آراء وقرارات لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من الاتفاقية

البلاغ رقم 147/1999


مقدم من: ي. س. (لم يعلن الاسم) [يمثله محام]
الضحية المزعومة: صاحب البلاغ
الدولة الطرف: سويسرا
تاريخ البلاغ: 7 تشرين الأول/أكتوبر 1999

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة،
المجتمعة في 15 أيار/مايو 2001،
وقد انتهت من نظرها في البلاغ رقم 147/1999 المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب وفقاً للمادة 22 من الاتفاقية،
وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المقدمة إليها من صاحب البلاغ والدولة الطرف،
تعتمد القرار التالي:
1-1 صاحب البلاغ هو السيد ي. س.، وهو مواطن تركي من أصل كردي، ولد في 7 حزيران/يونيه 1953، ويقيم حالياً في سويسرا حيث طلب اللجوء في 18 حزيران/يونيه 1998. وهو يؤكد، بعد رفض طلبه، أن إعادته القسرية إلى تركيا تشكل انتهاكاً من جانب سويسرا للمادة 3 من الاتفاقية. ويمثله في هذه القضية محام.
1-2 ووفقاً للفقرة 3 من المادة 22 من الاتفاقية، وجهت اللجنة انتباه الدولة الطرف إلى البلاغ في 21 تشرين الأول/أكتوبر 1999. وفي الوقت نفسه، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، بمقتضى الفقرة 9 من المادة 108 من نظامها الداخلي، ألا تطرد صاحب البلاغ إلى تركيا ما دام بلاغه قيد النظر. وفي 14 كانون الأول/ديسمبر 1999، أبلغت الدولة الطرف اللجنة أنها اتخذت تدابير لعدم إعادة صاحب البلاغ إلى تركيا ما دام بلاغه معروضاً على اللجنة.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ
2-1 تزوج صاحب البلاغ والسيدة س.، وهما مواطنان تركيان من أصل كردي، في عام 1977 وأقاما منذ ذلك الحين في منزلهما في مدينة إيلاظي الواقعة في جنوب شرق تركيا. وكان صاحب البلاغ يملك محلين لبيع الأدوات الكهربائية، أحدهما في إيلاظي والآخر في حي برتيك في مدينة تونجلي التي ترعرع فيها. وفي عام 1991، أغلق صاحب البلاغ محله في برتيك، وفي نهاية عام 1994 أغلق محله في إيلاظي بسبب استمرار الشرطة في مضايقته.
2-2 ومنذ الثمانينات، كان صاحب البلاغ متعاطفاً نشطاً مع حزب كردي ذي ميول يسارية اسمه الحزب الاشتراكي الكردستاني، وكان هذا الحزب يصدر صحيفة اسمها "Özgűrlűk Yolu" وكان صاحب البلاغ يقرأ هذه الصحيفة ويبيعها، وكان اسمها يتغير كثيراً لأنها كانت تمنع من الصدور باستمرار. وفي الوقت نفسه، كان صاحب البلاغ عضواً نشطاً في الرابطة التركية لحقوق الإنسان.
2-3 وفي 21 آذار/مارس 1993، اغتيل ممثلان من الرابطة التركية لحقوق الإنسان فـي إيلاظي، هما م. س. و ح. ك. وقد ُعثر على جثتيهما في الشارع وعليهما علامات تعذيب واضحة إذ قطعت آذانهما وفُقئت أعينهما. وشارك صاحب البلاغ في جنازتهما.
2-4 وحتى عام 1994، تعرض صاحب البلاغ لمضايقات كثيرة من الشرطة بسبب آرائه وأنشطته السياسية. وفي عام 1994، فتشت الشرطة محله ووجدت فيه عدداً من الصحيفة المذكورة أعلاه وبعض منشورات الحزب الاشتراكي الكردستاني. وعندئذ أُجبر صاحب البلاغ على ركوب حافلة صغيرة ونقل وعيناه معصوبتان إلى مكان مجهول. وأُخضع للتعذيب الشديد مدة ثلاثة أيام لإجباره على الإدلاء بمعلومات إلى الشرطة والتحول إلى متعاون غير رسمي. ورفض صاحب البلاغ الإدلاء بمعلومات أو التحول إلى متعاون غير رسمي على الرغم من ألوان التعذيب التي تعرض لها. وأُطلق سراحه بعد ثلاثة أيام، واستمر يعمل في محليه على الرغم من مواظبة الشرطة على مضايقته. وفي نهاية عام 1994، قرر إغلاق محله في إيلاظي.
