آراء وقرارات لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من الاتفاقية

الشكوى رقم 138/1999


مقدم الشكوى: السيد م. ب. س.
تمثله: السيدة شنراني بوديبالا، محامية في ايبنغ، أستراليا
الدولة الطرف: أستراليا
تاريخ الشكوى: 4 حزيران/يونيه 1999 (العرض الأولي)

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من الاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
المجتمعة في 30 نيسان/أبريل 2002،
وقد انتهت من نظرها في الشكوى رقم 138/1999، المقدمة إلى لجنة مناهضة التعذيب بموجب لمادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات التي أتاحها لها مقدم الشكوى والدولة الطرف،
تعتمد قرارها بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية.
1-1 مقدم الشكوى هو السيد م. ب. س. وهو مواطن سريلانكي من جماعة التاميل الإثنية، كان في وقت تقديم شكواه محتجزا في مركز احتجاز فيلا وود في سيدني، أستراليا. ويدعي أن إبعاده من أستراليا إلى سري لانكا يمثل انتهاكا من قبل أستراليا للمادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وتمثله محامية.
1-2 وعملاً بالفقرة 3 من المادة 22 من الاتفاقية أحالت اللجنة الشكوى إلى الدولة الطرف في الساعة الثانية و35 دقيقة من مساء يوم 21حزيران/يونيه 1999 بتوقيت جنيف، وعملاً في الوقت نفسه بموجب المادة 108 من النظام الداخلي، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف عدم طرد مقدم الشكوى إلى سري لانكا أثناء النظر في شكواه. وتلاحظ اللجنة المعلومات الواردة من الدول الطرف بأن مقدم الشكوى أبعد من أستراليا في 21 حزيران/يونيه 1999. ووردت المذكرة الشفوية من الأمين العام إلى البعثة الدائمة لأستراليا عندما كان مقدم الشكوى قد طرد بالفعل كما يدعي إلى سري لانكا.

الوقائع كما عرضها مقدم الشكوى
2-1 في 9 أيلول/سبتمبر 1997، وصل مقدم الشكوى إلى أستراليا بدون جواز سفر أو أوراق هوية أخرى. وفي 15 أيلول/سبتمبر 1997 قدم طلباً للحصول على مركز اللاجئ (تأشيرة حماية) إلى إدارة شؤون الهجرة والثقافات المتعددة. ورفض طلبه في 25 أيلول/سبتمبر 1997. وأكدت محكمة مراجعة شؤون المهاجرين في 30 تشرين الأول/أكتوبر 1997 قرار عدم منحه تأشيرة حماية، بعد عقد جلسة استماع حضرها مستشار قانوني ومترجم لمساعدة مقدم الشكوى. وبموجب قرار للمحكمة الاتحادية في 13 أيار/مايو 1998، أحيلت المسألة مرة أخرى إلى محكمة مراجعة شؤون المهاجرين للبت فيها من جديد. وفي 20 آب/أغسطس 1998، قررت المحكمة الأخيرة مرة أخرى عدم منحه تأشيرة حماية، بعد الاستماع إلى مقدم الشكوى. وفي 3 شباط/فبراير 1999، رفضت المحكمة الاتحادية استئناف مقدم الشكوى ضد القرار الثاني لمحكمة شؤون المهاجرين، كما رفض استئناف قدم إلى المحكمة العليا بكامل هيئتها في 14 أيار/مايو 1999. وفي 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1997 و20 آب/أغسطس 1998 و18 حزيران/يونيه 1999، اعتبرت حالته غير مستوفية لمقتضيات منحه تأشيرة للبقاء في أستراليا لأسباب إنسانية وأكدت المحامية أن جميع وسائل الانتصاف المحلية الفعالة قد استنفدت.
2-2 وبينت المحامية أن مقدم الشكوى كان يقيم في نوارا إيليا وهي منطقة تقع في جنوب سري لانكا. وفي عام 1989، عندما نشب القتال بين حركة جاناتا فيمورتي بيراموانا الموالية للسنهاليين والحكومة في نورا إيليا، تم توقيف مقدم الشكوى واحتجازه لمد ستة إلى سبعة شهور في معسكر للجيش في دياتالاوا للاشتباه في كونه عضوا في الحركة. وخلال هذا الوقت، استجوب مقدم الشكوى وتعرض للتعذيب حسبما يدعي من قبل ضباط الجيش. ودفع والد مقدم الشكوى مبلغاً كبيراً من المال لضمان الإفراج عنه.
