آراء وقرارات لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من الاتفاقية

البلاغ رقم 154/2000


مقدم من: م. س (الاسم محذوف) [يمثله محام]
الضحية المزعومة: مقدم البلاغ
الدولة الطرف: أستراليا
تاريخ البلاغ: 25 كانون الثاني/يناير 2000

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
المجتمعة في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2002
وقد انتهت من نظرها في البلاغ رقم 154/2000، المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات التي أتاحها لها تقديم البلاغ والدولة الطرف،
تعتمد آراءها بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية.
1-1 مقدم البلاغ هو م. س وهو مواطن جزائري محتجز في مركز احتجاز المهاجرين في تشسترهيل، أستراليا. ويدعي أن ترحيله إلى الجزائر يمثل انتهاكاً للمادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من قبل أستراليا ويمثله مكتب خدمة قضايا واستشارات اللاجئين (أستراليا).
1-2 ووفقاً للفقرة 3 من المادة 22 من الاتفاقية، أحالت اللجنة البلاغ إلى الدولة الطرف في 28 كانون الثاني/يناير 2000، وفي الوقت نفسه، طلبت اللجنة، عملاً بالفقرة 9 من المادة 108 من نظامها الداخلي، من الدولة الطرف عدم طرد مقدم البلاغ أثناء نظر اللجنة في البلاغ.

الوقائع كما عرضها مقدم البلاغ
2-1 في 24 آب/أغسطس 1998، وصل مقدم البلاغ إلى أستراليا قادماً من جنوب أفريقيا بدون وثائق سفر صالحة. وطلب في المقابلة التي أجريت معه في المطار حماية الدولة الطرف كلاجئ.
2-2 وفي أيلول/سبتمبر 1998، قدم صاحب البلاغ طلب للحصول على مركز اللاجئ (تأشيرة حماية) إلى إدارة شؤون الهجرة والثقافات المتعددة، بموجب قانون الهجرة. وفي 8 تشرين الأول/أكتوبر 1998، سلمه مندوب من وزارة شؤون الهجرة قرار برفض طلبه تأشيرة حماية. وفي 14 كانون الأول/ديسمبر 1998 أكدت محكمة مراجعة شؤون اللاجئين هذا القرار. وفي 30 نيسان/أبريل 1999، رفضت المحكمة الاتحادية الأسترالية طلباً يلتمس فيه صاحب البلاغ مراجعة قضائية للقرار.
2-3 وفي 22 آدار/مارس 1999، طلب مقدم البلاغ من وزارة شؤون الهجرة التدخل وإبطال قرار المحكمة للصالح العام، عملاً بالفرع 417 من قانون الهجرة. وفي رسالة غير مؤرخة، أجاب الوزير بأنه قرر عدم ممارسة هذه السلطة. وفي أيلول/سبتمبر 1999، كتب المحامي مرة أخرى إلى الوزير طالباً منه السماح لمقدم البلاغ بالتقدم بطلب ثان للحصول على تأشيرة حماية بموجب الفرع 48 باء من قانون الهجرة. ولم ترد إجابة على هذا الطلب إلى المحامي.
2-4 ويذكر مقدم البلاغ أنه كان مشتركاً في أنشطة المساعدة الاجتماعية التي تقوم بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ منذ عام 1990، بعد مواعيد العمل، واعتاد مقدم البلاغ الذهاب إلى المكتب المحلي للجبهة وتقييم ما يقدم إلى الأسر المحتاجة. وفي كانون الثاني/يناير 1992 بعد أن ألغيت نتائج الانتخابات العامة للجمعية الوطنية، أغلق مكتب الجبهة المحلي واستدعت الشرطة (قوات الدرك) مقدم البلاغ واستجوبته لأكثر من ساعتين. وذكر مقدم البلاغ أنه بعد الإفراج عنه طلب إليه التوجه يومياً إلى الشرطة وعدم مغادرة بلدته نجاوس. وفي 16 أيلول/سبتمبر 1994، غادر الجزائر بمساعدة صديقه، إلى الجمهورية العربية السورية بطريق الجو. وفي اليوم التالي للرحيل وفي تشرين الأول/أكتوبر أيضاً، استجوبت الشرطة والده عن مكان إقامته. وذكر أيضاً أن والد مقدم البلاغ نصحه على أثر ذلك بعدم العودة إلى الجزائر لأن الشرطة تتهمه بعدم الاستجابة لاستدعاء للخدمة العسكرية.
