البلاغ رقم 618/1995، كامبل ضد جامايكا

اعتمدت الآراء في 20 تشرين الأول/أكتوبر 1998، الدورة الرابعة والستون*

مقدم من: بارنغتن كامبل
(يمثله السيد جورج براون من شركة نابارو ناثانسن للمحاماة في لندن)
الضحية: مقدم البلاغ
الدولة الطرف: جامايكا
تاريخ البلاغ: 10 كانون الثاني/يناير 1995 (تاريخ الرسالة الأولى)
تاريخ اتخاذ قرار بشأن المقبولية: 20 تشرين الأول/أكتوبر 1998

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،
وقد اجتمعت في 20 تشرين الأول/أكتوبر 1998،
وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 618/1995 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان باسم السيد بارنغتن كامبل بموجب البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،
وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة المتاحة لها من مقدم البلاغ ومحاميه والدولة الطرف،
تعتمد ما يلي:
آراء اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري
1 - مقدم البلاغ هو برانغتون كامبيل، وهو مواطن جامايكي كان وقت تقديم البلاغ في انتظار تنفيذ حكم الإعدام في سجن مقاطعة سانت كاترين في جامايكا، وهو يدعي أنه ضحية انتهاكات جامايكا للفقرتين 1 و 14 والفقرات 3 (ب) و (د) و (هـ) من المادتين 7 و 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله جورج براون من شركة نابارو ناثنسون للمحاماة بلندن.

الوقائع كما أوردها مقدم البلاغ
2-1 أُلقي القبض على مقدم البلاغ في 30 آذار/مارس 1989. وفي 12 نيسان/أبريل 1989، حشر في عرض للتعرف على الهوية ثم ألقي القبض عليه ووجهت له تهمة ارتكاب جريمة قتل بول فاسال يوم 23 آذار/مارس 1989. وأُجري التحقيق الأولي في أوائل تموز/يوليه 1989. وفي 8 آذار/مارس 1990، ثبتت التهمة على مقدم البلاغ وحُكم عليه بالإعدام في محكمة دائرة كنغستون. وفي 13 آذار/مارس 1990، تقدم بطلب للإذن له بالاستئناف ضد الإدانة والحكم، ونظرت محكمة الاستئناف في جامايكا في طلب الإذن بالاستئناف باعتباره دعوى الاستئناف ذاتها ورفضتها في 27 نيسان/أبريل 1992. وصدر نص الحكم كتابيا في 17 شباط/فبراير 1993. ورُفض التماس آخر لاستصدار إذن استثنائي للاستئناف لدى اللجنة القضائية التابعة لمجلس الملكة الخاص في 12 كانون الأول/ديسمبر 1994. وبذلك، قال مقدم البلاغ، استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية. وفي عام 1995 خُففت عقوبة الإعدام الصادرة ضد مقدم البلاغ إلى السجن المؤبد.
2-2 وجاء في بيان الادعاء أنه في يوم 23 آذار/مارس 1989، وحوالي السابعة مساء، وبعد حضور اجتماع في كنيسة اليوم السابع المعمدانية في كنغستون، أخرج بول فسال سكين طويلة من سيارته وعاد إلى مبنى الكنيسة يرافقه شاهد العيان كارل بوان ورجلان آخران. وسار الأربعة في ممر إلى الجزء الخلفي من الكنيسة، حيث تقدم منهما رجلان، أمراهم برفع أيديهم، وطلبا منهم أموالهم. وشهد السيد باون خلال المحاكمة أنه رأى رجلا، تعرَّف عليه فيما بعد على أنه مقدم البلاغ يحمل بندقية، فامتثل للأمر في حين هرب مرافقاه. غير أن، السيد فسال، الذي كان يمسك بالسكين الطويلة، هجم على الرجل المسلح الذي يزعم أنه مقدم البلاغ، الذي تراجع على الممر. وفي حين ظل السيد باون تحت تهديد السلاح مرافق مقدم البلاغ، غاب مقدم البلاغ والسيد فسال عن الأنظار، وكان الأخير لا يزال يوجه ضربات بالسكين الطويلة إلى مهاجمه. ويضيف السيد باون في شهادته أنه سمع بعد ذلك صراخا، ووقع أقدام أحد يجري ودوي بندقية وأن مقدم البلاغ ظهر ثانية وهو لا يزال يحمل بندقيته والدم ينزف من يده اليسرى. وقيل للسيد باون أن يهرب، وأثناء فراره اعترضت سبيله جثة السيد فسال، التي كانت ملقاة في مدخل الكنيسة وسط بركة من الدم.