2-5- ومنذ ذلك الحادث، لم يقر لصاحب البلاغ وأسرته قرار. فقد عاشوا في ثلاثة أماكن مختلفة هي كزلكاله حيث يملك والدا صاحب البلاغ مزرعة، ومرسين حيث يملك هو نفسه شقة، وإيلاظي في مسكن استأجروه من صديق لهم بعد فرارهم ببضعة أشهر.
2-6 وفي إحدى ليالي شهر نيسان/أبريل 1996، وبينما كان صاحب البلاغ وأسرته نائمين في شقتهم المستأجرة في إيلاظي اقتحمت الشرطة المكان. وتعرض صاحب البلاغ للضرب ثم اقتيد إلى مكان تعرض فيه للتعذيب الجسدي والنفسي مدة يومين ونصف. ووافق صاحب البلاغ بعد ذلك على العمل لحساب الشرطة على أن يبدأ بعد خمسة عشر يوما. وبعد إطلاق سراحه، اختبأ مع أسرته عند صديق حتى مغادرتهم إلى اسطنبول. وبينما كانت الأسرة مختبئة عند هذا الصديق، اعتقلت الشرطة إرهان، الإبن البكر لصاحب البلاغ وعمره 17 عاماً بينما كان متجها إلى بيت جده. وأبلغته الشرطة أنها لن تطلق سراحه ما لم يأت والده شخصياً لأخذه. وبعد أن علم صاحب البلاغ وأسرته بذلك غادروا إلى اسطنبول حيث مكثوا عند شقيقه.
2-7 وفي 4 حزيران/يونيه 1996، غادر صاحب البلاغ وزوجته وابنه الآخر اسطنبول ووصلوا إلى سويسرا بصفة غير شرعية في 5 حزيران/يونيه 1996، عن طريق ميلانو، وكانوا جميعاً يحملون جوازات سفرهم.
2-8 وقدم صاحب البلاغ وأسرته طلب لجوء يوم وصولهم إلى سويسرا. ورفض المكتب الاتحادي للاجئين هذا الطلب في 27 أيار/مايو 1998. ويقول صاحب البلاغ إن المكتب الاتحادي للاجئين قال في تعليل قراره برفض منحه صفة اللاجئ إنه قدم معلومات متناقضة عن إقامته بين عامي 1994 و1996. واستأنف صاحب البلاغ هذا القرار، ورُفض استئنافه في 3 آب/أغسطس 1999 بحجة أن الادعاءات المذكورة غير مقنعة. وكان صاحب البلاغ قد طلب في استئنافه أن يخضع لفحص طبي ثان، ورُفض طلبه.
2-9 ويقول صاحب البلاغ إنه وصل إلى سويسرا وهو يعاني من آثار التعذيب الذي تعرض لـه. وبدأ علاجاً طبياً في 9 تموز/يوليه 1996 وأشار عليه الطبيب أيضاً أن يتبع علاجاً نفسياً. وفي 8 نيسان/أبريل 1997، أرسل الأطباء إلى المكتب الاتحادي للاجئين تقريراً يفيد أن صاحب البلاغ يجب معالجته في المستشفى مدة ثلاثة أسابيع لمعاناته من آلام في العمود الفقري. وفي 18 نيسان/أبريل 1997، خلص تقرير نفسي طلبه المكتب الاتحادي للاجئين إلى أن صاحب البلاغ يعاني متلازمة "الإجهاد اللاحق للإصابة".
مضمون الشكوى
3- يفيد صاحب البلاغ أنه إذا ما أعيد إلى تركيا فإنه سيتعرض للاعتقال ويسام ألوان التعذيب مرة جديدة، وقد يتعرض للإعدام خارج نطاق القضاء.
ملاحظات الدولة الطرف
4-1 تعلن الدولة الطرف في مذكرة شفوية مؤرخة 14 كانون الأول/ديسمبر 1999 أنها لا تعترض على مقبولية البلاغ.