2-5 وذكر مقدم البلاغ أنه غادر الجزائر في عام 1994 بعد أن سمع عن مرسوم رسمي باستدعاء أفراد الاحتياطي الذين أمضوا 18 شهراً فقط في الخدمة العسكرية، لمدة 6 شهور إضافية. وكان مقدم البلاغ قد خدم في الجيش من أيار/مايو 1988 إلى آذار/مارس 1990. وأشار مقدم البلاغ إلى أنه قد ذكرت التقارير في آذار/مارس 1994، أن وزير الداخلية الجزائري أعلن عن اعتزام الحكومة استدعاء آلاف من أفراد الاحتياطي، ولم تكن هذه التقارير معروضة على محكمة شؤون اللاجئين عندما كانت تراجع القضية.
2-6 وبين مقدم البلاغ أنه حصل في عام 1996 على نسخة قرار المحكمة مؤرخ 17 تشرين الثاني/نوفمبر 1996 يدينه بتشكيل مجموعة إرهابية وحكم غيابي عليه بالإعدام(أ).
الشكوى
3-1 يدعى مقدم البلاغ أن ترحيله إلى الجزائر يمثل انتهاكاً للفقرة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ويحتج مقدم لبلاغ بأن هناك أسباباً موضوعية للاعتقاد بأنه سوف يتعرض لخطر التعذيب عندما يبعد إلى الجزائر بسبب اعتباره من المتعاطفين مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ.
3-2 ويدعي مقدم البلاغ أنه لدى عودته سيكون مستهدفاً بوصفه متهرباً من الخدمة العسكرية وسوف تنسب إليه بصورة تلقائية اتهامات أن له آراء مناهضة للحكومة لتحاشيه الخدمة العسكرية.
3-3 ويدعي مقدم البلاغ أيضاً أنه لدى عودته سيتم توقيفه وسيتعرض للتعذيب من جراء قرار المحكمة لعام 1996. وذكر أن الحكم يتسق مع معرفة المحامي بعقوبات الهرب من جراء انتماءاته الإسلامية المفترضة.
3-4 ويدعي مقدم البلاغ أنه لدى عودته سوف يستجوب في المطار عن الفترة التي أمضاها خارج الجزائر وأنشطته. وقد يستجوب عما إذا كان قد طلب الحصول على مركز اللاجئ خارج الجزائر. واستشهد مقدم البلاغ بتقرير ورد في صحيفة بريطانية في حزيران/يونيه 1997 عن وفاة طالب لجوء رفض طلبه وأبعد إلى الجزائر.
3-5 ويدعي مقدم البلاغ أن الجزائر ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان التي لا تحدث بحصانة تامة فحسب ولكنها تنفذ أيضاً بموافقة أعلى المستويات. وأشار إلى الأحداث التي وقعت في الجزائر منذ عام 1992، وادعى على ضوئها أن هناك تجاهلاً معتاداً من قبل الجزائر لالتزاماتها بموجب المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان.
3-6 وادعى مقدم البلاغ أن جميع وسائل الانتصاف المحلية المتاحة قد استنفدت. وعلى الرغم من الاستجابة المعلقة من وزير شؤون الهجرة وعملاً بقانون الهجرة فقد يطرد الضحية المزعومة من أستراليا بمجرد أن يصبح ذلك عملياً بصورة معقولة.
ملاحظات الدولة الطرف على المقبولية والوقائع الموضوعية
4-1 رأت الدولة الطرف، في إجابتها المؤرخة 14 تشرين الثاني/نوفمبر2000 أن الطلب غير مقبول، بالنظر أنه يفتقر إلى الحد الأدنى من إثبات صحته حسبما تقتضيه المادة 22 من الاتفاقية.
4-2 وإذا وجدت اللجنة أن الطلب مقبول، فإن الدولة الطرف ترى أنه يفتقر إلى الموضوعية باعتبار أن أسس الاعتقاد بان الضحية المزعومة سيتعرض للتعذيب لدى عودته إلى الجزائر ليست قوية ولا شخصية ولا قائمة.