2-3 وشهد ضابط شرطة أن إبهام مقدم البلاغ الأيسر كان مضمدا عندما ألقي القبض عليه يوم 30 آذار/مارس 1989. وإضافة إلى ذلك، شهد ضابط التحقيق أن مقدم البلاغ، إثر تحذيره بأن أقواله ستحسب عليه يوم 10 نيسان/أبريل 1989، أقر بأنه أطلق النار على المتوفي. والدليل الآخر ضد مقدم البلاغ، هو أنه أثناء عرض التعرف على الهوية يوم 12 نيسان/أبريل 1989، أشار إليه السيد باوان بصفته أحد المشاركين في عملية السطو.
2-4 وأقام الدفاع محاجته على أساس الدفع بالغيبة والهوية الخاطئة. وأدلى مقدم البلاغ بإفادة مشفوعة بقَسَم، شهد فيها أنه عندما وقعت الحادثة كان في طريقه إلى بيت صديقته آنئذٍ الواقع في سيفورث، في أبرشية سانت توماس، وأن يده جُرحت وهو يقطع جوزة هند.
2-5 وأما صديقة مقدم البلاغ في ذلك الوقت، نورما لويس، فقد شهد أحد ضباط الشرطة أثناء المحاكمة أنه دوَّن أقوالها يوم 7 نيسان/أبريل 1989. ويبدو من محضر المحاكمة أن أقوال الآنسة لويس قُدمت كجزء من الحجج التي يتضمنها بيان الادعاء، غير أن الادعاء قرر في وقت لاحق عدم دعوتها. ويبدو إضافة إلى ذلك أن محامي مقدم البلاغ طلب في 26 شباط/فبراير 1990، من القاضي تأجيل المحاكمة وطلب إرسال أمر حضور إلى الشاهدة نورما لويس. فأُجلت المحاكمة وأرسل أمر لحضور الشاهدة. ومثلت أمام المحكمة في وقت متأخر من اليوم الأول من المحاكمة، ثم غادرت المحكمة قبل أن يتمكن المحامي من التحدث إليها. وفي اليوم الثاني والأخير من المحاكمة، إثر اختتام سماع حجج مرافعة الادعاء، طلب المحامي ثانية رفع الجلسة لفترة 15 دقيقة لأنه لم تتح له الفرصة لمقابلة الشاهدة، ولأن مقدم البلاغ قد طلب إليه أن يفعل ذلك. ورُفعت الجلسة من الساعة 15/12 ظهرا إلى الساعة 25/13؛ وعند استئنافها، أدلى مقدم البلاغ بشهادته المتنوعة بالقَسَم ولم تُذكر بعد ذلك الآنسة لويس.
2-6 وكذلك كشف محضر المحاكمة النقاب عن أن المحامي الذي مثل مقدم البلاغ أثناء المحاكمة ساعده أيضا خلال عرض التعرف على الهوية يطلب من مقدم البلاغ. وخلال الاستئناف، قام بتمثيل مقدم البلاغ في الاستئناف محاميان آخران. ورغم أن دفعهما لم يتضمن سوى حجة واحدة للاستئناف نيابة عن مقدم البلاغ (تتصل بمسألة الاستفزاز)، فإن محكمة الاستئناف واضعة في الاعتبار طبيعة القضية، نظرت أيضا في دليل التعرف البصري وتوجيهات قاضي المحاكمة بشأن ذلك.
