آراء وقرارات لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من الاتفاقية

البلاغ رقم 142/1999


مقدم من: س. س. وس. أ. (لم يعلن الاسمان) [يمثلهما محام]
الضحية المزعومة: مقدماً البلاغ
الدولة الطرف: هولندا
تاريخ البلاغ: 12 تموز/يوليه 1999

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
المجتمعة في 11 أيار/مايو 2001،
وقد انتهت من نظرها في البلاغ رقم 142/1999، المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات التي وافاها بها مقدماً البلاغ، ومحاميهما، والدولة الطرف،
تعتمد آراءها بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية.
1-1 مقدما البلاغ هما السيد س. س.، وهو مواطن سري لانكي ولد في 1 نيسان/أبريل 1963، وزوجته السيدة س.أ.، وهي مواطنة سري لانكية ولدت في 28 آب/أغسطس 1972، ومعهما ابنتهما ب. س.، التي ولدت في 12 تشرين الأول/أكتوبر 1997 في هولندا. ويدعي مقدما البلاغ، المقيمان وابنتهما حاليا في هولندا، أن طردهما المقترح إلى سري لانكا ينتهك المادة 3 من الاتفاقية. ويمثل مقدما البلاغ محام.
1-2 وقد أحالت اللجنة البلاغ إلى الدولة الطرف في 18 آب/أغسطس 1999، بموجب الفقرة 3 من المادة 22 من الاتفاقية. وفي الوقت نفسه، طُلب من الدولة الطرف، عملا بالفقرة 9 من المادة 108 من النظام الداخلي للجنة، عدم طرد مقدمي البلاغ إلى سري لانكا أثناء قيام اللجنة بالنظر في بلاغهما. وفي رسالة مؤرخة 28 تشرين الأول/أكتوبر 1999، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأن مقدمي البلاغ لن يرحَّلا إلى سري لانكا أثناء قيام اللجنة بالنظر في بلاغهما.

الوقائع كما عرضها مقدما البلاغ
2-1 فأما عن السيد س. س.، وهو أحد أفراد مجموعة التاميل العرقية، فقد ذُكر أن منظمة نمور تحرير التاميل احتجزته من 10 كانون الثاني/يناير 1995 إلى 30 أيلول/سبتمبر 1995 بسبب انتقاده للمنظمة وزعيمها على الملأ، ورفضه المشاركة في أنشطتها. وكان يؤدي أثناء فترة الاحتجاز مهاما من قبيل قطع الأخشاب، وملء أكياس الرمال، وحفر الخنادق، والطهي. وقبل أن تحتجزه المنظمة احتجزت والده بدلا منه، ولقي والده حتفه وهو في الحجز نتيجة لإصابته بنوبة قلبية. وفي 30 أيلول/سبتمبر 1995، هرب السيد س. س. من ثكنات المنظمة وسافر إلى كولومبو.
2-2 وفي 3 تشرين الأول/أكتوبر 1995، ألقت الشرطة القبض عليه أثناء عملية تدقيق عادية لأنه لم يكن يحمل بطاقة تثبت هويته. فسئل عن تفاصيل حياته الشخصية، وعما إذا كان مشتركا في منظمة نمور تحرير التاميل، فأنكر ذلك. ويدعي مقدم البلاغ أن الشرطة تصدقه وأنها اتهمته بالتجسس لصالح المنظمة والسفر إلى كولومبو لتخطيط إحدى الهجمات. وأخلي سبيله في اليوم التالي بعد تدخل أحد أعمامه ودفع مبلغ من المال نظير التزامه بالمثول يوميا أمام الشرطة أثناء إقامته في كولومبو. ويذكر مقدم البلاغ أنه سمع أن السلطات تعتزم نقله إلى سجن بوسا الذي يدعى أن المحتجزين فيه لا يخرجون منه أحياء أبدا. وفي 8 تشرين الأول/أكتوبر 1995، غادر السيد س. س. البلد بالطائرة متوجها إلى هولندا.
