آراء وقرارات لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من الاتفاقية

البلاغ رقم 107/1998


مقدم من: ك. م. (الإسم محذوف)
[يمثله محامٍ]
الضحية المفترضة: مقدم البلاغ
الدولة الطرف: سويسرا
تاريخ البلاغ: 23 شباط/فبراير 1998

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأ بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
المجتمعة في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1999،
وقد انتهت من نظرها في البلاغ رقم 107/1998، المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات التي وافاها بها مقدم البلاغ والدولة الطرف،
تعتمد القرار التالي:
1-1 مقدم البلاغ هو السيد ك. م.، وهو مواطن تركي من أصل كردي، مولود في عام 1972 ويعيش حالياً في سويسرا حيث قدم طلب حق اللجوء. ولكن طلبه رُفض، ويواجه خطر الطرد. ويؤكد أن إكراهه على العودة إلى تركيا سيشكل انتهاكاً من جانب سويسرا للمادة 3 من الاتفاقية. ويمثل مقدم البلاغ محام.
1-2 وعملاً بالفقرة 3 من المادة 22 من الاتفاقية، أرسلت اللجنة البلاغ إلى الدول الطرف في 11 آذار/ مارس 1998. وفي نفس الوقت، طلبت اللجنة من الدولة الطرف، بموجب الفقرة 9 من المادة 108 من نظامها الداخلي، ألا تعيد مقدم البلاغ إلى تركيا ما دام بلاغه قيد النظر. وفي 15 نيسان/أبريل 1998، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنه تم اتخاذ تدابير كي لا يعاد مقدم البلاغ إلى تركيا ما دام بلاغه معروضاً على اللجنة.

الوقائع كما عرضها مقدم البلاغ
2-1 صاحب البلاغ من جنوب شرق تركيا. وهو يؤكد أنه يتعاطف مع قضية حزب العمال الكردستاني ولكنه لا يشارك في العمل السياسي. وأنهى خدمته العسكرية في الجيش التركي في عام 1992/1993. وكان يدير محلاً لبيع الأحذية مع أبيه في قرية غازيانتب. وعلى الرغم من أنه لم يكن مناضلاً سياسياً، ألقت الشرطة القبض عليه مرتين، مرة في آب/أغسطس ومرة في أيلول/سبتمبر 1994، للاشتباه في أنه يساعد حزب العمال الكردستاني، وتم احتجازه لفترة قصيرة. وأثناء إحدى فترات احتجازه، تعرض لضرب عنيف لدرجة أنه فقد إحدى أسنانه وكُسرت عدة أسنان أخرى. وفي المرتين أطلق سراحه دون توجيه تهمة إليه.
2-2 وفي بداية عام 1995، اتصل أحد أعضاء حزب العمال الكردستاني، لا يعرفه مقدم البلاغ ووالده، بهما وطلب منهما أن يزودا المنظمة بعدد كبير من الأحذية. وقبل مقدم البلاغ ووالده ذلك لتعاطفهما مع المنظمة وقدما أحذية كل أسبوع. وذكر مقدم البلاغ أن الشرطة التركية اعتقلت ابن عمه، الذي كان يعمل على نحو نشيط مع حزب العمال الكردستاني، وكان يأتي أحياناً لاستلام الكمية الأسبوعية من الأحذية، في آذار/مارس 1999 وفي حوزته الأحذية. وتحت وطأة التعذيب، قال للشرطة إن مقدم البلاغ يصنع أحذية من أجل حزب العمال الكردستاني. عندئذ، توجهت الشرطة إلى منزل مقدم البلاغ، الذي استطاع أن يهرب ويختبئ. وتم القبض على الأب لإجبار مقدم البلاغ على الظهور. وقرر مقدم البلاغ مغادرة البلد ونظم سفره بمساعدة مهربي بضائع. وعلم في وقت لاحق أن ابن عمه قُتل أثناء محاولته الهروب من السجن.
2-3 ووصل صاحب البلاغ إلى سويسرا في 20 نيسان/أبريل 1995 وطلب اللجوء على الفور. ورفض المكتب الفيدرالي للاجئين طلبه في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 1996. ورفضت لجنة الطعون في 12 كانون الثاني/ يناير 1998 المعنية بمسائل اللجوء طعنه.