الشكوى
3-1 أشار المحامي فيما يتعلق بانتهاك المادة 7 من العهد إلى أن السيد كامبال بقي على قائمة منتظري تنفيذ حكم الإعدام حوالي خمس سنوات. وفيما يتعلق بالقرار الصادر عن اللجنة القضائية التابعة لمجلس الملكة الخاص في قضية إيرل برات وإيفان مورغن ضد المدعي العام لجامايكا 1. دُفع بأن “عذاب الانتظار المقلق” الناتجة عن ذلك الانتظار الطويل والتوقع للموت، هو بمثابة المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة.
3-2 وفيما يتعلق بانتهاك آخر للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد، أشار المحامي إلى تقارير المنظمات غير الحكومية بشأن أحوال الاحتجاز في سجن مقاطعة سانت كاترين. وقيل، في هذا السياق، إن السجن يضم أكثر من ضعف سعته المقررة عند إنشائه في القرن التاسع عشر؛ وأن المرافق التي تتيحها الدولة ضئيلة: فلا توجد حشايا، أو غيرها من الأفرشة والأثاث في الزنزانات؛ ولا يوجد صرف صحي كجزء من الزنزانات؛ والأنابيب والحنفيات مكسرة، وأكوام الفضلات مكدسة والمجاري مفتوحة؛ ولا توجد إنارة اصطناعية في الزنزانات ولا تتوافر سوى فتحات صغيرة للهواء يمكن للنور الطبيعي أن يتسلل منها؛ ولا يكاد يوجد أي عمل للمساجين؛ ولا يوجد طبيب مرتبط بالسجن، لذلك فإن المشاكل الطبية يعالجها عامة الحراس الذين يتلقون تدريبا محدودا جدا. وقيل إن الأثر الخاص التي أحدثته هذه الأحوال العامة على السيد كامبال هو أنه كان معزولا في زنزانته لفترة اثنتين وعشرين ساعة يوميا؛ وأن زنزانته صغيرة جدا، ومتسخة وباتت مرتعا للفئران والصراصير؛ وأنه يقضي أغلب وقته معزولا عن الرجال الآخرين، دون أن يتاح له أي شيء يشتغل به، وأنه يقضي أغلب أوقاته قسرا في الظلام.
3-3 وأشار المحامي كذلك إلى المادة 36 من قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، ودفع بأنه بسبب الخوف الدائم من الانتقام الذي يجنح له حراس السجن، فإنه من بالغ الصعوبة والخطورة أن يعمد السجناء إلى الشكوى من سوء المعاملة. وفي هذا الصدد، يدعي مقدم البلاغ في رسالة موجهة إلى المحامي بلندن، مؤرخة 7 آذار/مارس 1994، ما يلي “[…] أنا لست في أمان في أي وقت من الأوقات […] فقد قام (حراس السجن) على مر السنين بقتل العديد من السجناء المنتظرين لتنفيذ حكم الإعدام. وفي عام 1988، قتلوا واحدا، وفي عام 1999 قتلوا ثلاثة آخرين وفي العام الماضي قتلوا أربعة في مخفر شرطة كونستانت سبرينغ وحيث أنني كنت شاهدا على ما حدث في 31 تشرين الأول/أكتوبر وأنني قدمت بيانات خطيا إلى الشرطة فذلك وحده كاف لجعلي أكثر ضعفا أمام هؤلاء الحراس […] فحياتي مهددة أساسا لأنني شاهد على أفعال حراس السجن”.
3-4 وفي 18 نيسان/أبريل 1994، كتب المحامي إلى أمين المظالم البرلماني والى مدير مصلحة السجون، يطلب منهما إجراء تحقيق في ادعاءات مقدم البلاغ والتعهد بحمايته من تلك التهديدات والاعتداءات مستقبلا. ورغم توجيه رسالة التذكير فإن أمين المظالم لم يرد البتة، واكتفى مدير مصلحة السجون بإخطار المحامي، برسالة مؤرخة 27 نيسان/أبريل 1994، أنه: “من الواضح لجميع العاملين في السجون أنه لا يُقر أحد استخدام القوة المفرطة، والتهديدات والمعاملة الوحشية، وأن أقصى الإجراءات التأديبية تُتخذ عندما يحدث ذلك”. وفي 19 أيار/مايو 1994، طلب المحامي من مصلحة السجون أن يوافيه بالتدابير المتخذة في حالة السيد كامبال، وكان الرد على ذلك بعبارات اتسمت بالعمومية.