2-3 وفي الفترة من عام 1992 إلى 1995، كان أعضاء من جبهة تحرير نمور التاميل إيلام وهم أصدقاء لأسرة زوجته يقومون بزيارات، متكررة وكان على مقدم الشكوى أن يوفر لهم الأغذية والإقامة. وفي المرة الأخيرة، في تشرين الأول/أكتوبر 1995، جاء عدة أعضاء من جبهة تحرير نمور التاميل للإقامة مع أسرته لمدة 15 يوماً. وخلال هذا الوقت، فجرت مستودعات النفط في كولوناوا بكولومبو بالقنابل، واعتقدت الشرطة أن المقيمين مع أسرة مقدم الشكوى هم المتورطون في هذه العملية. وأُخذ مقدم الشكوى حسبما يدعي إلى مركز الشرطة في نوارا إيليا واستجوب وعذب. وذكر أن مقدم الشكوى لم يفرج عنه بعد ثلاثة أيام إلا بعد دفع مبلغ كبير من المال إلى ضابط الشرطة المسؤول.
2-4 وفي شباط/فبراير 1996، اتهمت جبهة تحرير نمور التاميل مقدم الشكوى بتقديم معلومات إلى الحكومة عن الهجوم على مستودعات النفط. وذكرت المحامية أن مقدم الشكوى ضرب وهدد بالقتل. وبعد تدخل من الأسرة وزوجته تركوه لحال سبيله.
2-5 وقرب نهاية شباط/فبراير 1996، أوقفت الشرطة مقدم الشكوى وأخذ إلى معسكر الجيش في دياتالاوا، واحتجز لمدة ثلاثة أيام وحسبما يدعي تعرض للتعذيب. وأكدت المحامية أن والد مقدم الشكوى دفع مبلغاً كبيراً من المال للإفراج عن أبنه. وبعد الإفراج عنه مباشرة فر مقدم الشكوى إلى نوارايليا خوفاً من السلطات السريلانكية وجبهة التحرير نمور التاميل وأقام مع أصدقاء في كاندى ثم في هاتون لبضعه أشهر، قبل أن يتجه إلى كولومبو.
2-6 وفي وقت لاحق في عام 1996، أوقفت شرطة مارادانا مقدم الشكوى في كولومبو، واحتجزته لمدة أسبوع وسألته عن علاقته بجبهة تحرير نمور التاميل. وذكر أن مقدم الشكوى تعرض للضرب كل ليلة من قبل ضباط الشرطة ولم يقدم لـه غـذاء كاف. وفي آذار/مارس 1997، عمد مقدم الشكوى إلى الفرار من سري لانكا إلى كمبوديا وبانكوك وسيدني.
2-7 وأكدت المحامية أنه بالنظر إلى توقيف مقدم الشكوى مرتين بصدد تفجير القنابل في كولوناوا، فإن هناك خطراً حقيقياً بأن يتم توقيفه مرة أخرى إذا أعيد إلى سري لانكا. وقالت المحامية أنها تعتقد أن الوثائق التي أخذتها الشرطة من مقدم الشكوى قد أرسلت إلى الشرطة السرية، وعليه، فإن بوسع السلطات أن تقتفي أثر مقدم الشكوى أينما كان. واحتجت المحامية بأن مقدم الشكوى قد أوقف ونمى إلى علم قوات الأمن أنه وفر مكانا أميناً إلى أعضاء جبهة تحرير نمور التاميل المتورطين حسبما يدعي فيما تعتبره واحدة من أكبر عمليات الاغتيال التي ارتكبتها جبهة تحرير نمور التاميل، وأن مقدم الشكوى يحتمل أن يحتجز وأن يستجوب في المطار لدى عودته إلى كولومبو.
2-8 كما أكدت المحامية أن ثمة أسباباً قوية للاعتقاد بأن مقدم الشكوى سيكون في خطر التعرض للتعذيب من قبل شرطة سري لانكا وقوات الأمن وجبهة تحرير نمور التاميل إذا أعيد إلى سري لانكا. وقد تعرض مقدم الشكوى من قبل للتعذيب وسوء المعاملة من قبل السلطات وجبهة تحرير نمور التاميل قبل أن يغادر البلد. واستشهدت المحامية بتقارير مرصد حقوق الإنسان وتقارير وزارة خارجية الولايات المتحدة لعام 1996 كدليل على وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة والجسيمة لحقوق الإنسان في سري لانكا. واحتجت المحامية بأنه، يمكن للشرطة توقيف الأشخاص على أساس مجرد الاشتباه بموجب قانون منع الإرهاب ولائحة الطوارئ، وفي كثير من الأحيان على أساس افتراض أن كل من نشأ في الشمال أو الشرق من البلد مذنب. وترى المحامية أنه في مثل هذا الجو توجد مخاوف من أن مقدم الشكوى بوصفه شاباً يتكلم لغة التاميل ومن المنطقة الشرقية في سري لانكا، سيتعرض للتحرش به وسوء معاملته من قبل السلطات لمجرد الاشتباه. واستشهدت المحامية بمقتطفات من عناوين الصحف والمقالات السريلانكيه في هذا الشأن.