4-3 وعلى حين تعترف الدولة الطرف بخطورة حالة حقوق الإنسان بالجزائر، فإنها ترى أن التقارير الحديثة العهد تشير إلى أن الحالة تحسنت. وأشارت الدولة الطرف إلى اعتماد قانون الوفاق الوطني في عام 1999 وموافقة وزارة الداخلية الجزائرية على التحقيق في حالات الاختفاء. وأكدت الدولة الطرف أن تقارير منظمة العفو الدولية ومرصد حقوق الإنسان ووزارة خارجية الولايات الأمريكية المتحدة تبين فعلياً أن عدد حالات الاختفاء والتوقيف والتعذيب والقتل خارج نطاق القانون التي ترتكب في الجزائر انخفضت في عام 1999. وتلاحظ الدولة الطرف أن الجزائر انضمت إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب مع إصدار الإعلانات المنصوص عليها في المادتين 21 و22 والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
4-4 وترى الدولة الطرف أنه لا يوجد سبب وجيه للاعتقاد بأن مقدم البلاغ سيتعرض للتعذيب لدى عودته للجزائر بسبب مشاركته المزعومة في العمل مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ. وتطلب الدولة الطرف إلى اللجنة أن تولي الوزن المناسب للنتائج التي توصلت إليها إدارة شؤون اللاجئين في هذا الشأن، بالنظر إلى أن صاحب البلاغ لم يقدم معلومات جديدة بشأن طلبه. وتذكر الدولة الطرف بالنتائج التي توصلت إليها المحكمة بأن مقدم البلاغ لم يكن عضواً في الجبهة الإسلامية للإنقاذ وأنه ليست له اهتمامات أو مشاركة في أنشطتها السياسية وأن الشرطة الجزائرية غير مهتمة به على أية حال. واحتجت المحكمة بأن بيانات مقدم البلاغ بأنه كان مطلوباً منه التوجه يومياً إلى مقر الشرطة وتقييد سفره من الواضح أنها تمثل بيانات غير معقولة في ضوء الأدلة على معاملة أعضاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ خلال الفترة المعنية. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه على ضوء التطورات الأخيرة في الجزائر ترى الدولة الطرف أنه من غير المحتمل أن يلفت التعاطف مع الجبهة انتباه السلطات الجزائرية.
5-4 وفيما يتعلق باستدعاء مقدم البلاغ للخدمة العسكرية، فإن الدولة الطرف أشارت إلى أن النتائج التي توصلت إليها محكمة شؤون اللاجئين تبين عدم وجود استدعاء عسكري حتى آذار/مارس 1995. وتشير المعلومات القطرية الواردة إلى الدولة الطرف إلى أنه كان هناك استدعاء من قبل لأفراد الاحتياطي في عام 1991. ولكن لم يحدث استدعاء آخر حتى آذار/مارس 1995. وتذكر الدولة الطرف أيضاً بأنه لا دليل على أن مقدم البلاغ قد استدعى على الإطلاق. كما أشارت الأدلة المستقلة إلى أنه من المفترض أن يكون قد أرسل إشعار إلى منزل مقدم البلاغ. وحتى في حالة عدم استجابة مقدم البلاغ لاستدعاء أفراد الاحتياطي، فإن الضحية المزعومة لم يقدم أي معلومات محددة على الإطلاق على أنه من المحتمل أن يتعرض إلى التعذيب. وتشير الدولة الطرف إلى المبادئ التوجيهية التي وضعتها مفوضية شؤون اللاجئين بشأن طالبي اللجوء الجزائريين وترى أن احتمال التوقيف وحده لا يدعم ادعاءات احتمال التعذيب.