3-5 ويقول المحامي إنه ومقدم البلاغ قد بذلا جميع الجهود المعقولة سعيا للانتصاف فيما يتعلق بالمعاملة السيئة التي تعرض لها مقدم البلاغ، وأن إجراء تقديم الشكاوى على الصعيد المحلي، وخاصة الإجراءات الداخلية للسجون، ليست سبيل انتصاف متوافرة ولا هي فعالة في حالة مقدم البلاغ.
3-6 ودُفع بأنه، بالنسبة إلى إعداد الدفاع عن مقدم البلاغ في المحاكمة، جرى تعيين المحامي لمقدم البلاغ عن طريق نظام المساعدة القانونية. ويقول محامي الاستئناف إن من الواضح أن المحامي في المحاكمة لم يلتق بمقدم البلاغ في اجتماع قبل بداية المحاكمة، وأنه لم يتلق تعليمات بشأن أقوال شهود الإثبات، وأنه لم يتقابل مع شاهد للدفع بالغيبة.
3-7 ويُضاف، في هذا السياق، أن من الممكن أن تؤكد شهادة الآنسة نورما لويس الدفع بغيبة مقدم البلاغ، أي أنه كان موجودا في سيفورث، وهي قرية تبعد سبعة إلى ثمانية أميال عن كنغستون، وأنه كان موجودا هناك منذ الساعة الثامنة مساء، في حين أن عملية إطلاق النار تمت حوالي السابعة مساء. وقيل إن عدم دعوة المحامي للآنسة لويس أو رفضه القيام بذلك بصفتها شاهدة، رغم صلة دليلها بالقضية وأهميته، هو بمثابة انتهاك الفقرتين 3 (ب) و (هـ) من المادة 14.
3-8 وفيما يتعلق بانتهاك الفقرة 3 (د) من المادة 14، يدعي مقدم البلاغ أنه قبل عرض التعرف على الهوية اقتيد إلى مكتب شعبة التحقيقات الجنائية في مناسبتين على أساس إمكانية أن يكون السيد باون قد شاهده. وقيل إن محاميه لم يقم باستجواب الضابط الذي أشرف على عرض التعرف على الهوية على نحو ملائم بشأن تحركات مقدم البلاغ قبل العرض ولم يستجوب السيد باون على نحو كاف بشأن هذه النقطة. وخلص محامي الاستئناف إلى القول بأن الطريقة التي تم بها عرض التعرف على الهوية لا تتفق مع قانون قوة شرطة جامايكا لعام 1939 والتعديل المدخل عليه عام 1977.
3-9 ودُفع أيضا بأن محامي مقدم البلاغ في المحاكمة لم يستجوب ضباط التحقيق على النحو الكافي أو المتسق، بشأن ما إذا كان الاعتراف المزعوم لمقدم البلاغ قد قُدم فعلا أو أنه كان نتيجة القهر.
3-10 وأخيرا، دُفع بأن محامي المحاكمة لم يستجوب أساسا مقدم البلاغ بشأن الاعتراف المزعوم وما اكتنف ذلك من ملابسات. وإضافة إلى ذلك، قيل إن حقوق مقدم البلاغ بموجب الفقرة 3 (د) من المادة 14، قد انتهكت من جانب محاميي نظام المساعدة القانونية اللذين مثلاه في الاستئناف، إذ ادُعي بأنهما لم يناقشا القضية معه قبل الجلسة، وبالتالي لم يأخذا تعليماته. وفي هذا الإطار، أشير إلى النتائج التي توصلت إليها اللجنة في البلاغ رقم 356/1989 (تريفور كولنز ضد جامايكا) 2، والى قضية ر. ضد كلنتون، حيث أدى قرار الدفاع عدم دعوة المدعى عليه أو الشاهد إلى دحض دليل التعرف على الهوية إلى إلغاء الإدانة 2.