الشكوى
3-1 أكدت المحامية أن تقييم الأدلة في إجراءات اللجوء في أستراليا شابه القصور. وقالت إن سلطات الهجرة الأسترالية تتوقع من طالب اللجوء أن يقدم كامل الحقائق في طلبه لدى وصوله. وأكدت المحامية أنه لا مبرر لهذا، بالنظر إلى أن ملتمسي اللجوء يسلكون سلوكا غير عادي وغير مناسب في البداية ولا يثقون في السلطات وأنهم لا يكونون مستعدين لقول الحق وقصتهم الكاملة إلا بعد أن يقيموا في البلد فترة من الزمن. وعليه، فإن رأي الحكومة الأسترالية أن كل ما يتذرع به فيما بعد غير جدير بالثقة يعتبر من وجهة نظر المحامية منافياً للعقل، بالنظر إلى أنه في حالات مماثلة لحالة مقدم الشكوى، فإنه لدى التقدم ببيانات جديدة، قبلت محكمة مراجعة شؤون اللاجئين بحثها، على الرغم من أن القصة الأولية كانت غير متماسكة وغير متسقة ومتناقضة.
3-2 وادعت المحامية أن إبعاد مقدم الشكوى إلى سري لانكا يمثل انتهاكاً للمادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية والمهينة. واحتجت المحامية بأن ثمة أسباباً قوية تدعو إلى الاعتقاد بأن مقدم الشكوى سيكون في خطر التعرض للتعذيب إذا تم إبعاده. وبالنظر إلى الحظر المطلق لطرد أي شخص إلى حيث يواجه خطر التعرض للتعذيب، أكدت المحامية أنه لا ينبغي إبعاد مقدم الشكوى.
3-3 وادعت المحامية أن وجود دليل على حدوث نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة والجسيمة لحقوق الإنسان في سري لانكا يحظر على حكومة أستراليا طرد مقدم الشكوى.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية
4-1 أكدت الدولة الطرف أنها تمارس الامتثال لطلبات التدابير المؤقتة المقدمة من اللجنة حيثما كان بوسعها أن تفعل ذلك. بيد أن مقدم الشكوى قد أبعد من أستراليا في الساعة الرابعة و30 دقيقة من صباح يوم 21 حزيران/يونيه 1999 بتوقيت جنيف. وقد ورد نص الشكوى وطلب اللجنة بعد أن كان مقدم الشكوى قد أبعد من أستراليا، أي بالبريد العادي، إلى البعثة الدائمة لأستراليا في جنيف في وقت متأخر من صباح 21 حزيران/يونيه 1999، ثم في اليوم نفسه في الساعة الثانية و36 دقيقة مساء بتوقيت جنيف على آلة الفاكس في مقر البعثة.
4-2 وطعنت الدولة الطرف في ادعاءات أوجه القصور الإجرائية بشأن تناول الأدلة حين النظر في حالة مقدم الشكوى. وأكدت الدولة الطرف أن مقدم الشكوى لم يقدم أدلة على أن العيوب الإجرائية المزعومة تمثل انتهاكاً لأحكام الاتفاقية وعليه، فإن هذا الطلب ينبغي رفضه باعتباره غير مقبول من حيث الموضوع. ومن الناحية الأخرى، تؤكد الدولة الطرف أنه باستثناء حالات محدودة، فإنه مما يجاوز صلاحية اللجنة أن تراجع نتائج التحقيقات وتفسيرات الأجهزة الوطنية في الدولة الطرف لتشريعاتها المحلية. وبالإضافة إلى ذلك، ترى الدولة الطرف أن أي مسألة ناشئة عن احتمال وجود أخطاء في تطبيق القانون في القرار الأول في المحكمة يتم تصحيحها فيما بعد. وقد أخفق مقدم الشكوى في الإشارة إلى القرارين الثاني والثالث للمحكمة الاتحادية في هذا الشأن.