4-2 وفيما يتعلق بالأساس المنطقي للبلاغ، توضح الدولة الطرف أن اللجنة السويسرية للطعن في مسائل اللجوء رأت أن ادعاءات صاحب البلاغ بشأن الفترة من عام 1994 إلى اعتقاله من جديد في عام 1996 غير جديرة بالتصديق لأنه لم يكن موجوداً في إيلاظي بعد عام 1994. يضاف إلى ذلك أن اختباء صاحب البلاغ عند صديقه، ت. ك. أمر يصعب تصديقه لأن هذا الصديق كان مكشوفاً سياسياً وكان خطه الهاتفي خاضعاً لرقابة قوى الأمن التركية. ويستنتج المكتب الاتحادي للاجئين عدم وجود رابطة سببية بين ما ادعاه صاحب البلاغ من اعتقاله في عام 1993 ومغادرته تركيا في عام 1996.
4-3 ومن جهة أخرى، تفيد الدولة الطرف أن اللجنة السويسرية للطعن في مسائل اللجوء، خلافاً للمكتب الاتحادي للاجئين، ترى أن الادعاءات المتعلقة باعتقال صاحب البلاغ وتعذيبه بعد ذلك تفتقر أيضاً إلى المصداقية. فمن المشكوك فيه أن يستطيع صاحب البلاغ مواصلة أنشطته التجارية مدة ثمانية عشر شهراً بعد اعتقاله وتعذيبه نظراً إلى ما اشتهرت به قوى الأمن التركية من فعالية القمع.
4-4 كما تشير الدولة الطرف إلى أن التقرير الطبي الذي أُعد بعد فحص صاحب البلاغ اكتفى بنقل ادعاءاته بحذافيرها لتعليل الاضطرابات التي كان يعانيها دون إعادة النظر فيها. ولهذا السبب رفضت اللجنة السويسرية للطعن في مسائل اللجوء السماح بإجراء فحص طبي جديد.
4-5 وترى الدولة الطرف أن العناصر التي قدمها صاحب البلاغ في بلاغه لا تضيف جديداً إلى العناصر التي قدمها إلى السلطات السويسرية. بل على العكس من ذلك، فهو يدعي في بلاغه أنه تعرض للتعذيب في عام 1994 وليس في عام 1993. في حين أنه أكد مراراً وتكراراً في إطار الإجراء الداخلي أن الأحداث وقعت حتى تموز/يوليه من عام 1993 كحد أقصى.
4-6 وبصفة عامة، تتبنى الدولة الطرف جميع الدوافع التي اعتمدتها اللجنة السويسرية للطعن في مسائل اللجوء تعليلاً لقرارها القاضي برفض طلب اللجوء المقدم من صاحب البلاغ.
4-7 ومن زاوية نظر المادة 3 من الاتفاقية، توضح الدولة الطرف أن القرارات السابقة الصادرة عن اللجنة تفيد أن هذه المادة لا توفر أي حماية لصاحب البلاغ الذي ينحصر ادعاؤه في أنه يخشى الاعتقال لدى عودته إلى بلده.
4-8 وتشكك الدولة الطرف في صحة بعض العناصر التي لم يشر إليها صاحب البلاغ إلا في بلاغه، مثل اسم وعنوان الصديق الذي لجأ إليه. يضاف إلى ذلك أن صاحب البلاغ قدم هذه المعلومات إلى اللجنة في إطار السرية وشريطة ألا تتخذ السلطات السويسرية أي إجراءات للتحقق من صحتها، هذا علماً أنه كان بإمكانه تقديم هذه المعلومات إلى السلطات السويسرية في ظل الشروط نفسها.
4-9 وتوضح الدولة الطرف أن التحريات التي أجرتها السفارة السويسرية في أنقرة أثبتت أن صاحب البلاغ لم يكن ملاحقاً من الشرطة. ولا يوجد في سجلات الشرطة أي ملف بشأن أنشطة إجرامية أو سياسية منسوبة إليه. كما أن صاحب البلاغ اعترف بامتلاكه مسكناً في مرسين في أعقاب التحريات التي أجرتها السفارة، وهي واقعة كان قد أخفاها في بادئ الأمر عن السلطات السويسرية.