رسالة الدولة الطرف وتعليقات المحامي
4-1 لم تقدم الدولة الطرف، في ملاحظاتها، أي اعتراض على المقبولية وعرضت تعليقا على الجوانب الموضوعية للبلاغ، من أجل الإسراع بالنظر في القضية.
4-2 وبالنسبة إلى الادعاء بوجود انتهاك للمادة 7 من العهد، بسبب طول الوقت الذي قضي في انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام، تشير الدولة الطرف إلى أنه يجب السماح بمهلة من الوقت معقولة لاستنفاد الشخص المدان سبل الانتصاف المحلية، بما في ذلك جلسات الاستئناف إضافة إلى جلسات سماع إفادات هيئات حقوق الإنسان الدولية. ومن رأي الدولة الطرف أن الوقت الذي قضي في انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام في حين كان مقدم البلاغ يعكف على استنفاد سبل الاستئناف ليس غير معقول، وتحاج بأنه لا ينبغي اعتباره انتهاكا للمادة 7 لأنه يعطي للشخص المدان الفرصة لاستنفاد جميع سبل الانتصاف المتوافرة قبل تنفيذ الحكم بالإعدام.
4-3 وفيما يتعلق بأحوال الاحتجاز في سجن مقاطعة سانت كاترين، تؤكد الدولة الطرف أن جهودا تبذل لتحسين تلك الأحوال. وتشير إلى تقرير صادر عن لجنة البلدان الأمريكية المعنية بحقوق الإنسان عقب زيارة قامت بها إلى سجون جامايكا في كانون الأول/ديسمبر 1994.
4-4 أما فيما يتعلق بالطريقة التي أجرى بها محامي مقدم البلاغ الدفاع في المحاكمة، فتشير الدولة الطرف إلى أن جميع المسائل المتصلة بإعداد وتولي الدفاع في قضية ما تقع في حدود العلاقة بين المحامي وموكله. ولا تتدخل الدولة في إدارة الدفاع من جانب محام لصالح المتهم. فقرار دعوة شاهد أو عدم دعوته مسألة تعود إلى تقدير المحامي، والقرارات التي يتخذها المحامي حسبما يراه مناسبا لا يمكن أن تدخل ضمن مسؤولية الدولة. وبالمثل، وفيما يتعلق بالادعاء بأن مقدم البلاغ لم يكن لديه الوقت الكافي لإعداد الدفاع عن نفسه، تؤكد الدولة الطرف أنها لم تأت بأي فعل أو امتنعت عن فعل من شأنه منع مقدم البلاغ ومحاميه من إعداد القضية على النحو الكافي. لذلك فإن الدولة الطرف تنفي أن تكون قد انتهكت بأي شكل من الأشكال الفقرتين (3) (ب) و (هـ) من المادة 14.
4-5 وفيما يتعلق بادعاء مقدم البلاغ، بموجب الفقرة (3) (د) من المادة 14، أنه لم يلتق بمحاميه قبل جلسة الاستئناف، فإن الدولة الطرف تدفع بأنه لا يوجد دليل على أن المحامي سحب أية حجج أو أنه حاج بأن الاستئناف يفتقر إلى الجوهر. وحسبما تقول الدولة الطرف، فإن طريقة إدارة الاستئناف مسألة بين المحامي وموكله. وتنفي الدولة الطرف وجود انتهاك للفقرة (3) (د) من المادة 14.
5-1 وحاج محامي الاستئناف، في تعليقه على دفع الدولة الطرف، بأن قرار مجلس الملكة الخاص في قضية برات ومرغن ينطبق على مقدم البلاغ، ذلك لأن مقدم البلاغ ظل في قائمة منتظري تنفيذ حكم الإعدام أكثر من 5 سنوات.