2-3 وفي 18 كانون الأول/ديسمبر 1995، رُفض طلب اللجوء الذي قدمه السيد س. س. في 19 تشرين الأول/أكتوبر 1995. وفي 16 أيلول/سبتمبر 1996، رُفض الطعن الذي قدمه إلى وزير العدل في 23 كانون الثاني/يناير 1996. وطعن السيد س. س. في قرار الوزير في 30 تشرين الأول/أكتوبر 1996، ولكنه أُبلغ قبل الجلسة بإلغاء القرار الصادر في 16 أيلول/سبتمبر 1996. ومن المقرر اتخاذ قرار جديد في قضيته بعد عرضها على لجنة استشارية مستقلة معنية بشؤون الأجانب (معروفة باسم Advisescommissie voor vreemdelingzaken).
2-4 أما السيدة س. أ.، وهي أيضا واحدة من أفراد مجموعة التاميل الإثنية، فيدعى أن منظمة نمور تحرير التاميل كانت تحتجزها في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر 1995 في محاولة لتحديد مكان زوجها وأنشطته. وأُرغمت أثناء وجودها في مخيم المنظمة على أداء مهام كالطهي والتنظيف. ثم هربت يوم 3 نيسان/أبريل 1996 بعد دخولها المستشفى في نهاية آذار/مارس 1996.
2-5 وفي 17 حزيران/يوينه 1996، ألقت جبهة تحرير شعب عيلام الثورية القبض عليها. وهي تذكر أن طرفا ثالثا اتهمها بأنها تتعاون مع منظمة نمور تحرير التاميل، وأن جبهة تحرير شعب عيلام الثورية استجوبتها أكثر من مرة في هذا الشأن، ولكنها أوضحت أنها أُرغمت على العمل في صالح المنظمة وذكرت أسباب ذلك. وتقول السيدة س. أ. إنها لم تتعرض لمعاملة سيئة، وإن تعرضت للضرب أحيانا. وقد سُلمت إلى السلطات السريلانكية، فاحتجزت وطُلب منها التعرف عند نقاط التفتيش على هوية أشخاص مختلفين يُعتقد أنهم ينتمون إلى منظمة نمور تحرير التاميل. ثم تمكنت من الهرب في منتصف آب/أغسطس 1996 بعد أن اصطدمت قافلة كانت تقلها بلغم. وسافرت إلى كولومبو في أواخر آب/أغسطس وغادرت البلد بالطائرة متوجهة إلى هولندا في 12 أيلول/سبتمبر 1996. ويدعى، بدون تقديم أي تفاصيل عن ذلك، أن السلطات قتلت عمها بسبب هربها.
2-6 وفي 18 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، رُفض طلب اللجوء الذي قدمته السيدة س. أ. في 16 تشرين الأول/أكتوبر 1996. كما أن الطعن الذي قدمته إلى وزير العدل في 31 كانون الأول/ديسمبر 1996 رُفض في 20 آذار/مارس 1997. وفي اليوم التالي، أُبلغت السيدة س.أ. بإلغاء القرار وبأنه سيتم اتخاذ قرار جديد بعد عقد جلسة أمام اللجنة الاستشارية.
2-7 وتم الاستماع إلى السيد س. س. والسيدة س.أ. أمام لجنة استشارية مشكلة من ثلاثة أشخاص في 2 شباط/فبراير 1998، وأوصت بالإجماع، في حكم مطول ومعلل تماماً، بأن يرفض وزير العدل طعن مقدمي البلاغ في الرفض الأول لطلب اللجوء(1). وفي 30 حزيران/يونيه 1998، قرر وزير العدل عدم أحقية مقدمي البلاغ في الحصول على مركز اللجوء وأنهما لا يواجهان أي خطر حقيقي بالتعرض لمعاملة غير إنسانية. وفي 23 تموز/يوليه 1998، طعن مقدما البلاغ في هذا القرار أمام محكمة لاهاي المحلية وخلصت المحكمة في 25 كانون الثاني/يناير 1999 إلى أن الطعون المقدمة لا تستند إلى أي أساس.