2-4 ويشكو مقدم البلاغ لأن مقابلاته مع السلطات السويسرية المختصة باللجوء لم تتم بحضور محام ويدحض الحجج التي استندت إليها للخلوص إلى أن أقواله غير قابلة للتصديق ورفض طلبه. وأوضحت السلطات السويسرية أن المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ أثناء مقابلاته الثلاث مع الموظفين المختصين، كانت تنطوي على تناقضات، لا سيما فيما يتعلق بمهنته، وبالطلب الذي قُدم إليه لصنع أحذية لحزب العمال الكردستاني وعمليتي الاعتقال التي تعرض لهما في عام 1994. ويقدم صاحب البلاغ إلى اللجنة إيضاحات تفصيلية لإثبات أنه لا توجد تناقضات وأنه قال الحقيقة فيما يتعلق بأسباب رحيله من البلد.
2-5 وأرسل مقدم البلاغ إلى اللجنة وثيقـة صادرة عن المدعي العام لغازيانتب، بتاريخ 28 آذار/مارس 1995، تفيد أن الشرطة تبحث عنه. واعتبرت السلطات السويسرية أن هذه الوثيقة مزورة. ويعترض مقدم البلاغ على هذا الاستنتاج، ويشكو من عدم قيام السلطات السويسرية بما تقوم به عادة حيث إنها لم تطلب أبداً من سفارة سويسرا في أنقرة التحقق من صحة الوثيقة.
موضوع الشكوى
3-1 يؤكد مقدم البلاغ أن عودته القسرية إلى تركيا ستشكل انتهاكاً من جانب سويسرا لالتزاماتها بموجب الاتفاقية، حيث إن الأسباب التي حفزته على الرحيل من تركيا، أسباب وجيهة تحمل على اعتقاد أن من الممكن أن يتعرض عند عودته للسجن، والتعذيب بل وللقتل خارج نطاق القانون.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وموضوعه
4-1 لم تعترض الدول الطرف على مقبولية البلاغ، وأبدت ملاحظات بشأن موضوعه في رسالة مؤرخة 13 آب/أغسطس 1998.
4-2 وأطلعت الدولة الطرف اللجنة على التناقضات التي لاحظتها السلطات أثناء مقابلاتها مع مقدم البلاغ. وأشارت، على سبيل المثال، إلى أن روايته فيما يتعلق بالطلب على أحذية الجبل من أجل جنود حزب العمال الكردستاني حافلة بالتناقضات والمعلومات المتضاربة. وتتعلق هذه الأخيرة بنقطة أساسية في البلاغ هي سبب الاضطهــاد الذي يزعــم أن مقدم البلاغ يتعرض له من جانب سلطات بلده. وترى الدولة الطرف أيضاً أن أقوال مقدم البلاغ فيما يتعلق بالظروف التي تلقى فيها الطلب على الأحذية لا تتفق مع الواقع الذي يواجهه أعضاء حزب العمال الكردستاني. ذلك أن من المدهش جداً، أن يتوجه عضو في حركة إرهابية تخوض حرباً ضد النظام القائم وتحاربها القوى الرئيسية في البلد في يوما ما إلى أشخاص لا يعرفهم ليطلب منهم دعم الكفاح المسلح، وذلك في وضح النهار ودون أدنى حذر. وتصديق رواية صاحب البلاغ يعني جهل أن حزب العمال الكردستاني وضع لا محالة نظاماً كاملاً من التدابير الأمنية، مثل استراتيجيات لتحديد هوية أعضائه، للحفاظ على حياتهم من أجل مواصلة الكفاح المسلح. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن مقدم البلاغ أكد بنفسه أن من المعروف جيداً أن البوليس السري ومخبريه متواجدون في جميع فئات المجتمع المدني. ولا يمكن بالتالي لعضو حقيقي في حزب العمال الكردستاني أن يجهل هذا الوضع ويعرض نفسه للخطر بمثل هذه الطريقة الطائشة، كما يدعي مقدم البلاغ.
4-3 وترى الدولة الطرف أن من الغريب أن يقبل شخص اشتبهت الشرطة في آب/أغسطس 1994 في أنه قدم الدعم إلى حزب العمال الكردستاني، في بداية عام 1995، بصورة تلقائية عرضاً من مجهول يطلب منه أن يصنع له أحذية لهذه الحركة، دون أن يتصور لحظة واحدة أن أجهزة الأمن تسعى ربما بهذه الطريقة إلى الحصول على تأكيد للشبهات التي تحوم حوله.