5-2 ولاحظ محامي الاستئناف، فيما يتعلق بأحوال الاحتجاز، أن الدولة الطرف لم تطعن في وصف مقدم البلاغ لتلك الأحوال.
5-3 وفيما يتعلق بإدارة المحامي للدفاع خلال المحاكمة أو الاستئناف، دُفع بأن على الدولة الطرف أن تتحمل المسؤولية عن تصرف المحامي، نظرا إلى أنها تتيح المساعدة القانونية بأتعاب متدنية جدا إلى درجة أنه لا تتوفر للدفاع الموارد الكافية وأن المحامي الذي يقبل ملف قضية من قضايا الإعدام يخضع لضغط شديد جدا في العمل يجعله غير قادر على تمثيل موكله على النحو السليم أو الكافي.
5-4 وليس لمحامي الاستئناف اعتراض على نظر اللجنة في المقبولية وفي الجوانب الموضوعية في هذه المرحلة.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
6-1 قبل النظر في أية ادعاءات واردة في البلاغ، يتعين على لجنة حقوق الإنسان أن تقرر، وفقا للمادة 87 من قواعد إجراءاتها، إذا كان البلاغ مقبولا أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.
6-2 وقد تأكدت اللجنة، على نحو ما تقضي به الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست محل النظر في إطار أي إجراء للتحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
6-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قد تقدمت بتعليقات بشأن جوهر البلاغ وأنها لم تعترض على مقبوليته. وتعتبر اللجنة البلاغ مقبولا، وستباشر، دون أي مزيد من التأخير، النظر في جوهر الادعاءات في ضوء جميع المعلومات التي أتاحتها لها الأطراف، على نحو ما تقتضيه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.
7-1 وكان مقدم البلاغ قد ادعى أن استمرار احتجازه في انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام يشكل، في حد ذاته، وكذلك بالإضافة إلى أحوال الاحتجاز، انتهاكا للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد. وتجدد اللجنة تأكيد ما دأبت عليه من رأي في أحكام سابقة وهو أن الاحتجاز في انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام لفترة محددة – في هذه الحالة لفترة قُرابة الخمس سنوات قبل أن تخفف العقوبة – لا يشكل انتهاكا للعهد ما لم تكن هناك ملابسات قاهرة أخرى.
7-2 ويزعم السيد كامبال أيضا أنه يحتجز في أحوال سيئة وغير صحية تماما في انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام فيه. فثمة نقص في المرافق الصحية، وفي الإنارة وفي التهوية والفراش. وهو محتجز في زنزانته طوال 22 ساعة في اليوم، وزنزانته مرتع للفئران والصراصير، وهو معزول عن الآخرين. وادعى مقدم البلاغ، علاوة على ذلك، أنه يتعرض إلى تهديد حراس السجن وأن الدولة الطرف لم تتخذ أية تدابير لحمايته. ولم تفند الدولة الطرف ادعاءات مقدم البلاغ. وترى اللجنة أن أحوال الاحتجاز التي وصفها مقدم البلاغ ومحاميه تمثل انتهاكا لحق السيد كمبال في أن يعامل معاملة إنسانية وفي احترام للكرامة الأصيلة في شخصه، وبالتالي فهي تتعارض مع الفقرة 1 من المادة 10.
7-3 وادعى مقدم البلاغ أن النوعية السيئة للدفاع عنه التي قدمها محاميه في المحاكمة أسفرت عن حرمانه من محاكمة عادلة. وأشار بصفة خاصة إلى ما ادعي من عدم قيام المحامي بمقابلة صديقة مقدم البلاغ، وما ادعي من عدم قيامه باستجواب شهود الإثبات على النحو الملائم فيما يتصل بإدارة عرض التعرف على الهوية وبالبيان الشفوي المزعوم لمقدم البلاغ. وتذكر اللجنة باجتهاداتها السابقة التي تفيد بأنه لا يمكن للدولة الطرف أن تتحمل مسؤولية الأخطاء التي يدعى بأن محامي الدفاع قد ارتكبها، ما لم يكن واضحا للقاضي أو وجب أن يكون كذلك أن سلوك المحامي لا يتماشى مع مصالح العدالة. وليس في الوثائق المعروضة قيد نظر اللجنة ما يفيد ذلك في القضية الحالية وبالتالي، لا يوجد أساس للوصول إلى أن انتهاكا للفقرات 3 (ب) و (د) و (هـ) من المادة 14 في هذا الصدد قد وقع.