الشكوى
3- يؤكد مقدما البلاغ وجود أسباب جوهرية تحملهما على الاعتقاد بأنهما سيتعرضان للتعذيب إذا ما عادا إلى بلدهما. ويذكران أن كونهما من التاميل الوافدين من بلدة جافنا التاميلية الشمالية يجعل من وجودهما في كولومبو ما يثير شكوك السلطات في وجود علاقة لهما بمنظمة نمور تحرير التاميل. ولما كان قد اشتُبه فعلاً في وجود علاقة من هذا القبيل، فهما يزعمان أنه لا يوجد مكان آمن في سري لانكا يستطيعان اللجوء إليه. ويدعي مقدما البلاغ أن السلطات تعتقد اعتقادا راسخا بأنهما معارضان للنظام. وأشارا إلى تقارير لم يحدداها عن الحالة العامة في سري لانكا، صدرت عن منظمة العفو الدولية ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وغيرهما من المصادر، مدعيين تعرضهما لخطر حقيقي بالاحتجاز والتعذيب في حالة عودتهما إلى بلدهما. وعليه، يدعى أن عودتهما القسرية إلى بلدهما تشكل انتهاكا للمادة 3 من الاتفاقية.
ملاحظات الدولة الطرف
4-1 فيما يتعلق بمقبولية البلاغ، أقرت الدولة الطرف في رسالة مؤرخة 28 تشرين الأول/أكتوبر 1999 بعدم وجود سبل أخرى متاحة للطعن في قرار المحكمة المحلية، وأنها ليست بالتالي على علم بأية اعتراضات على مقبولية البلاغ.
4-2 وفيما يتصل بموضوع البلاغ، تحتج الدولة الطرف، في رسالة مؤرخة 18 شباط/فبراير 2000، بعدم وجود ما يدعو إلى افتراض توافر أسباب جوهرية للاعتقاد بأن مقدمي البلاغ يواجهان خطراً حقيقياً وشخصياً للتعرض للتعذيب إذا ما عادا إلى بلدهما، آخذة في الاعتبار الملاحظات التي أبداها مقدما البلاغ أثناء إجراءات طلب اللجوء في ضوء الحالة العامة في سري لانكا. وعليه، فهي تعتبر أن البلاغ لا يستند إلى أساس سليم.
4-3 وتلاحظ الدولة الطرف في البداية أنه نظراً إلى ارتفاع كثافتها السكانية، وما يترتب على ذلك من مشاكل فإن قوانينها لا تسمح بدخول الأجانب إليها إلا إذا استدعت ذلك التزاماتها الدولية أو المصالح الهولندية الأساسية أو أسباب إنسانية قاهرة. وتتمثل الإجراءات التي تنظم اللجوء في قيام دائرة الهجرة والتجنس بعقد لقاءين مع مقدم طلب اللجوء بعد تقديمه الطلب، في حضور مترجمين شفويين إذا لزم الأمر. ويجوز لمقدمي الطلبات اللجوء إلى المساعدة القانونية في كلا اللقاءين. ثم تعَد تقارير خطية يجوز لمقدمي الطلبات التعليق عليها وإدخال تصويبات وإضافات عليها. وتستعين الدائرة، في وصولها إلى قرار، بالتقارير القطرية الصادرة عن وزارة الخارجية، التي تعتمد على مصادر المنظمات غير الحكومية وتقارير البعثات الهولندية. فإذا رُفض اعتراض على أحد القرارات، استشيرت اللجنة الاستشارية في القضايا التي تتعلق بالخوف من الاضطهاد. وتستمع اللجنة إلى مقدمي الطلبات، وتدعو مفوضية شؤون اللاجئين إلى التعليق، وتتقدم بتوصية إلى وزير العدل. ويمكن إجراء طعن نهائي في قرار وزير العدل أمام المحكمة المحلية (Arrondissementsrechtbank). والمساعدة القانونية متاحة خلال إجراءات الطعن.