4-6 وترى الدولة الطرف أن نسخة قرار المحكمة المقدمة من صاحب البلاغ يحتمل أن تكون غير حقيقية في ضوء ما ذكره مقدم البلاغ نفسه عن وقت صدور الأمر لا يتسق مع تاريخ الأمر وأن الحكم الصادر لا يتسق مع المعلومات الواردة عن العقوبات التي تصدر ضد أفراد الاحتياطي الذين لا يستجيبون للاستدعاء، وهو التوقيف والسجن لفترة تتراوح بين ثلاثة أشهر وحتى 10 سنوات بحسب الأحوال. وتشير الدولة الطرف كذلك إلى تقارير منظمة العفو الدولية عن وجود وقف اختياري في الجزائر لتنفيذ أحكام الإعدام منذ كانون الأول/ديسمبر 1994 وأنه لم ينفذ أي حكم منذ ذلك الوقت.
4-7 وفيما يتعلق بادعاءات مقدم البلاغ بأنه يواجه خطر التعرض للتعذيب بسبب الشك في انه قدم طلباً للحصول على مركز اللاجئ أو التماس الملاذ، فقد أشير إلى أن الضحية المزعومة لم يقدم أي دليل يعزز ملاحظة أن السلطات الجزائرية على علم بالطلبات التي قدمها في أستراليا أو جنوب أفريقيا. وتشير المعلومات القطرية الواردة إلى الدولة الطرف إلى أنه حتى إذا كانت السلطات الجزائرية على علم بالطلبات التي قدمها صاحب البلاغ، فإنه لا يوجد سبب وجيه للاعتقاد بأنه سيتعرض للتعذيب.
تعليقات مقدم البلاغ
5-1 يرى مقدم البلاغ أن حالة حقوق الإنسان في الجزائر لا تزال حرجة. واحتج بأن الجزائر لا تزال تتجاهل أو غير قادرة على الرد على اتهامات التعذيب وسوء المعاملة التي يتعرض لها الأشخاص الذين يتم توقيفهم للشك بأنهم على صلة بالمجموعات المسلحة. ويشير مقدم البلاغ إلى المذكرة الواردة في الملاحظات الختامية للجنة المعنية للحقوق الإنسان في عام 1998 بأن مصادر معلومات عديدة تبين أن حالات التعذيب والاختفاء والإعدام بدون محاكمة تحدث في الجزائر. وبالإضافة إلى ذلك، يلاحظ مقدم البلاغ استمرار قلق منظمة العفو الدولية بشأن تعذيب من استجوبوا بسبب احتمال أن تكون لهم صلات بأعضاء المجموعات المسلحة. ويرى مقدم البلاغ أن التمييز بين المشاركة مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ والعضوية العاملة أثناء الاستجواب تمييز مصطنع. وبالإضافة إلى ذلك لم يرد دليل يعتبر أساساً لاستنتاج أن أنشطة المساعدة الاجتماعية، ذات الدلالة السياسية الواضحة، لا تعتبر أنشطة سياسية من جانب السلطات الجزائرية.
5-2 ويرى مقدم البلاغ أنه في ضوء التطورات القريبة العهد فإنه من السذاجة الاحتجاج بأن تعاطف مقدم البلاغ مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ لا يحتمل أن يلفت انتباه الشرطة الجزائرية إلى حالته. ويرى أن من لم يطلبوا العفو أومن لا يدخلون في نطاقه حسب نصوص قانون الوفاق الوطني سيلاحقون على الأرجح ملاحقة قوية.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
6-1 تلاحظ اللجنة المعلومات الواردة من الدولة الطرف بأن طرد مقدم البلاغ قد أرجئ، عملاً بطلب اللجنة بموجب الفقرة 9 من المادة 108 من نظامها الداخلي.
6-2 وقبل أن تنظر لجنة مناهضة التعذيب في أي ادعاءات واردة في بلاغ ما، يجب أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وتأكدت اللجنة، حسبما هو مطلوب منها بموجب الفقرة (أ) من المادة 22 من الاتفاقية من أن المسألة نفسها لم تبحث ولا يجري بحثها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وترى الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول من حيث الموضوع. غير أن الدولة الطرف لم تقدم مزيداً من الحجج في هذا الشأن وما قدمته هو آراء بشأن الأسس الموضوعية، إذا وجدت اللجنة أن البلاغ مقبول. علية فإن اللجنة ترى أن حجج الدولة الطرف تثير قضايا فنية فقط ينبغي تناولها مع الأسس الموضوعية وليس في مرحلة بحث المقبولية. وبالنظر إلى أن اللجنة لا ترى عوائق أخرى أمام المقبولية، فإنها تعلن أن البلاغ مقبول.