4-3 وطعنت الدولة الطرف بأنه لا توجد أسباب قوية للاعتقاد بأن مقدم الشكوى سيكون في خطر التعرض للتعذيب إذا أعيد إلى سري لانكا. وترى الدولة الطرف أن خطر سوء المعاملة من قبل جبهة تحرير نمور التاميل الذي يدعيه مقدم الشكوى لا تنشئ قضية لنظر اللجنة فيها، حيث أن مقدم الشكوى أخفق في تقديم أي دليل على أن الجبهة ستتصرف بموافقة أو قبول السلطات السريلانكية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مقدم الشكوى لم يبين أن الجبهة تمارس سلطة شبه حكومية على منطقة سيعاد إليها. وعليه فإنه يمكن اعتباره عميلاً لأغراض المادة 3 من الاتفاقية. ومن الناحية الأخرى، ترى الدولة الطرف أن مقدم الشكوى أخفق في إثبات أنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب من قبل الجبهة. وفي هذا الشأن تطلب الدولة الطرف اعتبار الشكوى غير مقبولة من حيث الموضوع، وترى الدولة الطرف أن أدلة مقدم الشكوى تفتقر إلى المصداقية أو أنها غير كافية لإثبات وجود خطر شخصي حقيقي ومتوقع بالتعرض للتعذيب.
4-4 وتطلب الدولة الطرف إعلان الشكوى غير مقبولة من حيث الموضوع، بالنظر إلى أن مقدم الشكوى يستند إلى تفسير للمادة 3 من الاتفاقية بأن وجود نمط من الانتهاكات الجسمية لحقوق الإنسان في الدولة المستقبلة يكفي لإنشاء الحماية الدولية للمادة 3.
4-5 وختاماً، لاحظت الدولة الطرف أن الحق في عدم التعرض للتعذيب مكفول بموجب القانون المحلي في سري لانكا. هذا علاوة على أن سري لانكا صدقت على الاتفاقية وهي طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
5- لاحظت اللجنة أن المحكمة الاتحادية رفضت طلب مقدم الشكوى في 18 حزيران/يونيه 1999 وبهذا لم تترك لمقدم الشكوى سوى ثلاثة أيام للاستفادة من المادة 22 من الاتفاقية.
النظر في المقبولية
6-1 يجب أن تقرر لجنة مناهضة التعذيب، قبل النظر في أي ادعاءات واردة في بلاغ ما، ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وتأكدت اللجنة، حسبما هو مطلوب منها بموجب الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تبحث ولا يجرى بحثها بموجب أي أجراء أخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
6-2 وتلاحظ اللجنة إدعاء الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول من حيث الموضوع (انظر الفقرتين 4-2، 4-3). غير أن اللجنة ترى أن حجج الدولة الطرف تثير قضايا فنية ينبغي تناولها مع الأسس الموضوعية وليس في مرحلة النظر في المقبولية. وعليه، فإن اللجنة ترى أن الشروط المنصوص عليها في الفقرة 5 (ب) من المادة 22 من الاتفاقية قد استوفيت. وبالنظر إلى أن اللجنة لا ترى عوائق أخرى أمام المقبولية، فأنها تعلن أن البلاغ مقبول.
النظر في الأسس الموضوعية
7-1 كانت المسألة المعروضة أمام اللجنة هي ما إذا كانت عودة مقدم الشكوى القسرية إلى سري لانكا تمثل انتهاكاً لالتزامات أستراليا بموجب المادة 3 من الاتفاقية بعدم إعادة شخص إلى دولة أخرى حيث توجد أسباب قوية للاعتقاد بأن سيكون في خطر التعرض للتعذيب.
7-2 ويجب أن تقرر اللجنة، عملاً بالفقرة 1 من الاتفاقية، ما إذا كانت هناك أسباب قوية تدعو للاعتقاد بأن الضحية المزعومة سيكون في خطر التعرض للتعذيب لدي العودة إلى سري لانكا. وللتوصل إلى هذا القرار، يجب على اللجنة، عملاً بالفقرة 2 من المادة 3 من الاتفاقية، مراعاة جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسمية أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. بيد أن الغرض من تحديد هذا هو ما إذ كان الفرد المعنى سيواجه شخصياً خطر التعرض للتعذيب في البلد الذي سيعود إليه. وبالتالي، فإن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسمية أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل في حد ذاته سبب كافيا لأن تقرر اللجنة أن شخصاً بعينه سيواجه خطر التعرض للتعذيب لدى عودته إلى ذلك البلد، ويجب أن تكون هناك أسباب إضافية تبين أن الفرد المعني سيتعرض شخصياً للخطر. وبالمثل، فإن عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسمية لحقوق الإنسان لا يعني أنه لا يمكن اعتبار شخص ما معرضاً لخطر التعذيب بسبب ظروفه الخاصة.