4-4 ثم تمضي الدولة الطرف في تحديد فهمها للحالة العامة لحقوق الإنسان في سري لانكا استنادا إلى التقرير القطري ذي الصلة الذي أصدرته وزارة الخارجية في تشرين الثاني/نوفمبر 1998. ويشير التقرير إلى مواقع يسودها عدم الاستقرار وانتهاكات حقوق الإنسان في مناطق النزاع، ويشمل ذلك عمليات احتجاز للعديد من التاميل لفترات قصيرة. ومع ذلك، فمن رأي الدولة الطرف وغيرها من الدول الأطراف في الاتحاد الأوروبي أن الحالة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة ليست بالصورة التي تجعل من عودة الأشخاص الذين درست قضاياهم بعناية إلى هذه المناطق تصرفا غير مسؤول بطبيعته. وتؤكد الدولة الطرف أن وزير العدل يأخذ في اعتباره حالة حقوق الإنسان للتاميل في كل قضية على حدة، كما تأخذها في الحسبان الاستعراضات التي تجريها المحكمة المحلية لتلك القرارات.
4-5 ولقد رأت المحكمة المحلية، في مجموعة من القرارات، أن وزير العدل تصرف "بكل عقلانية" في حكمه على الحالة العامة في سري لانكا بأنها لم تعد تنطوي على مشقة خاصة للعائدين. وفيما يتعلق بالتعذيب، على نحو خاص، رأت المحكمة أنه حتى مع افتراض وجود قصور شديد في البيانات الواردة عن حالات التعذيب في تقرير وزارة الخارجية، فما من أسباب حقيقية تقطع بأن احتمالات تعذيب التاميل المنتمين إلى فئات "مهددة بأخطار شديدة" في كولومبو (كالشباب من الرجال غير محددي الهوية) تبلغ عامةً درجة تعرض الفئة برمتها لخطر حقيقي بالتعذيب.
4-6 ويلاحظ التقرير أن جميع أفراد التاميل الشبان الذين لا يجيدون اللغة السنهالية والذين تبين أوراقهم أنهم وفدوا من الشمال معرضون لإمكانية الاحتجاز للاستجواب بعد التحقق من هويتهم. ويحدث هذا بخاصة إذا كان الشخص قد وفد مؤخرا إلى كولومبو من منطقة تدور فيها الحرب، ولم يكن حاملا لوثائق إثبات الهوية أو لم يكن لديه سبب وجيه للحضور إلى كولومبو، أو إذا لم يكن قد سجل نفسه لدى وصوله. ويخلى سبيل معظمهم في خلال ما بين 48 و72 ساعة ما أن يتم التحقق من هويتهم ويتم توضيح سبب حضورهم إلى كولومبو. أما من يبقى منهم فترة أطول من ذلك في الاحتجاز فربما يتعرض لمعاملة أشد، بينما يواجه من يحتجزون لفترة تزيد على أسبوع للاشتباه في انضمامهم إلى منظمة نمور تحرير التاميل خطرا أكبر بالتعرض لسوء المعاملة. أما الأشخاص الذين يحتجزون لأكثر من ثلاثة أشهر بناء على أدلة قاطعة على اشتراكهم في المنظمة، فيواجهون خطرا كبيراً للتعرض للتعذيب.
4-7 وعليه، تحتج الدولة الطرف بأن الحالة في سري لانكا لم تبلغ درجة تتوافر عندها أسباب حقيقية للاعتقاد بأن التاميل عامة (والشباب منهم خاصة) يتعرضون لخطر التعذيب عند عودتهم إلى البلد، حتى لو كانوا من أهل الشمال (أو كانوا قد وفدوا مؤخرا من الشمال). وتشير الدولة الطرف كذلك في هذا الشأن إلى مراعاة المحكمة المحلية لتقرير وزارة الخارجية القطري ومجموعة واسعة من المصادر الأخرى، فضلا عن استعداد الدولة الطرف لجعل اللجنة تساعد في وضع حد لانتهاكات الاتفاقية، الأمر الذي أثبتته أثناء النظر في تقريرها الدوري الأخير.