4-10 وفيما يتعلق بالشهادات الطبية، ترى الدولة الطرف أنها غير كافية لإزالة ما يشوب ادعاءات صاحب البلاغ من تناقضات صعبة التصديق. ولم تقتنع اللجنة السويسرية للطعن في مسائل اللجوء إطلاقاً بأن الاضطرابات اللاحقة للإصابة التي يدعي أنه يعاني منها ناجمة عن أعمال التعذيب التي قال إنه تعرض لها. ويجدر بالذكر في هذا السياق أن الطبيب الذي أجرى الفحص الطبي هو نفس الطبيب المعالج والطبيب الذي أعد التقرير بصفته خبيراً.
4-11 وباستثناء ما ادعاه صاحب البلاغ من اعتقال ابنه البكر في نيسان/أبريل، ترى الدولة الطرف أنه لم يبين قط أن أفراداً من أسرته أو من أسرة زوجته تعرضوا للملاحقة أو المضايقة من السلطات التركية فضلاً عن تعرضهم للاعتقال أو التعذيب. ويُستنتج من ذلك أنه لا يُخشى على صاحب البلاغ وأسرته من التعرض للاعتقال والتعذيب في حال عودتهم إلى تركيا(1) .

4-12 كما أن صاحب البلاغ لم يؤكد قط أنه قام بأنشطة يمكن أن يستفيد منها الحزب الاشتراكي الكردستاني. فهو لم يكن عضواً في الحزب بل مجرد متعاطف معه، وحتى بهذه الصفة اعترف بأنه لم يقم قط بتوزيع منشورات للحزب.
4-13 وأخيراً، ترى الدولة الطرف أن الشروح التي قدمها صاحب البلاغ بشأن ظروف مغادرته لتركيا هو وأسرته لا يمكن التعويل عليها. واستبعدت اللجنة السويسرية للطعن في مسائل اللجوء أن يكون شخص ملاحق من الشرطة قادراً على مغادرة تركيا من مطار اسطنبول دون مشاكل. وأغلب الظن أن سلطات المطار كانت ستكتشف جواز سفر مزيفاً أو مزوراً نظراً إلى الإجراءات الأمنية الصارمة المعمول بها في هذا المطار. ومن ناحية أخرى، ترى الدولة الطرف أن ما ادعي من حيازة شخص ثالث لجوازات السفر أمر يصعب تصديقه.
4-14 وبناء على ما تقدم، ترى الدولة الطرف أنه لا يُستنتج من أقوال صاحب البلاغ وجود دوافع جدية تحمل على الاعتقاد، وفقاً للفقرة 1 من المادة 3 من الاتفاقية، أن صاحب البلاغ معرض للتعذيب إذا ما نُفذ قرار إعادته إلى تركيا.
تعليقات صاحب البلاغ
5-1 قدم صاحب البلاغ، في رسالة مؤرخة 14 تموز/يوليه 2000، تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف.
5-2 ففيما يتعلق بتاريخ الاعتقال الأول، يقول صاحب البلاغ إن محاميه نفسه اعترف بأنه خلط بين التواريخ، وهذا راجع على الأرجح إلى كون صاحب البلاغ قد خلط بينها هو أيضاً أثناء الاستجواب الثاني. إلا أن صاحب البلاغ يوضح أن التاريخ الصحيح هو سنة 1993 ويذكر أن السلطات السويسرية لم تشكك في صحة الاعتقال الأول.
5-3 ويود صاحب البلاغ أن يوضح، فيما يخص أنشطته في صفوف الحزب الاشتراكي الكردستاني، أنه ذكر أثناء استجوابه الثاني أنه كان يعتنق أفكار الحزب ويؤيده من دون أن يقوم فيه بدور فعال. كما يوضح صاحب البلاغ أنه كان يوزع صحيفة الحزب على نطاق محدود. وأخيراً، يشير صاحب البلاغ إلى أنه اعتُقل في عام 1993 لأن أعداداً من الصحيفة المذكورة عُثر عليها في شقته وأنه اتُهم بتوزيع منشورات.