4-4 وترفض الدولة الطرف أيضاً حقيقة ملاحقة الشرطة لمقدم البلاغ. وقد ذكر مقدم البلاغ أن والده قام أيضاً بصناعة أحذية لحزب العمال الكردستاني؛ ومع ذلك لم يتعرض هذا الأخير لأي ملاحقة جنائية بتهمة المشاركة في نشاط إرهابي، بل اعتقل واستُجوب بشأن إبنه فقط. ولا يمكن على الإطلاق تعليل الحِلم الذي عاملت به الشرط والد مقدم البلاغ. والواقع أنه حتى ولو لم يبلغ ابن العم عن والد مقدم البلاغ، فإن هذا لا ينفي أنه قام أيضاً بصنع أحذية من أجل حزب العمال الكردستاني، أو وافق على الأقل على أن تُصنع في ورشته. والحال أن تصرف الأب كان سيبرر بلا شك فتح تحقيق جنائي ضده، حيث إنه، بصفته صاحب الورشة، قدم الدعم لحركة إرهابية. وفي الحالة قيد النظر لم توجه السلطات الوطنية أبداً هذه التهمة إلى الأب.
4-5 وعلاوة على ذلك، أكد مقدم البلاغ أنه حكم على ابن عمه بالسجن مع الأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وأنه أبلغ الشرطة بأن مقدم البلاغ صنع الأحذية. غير أن صاحب البلاغ لم يقدم أبداً نسخة من الحكم المذكور. ولو كانت هذه النسخة موجودة حقاً لأثبت أنه كان شريكاً لابن عمه.
4-6 وفيمـا يتعلق بالاضطهاد الذي قد يتعرض له مستقبلاً عند عودته إلى بلده، تحيط الدولة الطرف اللجنة علماً بأن الممثلية السويسرية في أنقرة أجرت، بناء على طلب المكتب الفيدرالي لشؤون اللاجئين بتاريخ 3 نيسان/ أبريل 1998، تحريات بشأن وضع مقدم البلاغ في تركيا. وفي رسالة مؤرخة 21 نيسان/أبريل 1998، أكدت الممثلية أن الشرطة لم تعد أي ملف سياسي بشأن مقدم البلاغ أو ملف يُثبت أنه ارتكب جريمة من جرائم القانون العام، وأنه غير ملاحق من قبل الشرطة أو الدرك، سواء على المستوى الوطني أو المحلي وغير محروم من حق الحصول على جواز سفر.
4-7 وعلى أساس هذه المعلومات الحديثة، لم يعد من الممكن لمقدم البلاغ أن يؤكد بشكل جدي أن رسالة مكتب المدعي العام لغازانتيب رسالة صحيحة. ومن جهة أخرى، كانت السلطات السويسرية مقتنعة بأن هذه الوثيقة مزورة. فمن ناحية، كان الأمر يتعلق برسالة داخلية لإحدى الدوائر، لا تسلم عادة، وفي هذا الشكل على أي حال، إلى الشخص الملاحق. ومن ناحية أخرى، فإن نوعية الورق المستخدم وعدم وجود العلامات المعتادة للدائرة، التي تظهر عادة على هذا النوع من الوثائق، وفقاً لما أفادت به الدائرة المتخصصة في المكتب الفيدرالي لشؤون اللاجئين، تسمح باعتبار أن مقدم البلاغ قام بتزوير هذه الوثيقة عن طريق أشخاص قريبين منه.
4-8 كذلك كانت أقوال صاحب البلاغ متناقضة فيما يتعلق بتواريخ ومدة حملتي اعتقاله المزعومتين في عام 1994. ذلك أنه أكد في بداية الأمر أن الاعتقالين تما في آب/أغسطس 1994، ثم في أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر 1994؛ وأنهما داما ثلاثة أيام ويوماً واحداً على التوالي، ثم يوماً واحداً فقط. وبالتالي، يمكن اعتقاد أن الضرر على مستوى الأسنان الذي يعاني منه مقدم البلاغ ضرر لا بد وأنه يرجع إلى سبب مختلف عن ذلك الذي ذكره، وقد يكون حادثاً مهنياً مثلاً. وفي هذا الصدد، لا تدعي شهادة طبيب الأسنان على الإطلاق تأكيد ما ذكره مقدم البلاغ فيما يتعلق بسبب هذا الضرر، ويتضح من البلاغ أن مقدمه لم يغادر تركيا بسبب تلك الأحداث، مما يدعو إلى ظن أنه لا يوجد أي صلة سببية بين هذه الأحداث ودوافع الاضطهاد الذي يدعي مقدم البلاغ أنه سيتعرض له في المستقبل إذا عاد إلى بلده.