4-8 وفيما يتعلق بكل حالة من الحالتين، تشير الدولة الطرف، فيما يتصل بالسيد س. س. إلى أن إلقاء القبض عليه في كولومبو حدث أثناء تفتيش دوري نتيجة لعدم استطاعته إثبات هويته. ومما يجدر بالإشارة أنه تم إلقاء القبض على غيره في الوقت نفسه، وأنه لا يمكن اعتبار عملية الإيقاف تصرفا موجها بالتحديد ضد مقدم البلاغ. ثم إن الإفراج عن السيد س. س. بعد ذلك، ليفعل ما يشاء على ما يبدو، يتعارض كذلك مع ما أفيد عنه من اهتمام السلطات به اهتماما خاصا. وأما عن الالتزام بالمثول يوميا أمام الشرطة، فتشير الدولة الطرف إلى التقرير القطري لوزارة خارجيتها الذي يوضح أن الالتزام بالمثول بعد إخلاء السبيل لا يعني أن الشخص مصنف على أنه مطلوب من الشرطة، كما أن عدم الوفاء بهذا الالتزام لا يعني تلقائيا أن اسم الشخص سيوضع على قائمة المشتبه فيهم جداً. وفي هذه القضية، لن يؤدي خضوع السيد س. س. للالتزام بالمثول إلى زيادة تعريضه للخطر في حالة عودته.
4-9 وبالإضافة إلى ذلك، تشير الدولة الطرف إلى أن ما قاله السيد س. س. من أن اسمه مقيد في قائمة المرحلين إلى سجن بوسا يستند بالكامل إلى شكوك غير مؤكدة. وعلى أية حال، فإطلاق سراحه بعد يوم واحد يجعل من غير المعقول أن يكون اسمه مقيدا في هذه القائمة. وعلاوة على ذلك، إذا كان مقدم البلاغ يعتقد أنه كان يخضع لمراقبة لصيقة من السلطات السريلانكية للاشتباه في قيامه بأنشطة لحساب منظمة نمور تحرير التاميل، فمن الصعب معرفة السبب في إقدامه على المجازفة الشديدة بمغادرة البلد من مطار كولومبو. أما بيانات مقدم البلاغ عن مصير والده، فهي أيضا غير متماسكة. فخلافا لما جاء في البلاغ وفي اللقاء الأول من أن والده توفي في الحبس نتيجة لإصابته بنوبة قلبية، فقد قال مقدم البلاغ بعد ذلك في اللقاء الثاني إن منظمة نمور تحرير التاميل كانت قد احتجزت والده قبل ذلك بفترة لمدة أسبوع، وإنه أخلي سبيله بعد إصابته بنوبة قلبية بسيطة.
4-10 وأما عن موقف السيدة س. أ.، فقد احتجت الدولة الطرف أيضا بأن أقوالها لا تتضمن ما يفيد بأنها قد تتعرض لدى عودتها إلى سري لانكا لخطـر أكبر من الذي يتعرض له التاميل الآخرون. وفيما يتعلق بالقبض عليها وإمكان الاشتباه في اشتراكها في منظمة نمور تحرير التاميل، تشير الدولة الطرف إلى أن كونها قد قامت بعملها تحت الإكراه أمر يتسم بالأهمية. ولا يمكن اعتبارها بحال من العناصر النشطة في المنظمة، إذ إن الأنشطة التي اضطلعت بها كانت في مجال الخدمات. وبالنظر إلى خلفيتها الثقافية وخبراتها، لا ترى الدولة الطرف أنه يمكن للسلطات السريلانكية أن تعتبرها مرشدة ذات قيمة، وهي من هذا المنطلق لا تختلف نهائيا عن العديد من التاميل السري لانكيين الآخرين الذي احتجزوا في وقت ما في معسكر للمنظمة.