5-4 ويشير صاحب البلاغ إلى أنه كان مستعداً لدى طعنه أمام اللجنة السويسرية للطعن في مسائل اللجوء، للإدلاء باسم صديقه وعنوانه شريطة ألا تستخدم السفارة السويسرية هذه المعلومات للتحري عن علاقتهما.
5-5 وفيما يخص التحريات التي أجرتها السلطات السويسرية في تركيا، يرى صاحب البلاغ أنه من المستحيل أن تقدم منظمة أمنية في تركيا هذه المعلومات إلى سويسرا. وفيما يتعلق بالشقة في مرسين، يقول صاحب البلاغ إنه لم يكن يعتقد أن لهذه المعلومة أهمية. وهو ينكر ما زعمته السلطات السويسرية من أنه انتقل وأسرته بصفة نهائية من إيلاظي إلى مرسين للعيش فيها. ولذلك لا يمكن القول إن صاحب البلاغ لم يكن من الممكن اعتقاله في إيلاظي.
5-6 وفيما يتعلق بصحة الفحص الطبي الذي أجراه الدكتور م.، يتساءل صاحب البلاغ قائلاً إنه إذا كان المكتب الاتحادي للاجئين لم يعترض على صحة ما تعرض له من تعذيب في عام 1993 فلماذا يستبعد أن يعاني حتى الآن من آثار هذا التعذيب علماً أنه أجبر على الوقوف في ماء متجمد وأنه تعرض للضغط على أصابعه بكماشة. ومن جهة أخرى، إذا كان الدكتور م. قد عنون تقريره بعبارة "تقرير خبير" فإنه فعل ذلك بناء على طلب المكتب الاتحادي للاجئين. يضاف إلى ذلك أن الدولة الطرف لم تقدم أي تعليمات بشأن الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه التقرير. أما التشخيص النفسي للإجهاد اللاحق للإصابة فلا يتوقف على علامات موضوعية قابلة للقياس. ويقضي الإجراء القضائي السليم بطلب تقرير طبي ثان إذا كان التقرير الأول غير مرض.
5-7 ويقول صاحب البلاغ إن الدولة الطرف أفادت أن أشقاءه لم يتعرضوا للاضطهاد في اسطنبول وإزمير بسببه، ورأت أنه يمكنه هو وأسرته العودة إلى تركيا من دون مشاكل. إلا أن الدولة الطرف لم تعترض على صحة اعتقال الابن البكر لصاحب البلاغ. وفي هذا الصدد، يؤكد صاحب البلاغ أن لديه أخوة وأخوات يعيشون في اسطنبول وأنه ليس على علاقة وثيقة بهم وأن بعدهم عن إيلاظي لا يسمح لهم بتقديم معلومات عنه. أما ابنه البكر فلم يعد يقيم في إيلاظي بعد أن سافر هو إلى سويسرا. ففي السنة التي غادر فيها تركيا، انتقل ابنه إلى اسطنبول ليعيش مع أسرته.
5-8 وفيما يخص ادعاء الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يعد يتعاون مع الحزب الاشتراكي الكردستاني منذ وصوله إلى سويسرا، يؤكد صاحب البلاغ أن الحزب نشيط للغاية في سويسرا، ولا سيما في لوزان وبازل، ولكن ليس في برن حيث يقيم. إلا أنه يحضر اجتماعاته بصفة منتظمة.
5-9 وفيما يخص الشكوك التي أبدتها الدولة الطرف إزاء ما ادعاه صاحب البلاغ من أنه أقام لدى صديق يعمل لصالح حزب العمال الكردستاني، يؤكد صاحب البلاغ أن صديقه نجح في إخفاء أنشطته عن قوى الأمن. إلا أن قوى الأمن كانت قد زارت السيد ك. لثنيه عن المشاركة في بعض الأنشطة. وكان السيد ك. متقدماً في السن وتوفي سنة 1999.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
6-1 قبل النظر في أي شكوى واردة في بلاغ، يجب أن تبت لجنة مناهضة التعذيب في مقبولية الشكوى بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تحققت اللجنة، على نحو ما هو مطلوب منها في الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم يجر بحثها ولا يجري بحثها بموجب أي إجراء من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية. وفي الحالة المعروضة، تلاحظ اللجنة أيضاً أن جميع سبل الانتصاف المحلية استُنفدت وأن الدولة الطرف لم تعترض على المقبولية. وتستنتج اللجنة إذن أن البلاغ مقبول. وتنتقل اللجنة إلى النظر في موضوع البلاغ بعد أن قدم كل من الدولة الطرف وصاحب البلاغ ملاحظات في هذا الشأن.