تعليقات المحامي
5-1 يكرر المحامي الإيضاحات التي سبق أن قدمها بشأن التناقضات التي لاحظتها الدولة الطرف في أقوال مقدم البلاغ. وفيما يتعلق بالوثيقة الصادرة عن المدعي العام لغازانتيب، يبدو أن الدولة الطرف توهم بأن مقدم البلاغ طلب من أفراد من أسرته تزوير وثيقة. والحاصل أن مقدم البلاغ طلب من والده أن يرسل له إثباتاً، وليس أن يزور وثيقة. وهو لا يعرف كيف حصل والده على هذه الوثيقة، ولكن ليس هناك ما يدعو إلى ظن أن هذه الوثيقة مزورة. وفي مكالمة هاتفية بتاريخ 23 كانون الأول/ديسمبر 1996، قال الأب للمحامي إنه اضطر إلى الذهاب عدة مرات إلى مخفر الشرطة للحصول على هذه الوثيقة.
5-2 وفيما يتعلق بضآلة احتمال أن يتعرض مقدم البلاغ من جديد للخطر التي سيقت كحجة، أكد المحامي أن هناك الكثير من الأكراد في تركيا، تشتبه الشرطة في تعاونهم مع حزب العمال الكردستاني ويواصلون العمل مع هذه المنظمة على الرغم من ذلك.
5-3 وفيما يخص الحجة التي أُكد فيها أنه كان من المفروض أن يلاحق الأب، يقول المحامي إن الأب رجل عجوز مريض لا ينتمي إلى فئة السكان التي تشارك عادة في حرب العصابات، أي الجيل الجديد. غير أن صاحب البلاغ قال للسلطات السويسرية بوضوح إن والده احتجز لمدة أسبوع استجوب خلاله مرتين أو ثلاث مرات بشأن تصرفاته.
5-4 ويرى المحامي أنه ليس من الواقعي أن يُطلب من صاحب البلاغ تقديم نسخة من السجل العدلي بابن عمه. وقد غادر مقدم البلاغ تركيا بعد اعتقال ابن عمه بفترة قصيرة وهو لا يعرف ما إذا كان لابن عمه محام. ولا يمكن الحصول على هذا النوع من الوثائق إلا من محام لأن والدة ابن عمله وأولاده وزوجته غادروا البلد ولأنه ليس على اتصال بهم. ويقول المحامي إنه كان يمكن للسلطات السويسرية أن تحصل على هذا النوع من الوثائق.
5-5 ويضيف المحامي أن عضو حزب العمال الكردستاني، الذي اتصل بمقدم البلاغ ووالده وطلب منهما صناعة أحذية، كان يعرف عن طريق ابن عم مقدم البلاغ أن هذا الأخير ووالده كانا متعاطفين مع حزب العمال الكردستاني، وانه بالتالي يواجه الخطر الذي ذكرته الدولة الطرف.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
6-1 قبل أن تنظر لجنة مناهضة التعذيب في أي شكوى يتضمنها بلاغ ما، لا بد أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وتحققت اللجنة، على النحو المطلوب بموجب الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 5 من المادة 22 من الاتفاقية من أن المسألة نفسها لم تُبحث وليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية. وتلاحظ اللجنة أيضاً أنه تم استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية وأن الدولة الطرف لم تعترض على المقبولية. وترى بالتالي أن البلاغ مقبول. وبما أن كلاً من الدولة الطرف وصاحب البلاغ قدما ملاحظات بشأن موضوع البلاغ، فإن اللجنة تباشر النظر في هذا الموضوع.
6-2 ويجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كانت إعادة مقدم البلاغ إلى تركيا ستشكل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف بموجب المادة 3 من الاتفاقية، بعدم طرد أو إعادة شخص إلى دولة أخرى إذا كانت هناك أسباب وجيهة تدعو إلى اعتقاد أنه سيواجه خطر التعرض للتعذيب.
6-3 ويجب على اللجنة أن تقرر، عملاً بالفقرة 1 من المادة 3، ما إذا كانت هناك أسباب وجيهة تدعو إلى اعتقاد أن من الممكن أن يتعرض مقدم البلاغ للتعذيب إذا أعيد إلى تركيا. ولاتخاذ هذا القرار، يجب على اللجنة، عملاً بالفقرة 2 من المادة 3، أن تراعى كافة الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك وجود مجموعة من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية المنتظمة لحقوق الإنسان. بيد أن الهدف من هذا التحليل هو تحديد ما إذا كان الشخص المعني سيواجه شخصياً خطر التعرض للتعذيب في البلد الذي سيعاد إليه. وبذلك فإن وجود مجموعة من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية المنتظمة لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل، في حد ذاته، سبباً كافياً لتحديد ما إذا كان من الممكن أن يتعرض شخص بعينه للتعذيب عند عودته إلى ذلك البلد. ويجب أن تكون هناك أسباب أخرى تحمل على اعتقاد أن الشخص المعني سيكون معرضاً للخطر شخصيا. وبالمثل، فإن عدم وجود مجموعة من الانتهاكات الفادحة والمنتظمة لحقوق الإنسان لا يعني أن الشخص لن يتعرض للتعذيب في ظروفه الخاصة.