4-11 أما ادعاء مقدمة البلاغ بتزايد اهتمام السلطات السريلانكية بها، فهو لا يستقيم أيضا لكونها غادرت البلد معرضة نفسها لأيسر طرق المراقبة، أي عبر مطار كولومبو. وفيما يتعلق بادعائها أن السلطات قتلت عمها بسبب هروبها، تشير الدولة الطرف إلى أن هذا الادعاء يستند إلى كلام الناس. ولم يقدَّم تأييد أو دليل من أي نوع لإثبات وجود أية علاقة بين هروبها ووفاته. وتشير الدولة الطرف إلى أن حكم المحكمة المحلية الصادر في 25 كانون الثاني/يناير 1999 اعتبر أن شهادة السيدة س. أ. لا يعتد بها.
4-12 وتحيل الدولة الطرف إلى السوابق القضائية للجنة التي تفيد بأنه حتى مع افتراض وجود نمط خطير من الانتهاكات الجسيمة، يجب إبداء الأسباب الإضافية التي تبين تعرض الفرد شخصيا لخطر التعذيب لدى عودته إلى البلد(2). وعلاوة على ذلك، يجب أن تتعدى "الأسباب الجوهرية" للتخوف من هذا المصير مجرد احتمال التعرض للتعذيب أو الاشتباه في حدوثه(3). وبتطبيق الدولة الطرف لهذه المعايير على القضية الحالية، فإنها تحتج، فيما يتعلق بأوجه عدم الاتساق المبينة أعلاه، بأن مقدمي البلاغ عجزا عن الإتيان بحجج مقنعة على وجود أسباب جوهرية لخوفهما من التعرض "لخطر محدق وحقيقي وشخصي" بالتعذيب في حالتيهما. ولم يثبت مقدما البلاغ بالأدلة الكافية تعرضهما لمخاطر أكثر من تلك التي يتعرض لها غيرهم من التاميل المقيمين في كولومبو. فهما لم يضعا نفسيهما من قبل موضع مواجهة مع السلطات السريلانكية، كما أنهما لم يلتحقا بحزب سياسي أو حركة سياسية. ثم إنه لا يتضح من أقوالهما أن لهما أقارب من الدرجة الأولى كانوا نشطين سياسيا أو في مجالات أخرى بحيث اجتذبوا اهتمام السلطات السريلانكية. والأنشطة التي يدعي مقدما البلاغ الاضطلاع بها بالإكراه في صالح المنظمة أنشطة تافهة بطبيعتها ومن حيث مداها.
ملاحظات إضافية لمقدمي البلاغ
5-1 كرر مقدما البلاغ في رسالة مؤرخة 10 نيسان/أبريل 2000 تأكيدهما بأنهما أثبتا وجود أسباب جوهرية للاعتقاد بأنهما سيتعرضان شخصيا لخطر التعذيب في حالة عودتهما إلى البلد، مدعيين أن الدولة الطرف قد خرقت بذلك المادة 3 من الاتفاقية.
5-2 ويدعي مقدما البلاغ أن كلاً منهما غادر البلد وحده بجواز سفر مزور، وأن هذا هو السبب في عدم تعرضهما لمشاكل أثناء المغادرة. وهما يعترضان على ادعاء الدولة الطرف أن السلطات لا تتهمهما بالتورط في نشاط سياسي، ذاكرين أنهما يُشتبه في وجود علاقة لهما بمنظمة نمور تحرير التاميل، وإن كانا غير منضمين رسمياً إلى أية جماعة. فقد اشتُبه في تجسس السيد س. س. لصالح المنظمة ووجوده في كولومبو لأغراض سيئة، بينما اتهمت السيدة س. أ. بالعمل لصالح المنظمة، واستخدمت للتعرف على هوية أعضاء المنظمة عند نقاط التفتيش. ويدعي مقدما البلاغ في هذا الصدد أن تقرير وزارة الخارجية يشير إلى أن هذا يعرض التاميل المشتبه في معرفتهم بالمنظمة لخطر الاعتقال لأكثر من أسبوع.