7-4 وفيما يتعلق بادعاء المحامي أن مقدم البلاغ لم يكن ممثلا تمثيلا فعالا في الاستئناف، تلاحظ اللجنة أن ممثلي مقدم البلاغ القانونيين هم الذين قدموا حجج طلب الاستئناف. وتذكر اللجنة باجتهاداتها السابقة التي تفيد بأنه بموجب الفقرة 3 (د) من المادة 14، ينبغي للمحكمة أن تكفل عدم تعارض إدارة محام للدفاع في قضية مع مصالح العدالة. وفي القضية الحالية، ليس ثمة ما يبين في إدارة ممثلي مقدم البلاغ لمرحلة الاستئناف أنهم كانوا يأخذون بخلاف ما يمليه عليهم تقديرهم المهني لمصلحة موكلهم. وبناء على ذلك تخلص اللجنة إلى أن المعلومات قيد نظرها لا تظهر أي انتهاك للفقرة 3 (د) من المادة 14، فيما يتعلق باستئناف مقدم البلاغ.
8 - واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، من رأيها أن الحقائق المعروضة عليها تكشف انتهاكا للفقرة 1 من المادة 10، من العهد.
9 - والدولة الطرف ملزمة وفقا للفقرة 3 (أ) من المادة 2، من العهد بأن توفر لبرنغتون كمبال سبيلا فعالا للانتصاف بما في ذلك دفع تعويضات. والدولة الطرف عليها التزام بضمان عدم حدوث انتهاك مماثل في المستقبل.
10 - وإذ تأخذ اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بكونها قد أصبحت طرفا في البروتوكول الاختياري، تكون قد اعترفت باختصاص اللجنة بالبت في وجود أو عدم وجود انتهاك للعهد. وعرضت هذه القضية على نظر اللجنة قبل أن يصبح تنصل جامايكا من التطبيق للبروتوكول الإضافي ساري المفعول في 23 كانون الثاني/يناير 1998؛ ووفقا للمادة 12 (2) من البروتوكول الإضافي فإنها تخضع لاستمرار تنفيذ البروتوكول الإضافي. كما تكون الدولة الطرف، عملا بالمادة 2 منه، قد تعهدت بكفالة الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها بتوفير سبيل انتصاف فعال وقابل للتنفيذ في حالة ثبوت أي انتهاك. وتود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوما، معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آراء اللجنة. والدولة الطرف مطالبة أيضا بنشر آراء اللجنة.
[اعتمدت الآراء باللغات الاسبانية والانكليزية والفرنسية، على أن يكون النص الانكليزي هو النص الأصلي. وصدرت أيضا فيما بعد باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]
_________________________
- وثيقة الأمم المتحدة A/54/40 المجلد الثاني، القسم ياء.
* شارك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد برافو لاتشندرا ن. بغواتي، والسيد توماس بويرغنتال، والسيدة كريستين شانيه، واللورد كولفيل، والسيد عمران الشافعي، والسيدة إليزابيث إيفات، والسيد إيكارت كلين، والسيد ديفيد كريتزمر، والسيدة سيسيليا ميدينا كيروغا، والسيد خوليو برادو فاييخو، والسيد مارتن شلينين، والسيد رومان فييروسزفسكي، والسيد ماكسويل يالدن.
1- استئناف مجلس الملكة الخاص رقم 10 لعام 1993، صدر الحكم في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1993.
2- الآراء المعتمدة في 25 آذار/مارس 1993، في الدورة السابعة والأربعين للجنة؛ الفقرة 8-2.
3- (1993) 2 ALL ER..