6-3 ويجب أن تقرر اللجنة عملاً بالفقرة 1 من المادة 3 من الاتفاقية ما إذا كانت هناك أسباب قوية للاعتقاد بأن مقدم البلاغ سيكون في خطر التعرض للتعذيب لدى عودته إلى الجزائر. وللتوصل إلى هذا القرار، يجب على اللجنة أن تأخذ في حسبانها جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملاً بالفقرة 2 من المادة 3 من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان بيد أن الغرض من تحديد هذا هو ما إذا كان الفرد المعني سيواجه شخصياً خطر التعرض للتعذيب في البلد الذي سيعود إليه. وبالتالي، فإن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً لأن تقرر اللجنة أن شخصاً بعينه سيواجه خطر التعرض للتعذيب لدى عودته إلى ذلك البلد، ويجب أن تكون هناك أسباب إضافية تظهر أن الفرد المعني سيكون شخصياً في خطر، وبالمثل، فإن عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لا يعني أنه لا يمكن اعتبار شخص يواجه خطر التعرض للتعذيب بسبب ظروفه الخاصة.
6-4 وتلاحظ اللجنة، في هذه الحالة، أن الأنشطة الاجتماعية التي قام بها مقدم البلاغ من أجل الجبهة الإسلامية للإنقاذ ترجع في تاريخها إلى بداية عام 1992 وهو الوقت الذي احتجز واستجوب فيه لمدة ساعتين وليس من المؤكد أن مقدم البلاغ قد عذب أو قدم للمحاكمة بسبب أنشطته من أجل الجبهة قبل مغادرته الجزائر إلى سوريا.
6-5 وتلاحظ اللجنة أن مقدم البلاغ يطلب الحماية المنصوص عليها في المادة 3 على أساس أنه شخصياً في خطر التعرض للتوقيف والتعذيب فيما يتعلق بقرار المحكمة المطعون فيه لعام 1996. بيد أن البلاغ لم يقدم أي معلومات تؤيد ادعاءه بأنه سيتعرض لخطر التعذيب. وترى اللجنة أنه حتى إذا كانت متأكدة من أن مقدم البلاغ سيتم توقيفه لدى عودته إلى الجزائر بسبب إدانته السابقة فإن مجرد حقيقة أنه سيتم توقيفه لا تمثل أساساً وجيهاً بأنه سيكون شخصياً في خطر التعذيب(ب).
6-6 وفيما يتعلق بادعاء مقدم البلاغ بأنه كان مستهدفاً وأنه ستنسب إليه بصورة تلقائية أن له آراء مناهضة للحكومة، فإن اللجنة تلاحظ أن مقدم البلاغ لم يقدم دليلاً على أنه كان هناك في الواقع استدعاء لمقدم البلاغ على الإطلاق. ولا يمكن من واقع الأدلة المعروضة على اللجنة، إقرار أن مقدم البلاغ يواجه خطر التعرض للتعذيب إذا استجوب في المطار لدى عودته إلى الجزائر.
6-7 وتشير اللجنة إلى أنه، لأغراض المادة 3 من الاتفاقية، يجب أن يوجد خطر حقيقي وشخصي للتعرض للتعذيب في البلد الذي يعاد إليه شخص ما. وترى اللجنة، بالاستناد إلى الاعتبارات سالفة الذكر، أن صاحب البلاغ لم يقدم من الأدلة ما يكفي لإقناع اللجنة بأنه يواجه خطراً شخصياً لأن يتعرض للتعذيب إذا عاد إلى الجزائر.
7- وترى لجنة مناهضة التعذيب، عملاً منها بالفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أن ترحيل مقدم البلاغ إلى الجزائر، لا يمثل، بالاستناد إلى المعلومات المقدمة، انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/57/40، المرفق السابع.
(أ) يذكر النص المترجم للقرار المقدم من صاحب البلاغ في الجزء ذي الصلة فيه "أصدرت المحكمة في عدم حضور المتهم م. س حكماً بالإعدام".
(ب) انظر ب. ك. ل. ضد كندا، البلاغ رقم 57/1996 الفقرة 10-5.

العودة للصفحة الرئيسية