5-3 أما عن أقوال السيد س. س.، فيرفض مقدِّما البلاغ ما أكدته الدولة الطرف من أن السيد س.س. صار حرا ليفعل ما يشاء بعد إخلاء الشرطة لسبيله، وأن الشرطة لم تكن توليه اهتماما خاصا؛ وكيف يكون ذلك وقد كان عليه المثول أمامها يوميا؟ ويرفض مقدما البلاغ ما وصفته الدولة الطرف من أن وضع السيد س. س.، بدون دليل، على قائمة المرحلين إلى سجن بوسا بأنه "غير معقول"، مدعيين أنه لا يمكن الخلوص إلى مثل هذا الاستنتاج من مجرد إخلاء سبيله بعد يوم واحد. إذ لم يسبق التشكيك، كما يدعي مقدما البلاغ، في أقوال السيد س. س. أثناء إجراءات اللجوء أو اعتبارها غير معقولة، ولم يُطلب مزيد من المعلومات في هذا الصدد. ولذلك لا يوجد سبب للشك في هذا البيان المهم بعينه. كما أن مجرد احتمال ورود خطأ في تسجيل ما قاله السيد س. س. عن وفاة والده لا ينكر إمكانية الوثوق في البيان الذي أدلى به في هذا الشأن.
5-4 أما عن أقوال السيدة س. أ.، فيود مقدما البلاغ أن يؤكدا أنها ذكرت للسلطات أنها أُجبرت على العمل لصالح منظمة نمور تحرير التاميل، ولا يمكن إثبات ما أدلت به الدولة الطرف عن عدم إمكانية اعتبارها عنصرا نشطا في المنظمة. ويدعى أن الدولة الطرف تتجاهل الاستعانة بها كمرشدة في الكشف عن هوية أشخاص زُعم أنهم أعضاء في المنظمة. وفيما يتعلق بوفاة عمها، يدعي مقدما البلاغ أنه رغم عدم استطاعتهما استخراج شهادة وفاته، فلا يوجد ما يدعو إلى الشك في هذه المعلومة. ولا يشكل حكم المحكمة المحلية بشأن مصداقية الشاهدة سببا للتشكيك في أقوالها التي يدعي مقدما البلاغ أنها لم تكن أبدا مثارا لشك الدولة الطرف. ومن ثم، ينبغي تفسير الشك في صالح السيدة س. أ. في هذا الصدد.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، على لجنة مناهضة التعذيب أن تبت في ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وتأكدت اللجنة، على النحو المطلوب بموجب الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تبحث وليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية. وتلاحظ اللجنة أيضا أن جميع سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت، وأن جميع الشروط الأخرى للمقبولية قد استوفيت. وبناء عليه، تعتبر اللجنة البلاغ مقبولاً. ونظراً لأن كلا من الدولة الطرف ومقدمي البلاغ قدما ملاحظات بشأن موضوع البلاغ، ستواصل اللجنة النظر في هذا الموضوع.
6-2 وتتمثل المسألة المعروضة على اللجنة فيما إذا كان طرد مقدمي البلاغ إلى سري لانكا سيشكل انتهاكا لالتزام الدولة الطرف الناشئ عن المادة 3 من الاتفاقية بعدم طرد أي شخص أو إعادته إلى دولة أخرى إذا توافرت لديها أسباب جوهرية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيواجه خطر التعرض للتعذيب.
6-3 ويجب أن تقرر اللجنة، عملاً بالفقرة 1 من المادة 3 من الاتفاقية، ما إذا كانت هناك أسباب جوهرية للاعتقاد بأن مقدم البلاغ سيواجه خطر التعرض للتعذيب عند عودته إلى سري لانكا. وللتوصل إلى هذا القرار، يجب على اللجنة، عملاً بالفقرة 2 من المادة 3 من الاتفاقية، أن تراعي جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. بيد أن الغرض من تحديد ذلك هو تقرير ما إذا كان الفرد المعني سيواجه شخصياً خطر التعرض للتعذيب في البلد الذي سيعود إليه. وبالتالي فإن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل، في حد ذاته، سبباً كافياً لكي يتقرر أن شخصاً معيناً سيواجه خطر التعرض للتعذيب عند عودته إلى ذلك البلد؛ ويجب أن تكون هناك أسباب إضافية تبين أن الفرد المعني سيتعرض شخصياً للخطر. وبالمثل، فإن عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لا يعني أنه لا يمكن اعتبار شخص ما معرضاً لخطر التعذيب في ظروفه الخاصة.