6-4 وتذكِّر اللجنة بملاحظتها العامة بشأن تطبيق المادة 3، ونصها كما يلي:
"بما أن على الدولة الطرف واللجنة التزاماً بالبت فيما إذا كانت هناك أسباب حقيقية لاعتقاد أن من الممكن أن يتعرض صاحب البلاغ للتعذيب إذا طرد أو أعيد أو سلم، فمن اللازم أن يقيم خطر التعذيب على أسس تتجاوز مجرد الافتراضات أو الشكوك. غير أنه ليس من اللازم إثبات أن الخطر محتمل جدا". (A/53/44، المرفق التاسع، الفقرة 6).
6-5 وفي الحالة قيد النظر، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ذكرت المعلومات المتضاربة والتناقضات التي تنطوي عليها أقوال مقدم البلاغ والتي تثير شكوكاً في صحة ادعاءاته، كما تحيط علماً بالإيضاحات التي قدمها المحامي في هذا الصدد. غير أن اللجنة ترى أن هذه المعلومات المتضاربة والتناقضات ليست حاسمة في تقييم الخطر الذي يمكن أن يتعرض له مقدم البلاغ إذا أعيد إلى تركيا.
6-6 واستناداً إلى المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ، تلاحظ اللجنة أن الأحداث التي دفعته إلى مغادرة تركيا تعود إلى سنة 1995. وقدم صاحب البلاغ إلى السلطات السويسرية وثيقة صدرت عن مكتب المدعي العام لغازانتيب بعد مغادرته بوقت قصير، تؤكد ملاحقته قضائياً بسبب صلاته مع حزب العمال الكردستاني، لكن السلطات السويسرية اعتبرت هذه الوثيقة وثيقة مزورة. وترى اللجنة، أن الإيضاحات التي قدمها صاحب البلاغ لإثبات صحة الوثيقة المعنية غير مقنعة. ومن جهة أخرى، تحيط اللجنة علماً بالمعلومات التي قدمتها سفارة سويسرا في أنقرة والتي تفيد بأن الشرطة لم تعد أي ملف بشأن مقدم البلاغ، ولم يصدر أي أمر باعتقاله. وبناء على ذلك، لم يثبت مقدم البلاغ أنه معرض للاعتقال عند عودته. وتلاحظ اللجنة علاوة على ذلك ادعاءات مقدم البلاغ التي يؤكد فيها أن الشرطة اعتقلت والده واستجوبته بشأن تصرفاته. ولكن هذا الاعتقال تم في عام 1995 ومن ثم، ليس هناك ما يدعو إلى اعتقاد أن السلطات التركية، قامت منذ ذلك الحين، بالبحث عن مقدم البلاغ أو أفراد أسرته أو تخويفهم. كذلك ليس هناك ما يشير إلى أن مقدم البلاغ تعاون مع حزب العمال الكردستاني بأي صورة من الصور منذ أن غادر تركيا في عام 1995.
6-7 وتلاحظ اللجنة بقلق التقارير العديدة عن انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا بما في ذلك التعذيب، ولكنها تشير إلى أن المادة 3 من الاتفاقية تنص على أن يكون الشخص المعني معرضاً بصورة شخصية ومتوقعة وحقيقية للتعذيب في البلد الذي سيعاد إليه. واستناداً إلى الاعتبارات المذكورة أعلاه، تعتقد اللجنة أن هذا الخطر لم يثبت.
6-8 واستناداً إلى الاعتبارات المذكورة أعلاه، ترى اللجنة أن المعلومات المعروضة عليها لا تبين أن هناك أسباباً وجيهة لاعتقاد أن مقدم البلاغ يواجه خطر التعرض شخصياً للتعذيب إذا أعيد إلى تركيا.
7- ولجنة مناهضة التعذيب، إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ترى أن قرار الدولة الطرف إعادة مقدم البلاغ إلى تركيا لا يشكل على الإطلاق انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.
[حرر باللغة الفرنسية (النسخة الأصلية)، والإنكليزية، والإسبانية، والروسية.]
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/55/40، المرفق الثامن.

العودة للصفحة الرئيسية