6-2 وعلى اللجنة أن تبت في ما إذا كانت إعادة صاحب البلاغ إلى تركيا تشكل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف، بمقتضى المادة 3 من الاتفاقية، بعدم طرد أو إعادة شخص إلى دولة أخرى إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد أنه سيكون معرضاً للتعذيب.
6-3 وعلى اللجنة أن تبت، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 3، فيما إذا كانت توجد أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد أن صاحب البلاغ سيكون معرضاً للتعذيب إذا أعيد إلى تركيا. وللبت في هذه المسألة، يجب أن تراعي اللجنة جميع الاعتبارات ذات الصلة، وفقاً للفقرة 2 من المادة 3، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. إلا أن الهدف من هذا التحليل هو معرفة ما إذا كان صاحب العلاقة معرضاً شخصياً لخطر التعذيب في البلد الذي يعاد إليه. وهذا يعني أن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد من البلدان لا يشكل في ذاته سبباً كافياً لإثبات أن شخصاً معيناً معرض لخطر التعذيب في حال عودته إلى هذا البلد. بل يجب توافر أسباب أخرى تدعو إلى الاعتقاد أن صاحب العلاقة معرض شخصياً للخطر. كما أن عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة والمنهجية لحقوق الإنسان لا يعني أن هذا الشخص ليس معرضاً للتعذيب في حالته الخاصة.
6-4 وتذكّر اللجنة بملاحظتها العامة بشأن تطبيق المادة 3 التي أفادت فيها ما يلي: "إذا وضع في الاعتبار أن على الدولة الطرف واللجنة التزاماً بتحديد ما إذا كانت توجد أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد أن صاحب البلاغ معرض لخطر التعذيب إذا طُرد أو أعيد أو سُلم إلى دولة أخرى فإنه يجب تقدير احتمال التعذيب على أسس تتجاوز الافتراضات أو الشكوك وحدها. وفي أي حال من الأحوال، ليس ضرورياً إثبات أن احتمالات التعرض للتعذيب كبيرة للغاية". A/53/44)، المرفق الرابع، الفقرة 6).
6-5 وتلاحظ اللجنة أن الفحص الطبي الذي أبرزه صاحب البلاغ يثبت معاناته من إجهاد لاحق للإصابة.
6-6 بيد أن اللجنة تلاحظ أن جوانب هامة في رواية صاحب البلاغ غير قابلة للتصديق، ولا سيما وصفه للأنشطة التي قام بها بعد ما ادعاه من تعرضه للتعذيب في عام 1993 وملابسات فراره في عام 1996. وتشير اللجنة إلى أن على صاحب البلاغ أن يقدم أدلة كافية تثبت احتمال تعرضه شخصياً للتعذيب إذا ما عاد إلى تركيا. ووضعت اللجنة في اعتبارها المعلومات التي قدمتها الدولة الطرف بشأن التحريات التي أجرتها سفارتها في أنقرة والتي انتهت إلى عدم وجود سبب يحمل على الاعتقاد أن صاحب البلاغ سيتعرض للاعتقال إذا ما عاد إلى تركيا.
6-7 وفي هذه الظروف، تخلص اللجنة إلى عدم وجود أسباب تحمل على الاعتقاد أن صاحب البلاغ معرض لخطر التعذيب شخصياً إذا ما أُجبر على العودة إلى تركيا.
6-8 وترى لجنة مناهضة التعذيب، بمقتضى الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أن إعادة صاحب البلاغ إلى تركيا لا تنطوي على أي انتهاك للمادة 3 من الاتفاقية.
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/56/40، المرفق السابع.
(1) انظـر، قياساً على ذلك، ه. د. ضـد سويسرا، البـلاغ رقم 112/1998، الفقـرة 6-5، وأ. ل. ن. ضد سويسرا، البلاغ رقم 190/1997، الفقرة 8-5.

العودة للصفحة الرئيسية