6-4 وتذكّر اللجنة بتعليقها العام بشأن تنفيذ المادة 3 من الاتفاقية ونصه كما يلي:
"إذا وضع في الاعتبار أن على الدولة الطرف واللجنة التزاماً بتقدير ما إذا كانت هناك أسباب جوهرية للاعتقاد بأن الفاعل سيتعرض لخطر التعذيب إذا طُرد أو أعيد أو سُلّم، يجب أن يقدّر خطر التعذيب على أسس تتجــاوز مـجرد النظرية أو الشك غير أنه ليس من اللازم إثبات أن الخطر محتمل إلى حد كبير (A/53/44، المرفق التاسع، الفقرة 6).
6-5 وتلاحظ اللجنة، في القضية الحالية، أن ادعاءات مقدمي البلاغ قد بحثت بشكل مستفيض، مع تهيئة العديد من الفرص لهما ليقدما إسهاماتهما في السجل الرسمي وليصححا ما جاء فيه، من خلال تحقيق أجرته لجنة استشارية مستقلة فضلا عن مراجعة للأحكام القضائية الصادرة في حقهما. وتحيط اللجنة علماً باسترعاء الدولة الطرف الاهتمام إلى ما توصلت إليه سلطاتها المختلفة من جوانب عدم الاتساق والتضارب في أقوال مقدمي البلاغ، مما يثير الشك في صحة ادعاءاتهما. كما تحيط اللجنة علما بالتوضيحات التي أتى بها مقدما البلاغ في هذا الشأن.
6-6 وتخلص اللجنة إلى أن مقدمي البلاغ عجزا عن إبداء أسباب وجيهة تفيد بأن التقييم الذي أجرته سلطات الدولة الطرف تعسفي أو غير منطقي، حين انتهت بشكل عام إلى أن احتمال تعرض التاميل المنتمين إلى فئة "المهددين بأخطار شديدة" للتعذيب في كولومبو لم يبلغ درجة تجعل الفئة بكاملها معرضة لخطر حقيقي بالتعذيب. كما لم يثبت مقدما البلاغ أي وجه من أوجه عدم الدقة فيما خلصت إليه الدولة الطرف من أن الحالة في سري لانكا ليست على النحو الذي يوحي بوجود أسباب جوهرية للاعتقاد بأن التاميل بوجه عام، ولو كانوا من الوافدين من شمال البلد، معرضون لخطر التعذيب إذا ما عادوا من الخارج.
6-7 وفيما يتعلق بالظروف الشخصية لمقدمي البلاغ، ترى اللجنة أن عمليات الاحتجاز التي خضعا لها لا تميز حالتيهما عن حالات العديد من التاميل الآخرين الذين مروا بظروف مماثلة، وأنهما بصفة خاصة لا يقدمان ما يثبت أن عملية احتجاز كل منهما اقترنت بتعذيب أو ظروف أخرى من شأنها إثارة مخاوف حقيقية من التعذيب في المستقبل. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن مقدمي البلاغ عجزا عن إثبات أن عضويتهما في جماعة معينة بوجه عام و/أو أن الظروف الفردية التي تعرضا لها بوجه خاص تثير خطراً حقيقياً ومحدقاً بتعرضهما للتعذيب إذا ما عادا إلى سري لانكا في الوقت الحالي.
6-8 وعليه، فإن لجنة مناهضة التعذيب، استناداً إلى الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، تخلص إلى أن ترحيل مقدمي البلاغ من الدولة الطرف لا يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/56/40، المرفق السابع.
(1) لم تقبل مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الدعوة التي وجهتها إليها اللجنة الاستشارية للإدلاء ببيانات باسم مقدمي البلاغ في هذه القضية.
(2) أ. د. د. ضد هولندا (البلاغ رقم 96/1997).
(3) إ. أ. ضد سويسرا (البلاغ رقم 28/1995).

العودة للصفحة الرئيسية