته السياسية. وترى أيضاً أن مقدم الشكوى لم يكن ليتمكن من أن يدمغ جواز سفره لدى رحيله من ليبيا، إذا كان معرضاً للاضطهاد في ذلك الوقت، وأن التقرير الطبي لمنظمة العفو الدولية لا يوفر أي إشارة موضوعية لتعرضه لإساءات جسيمة. وأضافت إلى ذلك أن الأحداث التي حفزت رحيل مقدم الشكوى ترجع إلى وقت سابق، وأن أسرته لم تتعرض للملاحقة أو التحرش بسبب مقدم الشكوى، بالنظر إلى الإفراج عن أخيه في عام 1996. وترى اللجنة، بالاستناد إلى المعلومات المقدمة، أن الأنشطة السياسية التي يدعي مقدم الشكوى أنه قام بها ليس لها الطابع الذي يؤدي إلى استنتاج أنه يواجه خطراً حقيقياً للتعرض للتعذيب لدى عودته. والواقع أنه ليس معرضاً بصفة خاصة فيما يبدو للتعرض للاضطهاد من قبل السلطات الليبية. وقد بينت وزارة الخارجية الدانمركية أن المواطنين الليبيين الذين يعودون إلى ليبيا بعد مضي أكثر من سنة على رحيلهم بطريقة قانونية أو غير قانونية يتعرضون مراراً للتوقيف والاستجواب ولكن يتم الإفراج عنهم بعد بضع ساعات.
12- وبالاستناد إلى الاعتبارات السالفة الذكر، ترى اللجنة أن مقدم الشكوى لم يثبت ادعاءه بأنه توجد أسباب قوية تؤيد ادعاءه بأنه سيكون معرضاً لخطر التعذيب إذا أعيد إلى ليبيا.
13- وتخلص لجنة مناهضة التعذيب، عملاً منها بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، إلى أن ترحيل مقدم الشكوى إلى الجماهيرية العربية الليبية لا يمثل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/57/40، المرفق السابع.
(أ) القضية رقم 65/1997.
(ب) القضية رقم 90/1997، المقرر المعتمد في 19 أيار/مايو 1998 والقضية رقم 61/1996، المقرر المعتمد في 6 أيار/مايو 1998.
(ج) القضية رقم 15/1994، المقرر المعتمد في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 1994.
(د) دخلت اتفاقية مناهضة التعذيب حيز التنفيذ بالنسبة لليبيا في 15 حزيران/يونيه 1989، ولكن ليبيا لم تعترف باختصاص اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية

العودة للصفحة الرئيسية