7-3 وفي هذه الحالة، تلاحظ اللجنة أن حجة الدولة الطرف بأنه مما يجاوز صلاحية اللجنة أن تراجع نتائج التحقيقات في الوقائع أو التفسيرات التي تقدمها الأجهزة الوطنية في الدولة الطرف للتشريعات المحلية. وتوافق اللجنة على أنه لا يمكنها أن تسقط تفسير الأجهزة الوطنية المسؤولة لمدى انطباق التشريعات المحلية، ولكنها تعيد تأكيد أنها غير ملزمة بنتائج التحقيقات في الوقائع التي تتوصل إليها أجهزة الدولة الطرف وتملك بدلاً من ذلك السلطة المنصوص عليها في الفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية التي تكفل حرية تقييم الوقائع، بالاستناد إلى مجمل الظروف الكاملة في كل حالة(أ) وتشير اللجنة إلى أنه حتى على الرغم من بقاء بعض الشكوك في صحة الوقائع التي استشهد بها مقدم الشكوى، فإنها يجب أن تضمن أن سلامته غير معرضة للخطر(ب). وكيما تفعل هذا، فإنه ليس من الضروري أن تكون جميع الوقائع التي يحتج بها مقدم الشكوى قاطعة الثبوت؛ ويكفي أن تعتبرها اللجنة صحيحة بصورة كافية وموثوق بها.
7-4 وفيما يتعلق بادعاء مقدم الشكوى أنه في خطر التعرض للتعذيب من قبل جبهة تحرير نمور التاميل، فإن اللجنة تذكر بأن التزام الدولة الطرف بالامتناع عن الإعادة القسرية لشخص ما إلى دولة أخرى حيث توجد أسباب قوية للاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب يتصل بصورة مباشرة بتعريف التعذيب حسبما هو وارد في المادة 1. ولأغراض الاتفاقية، حسبما هو مبين في المادة 1، يقصد "بالتعذيب" أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسدياً كان أم عقلياً، يلحق عمداً بشخص ما، بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث، أو تخويفه أو إرغامه هو أو شخص ثالث، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أياً كان نوعه، أو يحرص عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه " موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية " وتشير اللجنة إلى قراراتها السابقة بأن المسألة هي ما إذا كان على الدولة الطرف التزام بالامتناع عن طرد شخص ما يمكن أن يواجه خطر الألم أو العذاب الذي يلحقه به كيان غير حكومي، بدون موافقة الحكومة أو سكوتها، لا يدخل في نطاق المادة 3 من الاتفاقية(ج).
7-5 وتلاحظ اللجنة مع القلق تقارير التعذيب الذي يرتكبه الموظفون الحكوميون في سري لانكا، بما في ذلك حالة مقدم الشكوى، ولكنها توضح أنه لأغراض المادة 3 من الاتفاقية يجب أن تكون هناك أسباب قوية ينجم عنها خطر تعذيب شخصي متوقع وحقيقي في البلد الذي يعاد إليه مقدم الشكوى. وبالاستناد إلى الوقائع المقدمة من صاحب الشكوى، فإن اللجنة ترى أن هذه الأسباب غير قائمة. وعليه، فإن اللجنة ترى أن مقدم الشكوى لم يثبت صحة دعواه بأنه سيكون شخصياً في خطر حقيقي لأن يتعرض للتعذيب إذا عاد إلى سرى لانكا.
8- وترى لجنة مناهضة التعذيب، عملاً بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أن إبعاد مقدم الشكوى إلى سري لانكا، لا يمثل، بالاستناد إلى المعلومات المقدمة، انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/57/40، المرفق السابع.
(أ) التعليق العام رقم 1، الدورة السادسة عشرة (1996)، الفقرة 9(ب).
(ب) انظر موتومبو ضد سوسيرا القضية رقم 13/1993 الآراء المعتمدة في 27نيسان/أبريل 1994، الفقرة 9-2.
(ج) ج.ر.ب.ضد السويد، القضية رقم 83/1997، الآراء المعتمدة في 15 أيار/مايو 1998، الفقرة 6-5.

العودة للصفحة الرئيسية