البلاغ رقم 610/1995، هنري ضد جامايكا

اعتمدت الآراء في 20 تشرين الأول/أكتوبر 1998، الدورة الرابعة والستون*

مقدم من: نيكولاس هنري
(يمثله السيد س. ليهرفروند من شركة سيمونس ومويرهيد وبيرتون للمحاماة)
الضحية: مقدم البلاغ
الدولة الطرف: جامايكا
تاريخ البلاغ: 14 تشرين الثاني/نوفمبر 1994 (تاريخ الرسالة الأولى)
تاريخ اتخاذ قرار بشأن المقبولية: 20 تشرين الأول/أكتوبر 1998

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،
وقد اجتمعت في 22 آذار/مارس 1994،
وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 610/1995، المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من نيكولاس هنري بموجب البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،
وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية المتاحة لها من مقدم البلاغ ومحاميه والدولة الطرف،
تعتمد ما يلي:
آراء اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري
1-1 مقدم البلاغ هو المواطن الجامايكي السيد نيكولاس هنري، وكان يوجد عند تقديم بلاغه في سجن مقاطعة سانتا كاثرين في انتظار تنفيذ حكم الإعدام الصادر في حقه. يدعي أنه ضحية انتهاك جامايكا للمواد 6 و 7 و 10 و 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله السيد ساول ليهفروند المحامي في مكتب سيمونس موير هيدوبيرتون للمحاماة في لندن.
1-2 وقد صنفت الجريمة المنسوبة إليه ضمن الجرائم التي لا يعاقب عليها بالإعدام عملا بقانون عام 1992 (المعدل) للجرائم ضد الأشخاص. ويتعين على مقدم البلاغ أن يقضي 20 عاما في السجن قبل أن يصبح من حقه أن يطلب الإفراج عنه بعفو مشروط.

الوقائع كما أوردها مقدم البلاغ
2-1 في 2 آذار/مارس 1998 أجرت شعبة المحكمة الدورية بمحكمة قضايا الأسلحة النارية محاكمة لمقدم البلاغ ومتهم آخر معه في نفس القضية وحكمت عليه بالإعدام بعد إدانته بقتل ثلاثة من أفراد الشرطة. ورفضت محكمة الاستئناف في 2 آذار/مارس 1989 طلبه الإذن باستئناف الحكم. وفي 10 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 رفضت اللجنة القضائية لمجلس الملكة الخاص طلب استئناف الحكم على أساس استثائي. وكانت الحجة المدفوع بها أن جميع وسائل الانتصاف قد استنفدت. بيد أن رده على هذا الزعم أن وسيلة الانتصاف الدستورية الموجودة نظريا ليست متوافرة له في الواقع لافتقاره للمال اللازم وعدم حصوله على مساعدة قانونية. وقد وردت الإشارة إلى اجتهادات اللجنة في هذا الشأن.
2-2 وأثناء المحاكمة، التي جرت في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1986 ورد في حيثيات الادعاء أن عددا من المسلحين هاجموا مركز الشرطة الأولمبي وقتلوا ثلاثة من أفراده الخمسة الذين كانوا موجودين هناك. واتهم مقدم البلاغ بالضلوع في جريمة الاغتيال بوصفه ساعد أفراد المجموعة على إعداد القنابل الحارقة وكذب على مفتش شرطة بشأن نواياهم وعلمه منهم باعتزامهم مهاجمة المركز وإيوائه لهم في محل سكناه ثم مساعدته لهم بعد الحادثة حيث أخفى كميات كبيرة من الأسلحة. وكانت أدلة الإثبات التي اعتمد عليها في توجيه التهمة إليه تتمثل في الأقوال التي أدلى بها إلى الشرطة بعد احتجازه وشهادة ضابط شرطة كان تحدث معه عشية الواقعة. وقد أذن القاضي بإدراج أقواله ضمن الأدلة بعد استجواب أولي.
2-3 وقال الدفاع إن مقدم البلاغ قال ما قاله بالإكراه. فقد ذكر في أقوال أخذت منه في سجنه ولم يدل بها تحت القسم، أنه ساعد أفراد المجموعة اتقاء لشرهم ولم يكن حاضرا عندما هاجموا مركز الشرطة ووقع على أقواله لأنه قيل له إنه لا ضرر من ذلك.
الشكوى
3-1 يقول مقدم البلاغ إنه ضحية انتهاك المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد لأنه ضرب وأسيئت معاملته على أيدي الشرطة بعد أن ألقي عليه القبض في محل سكناه يوم 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1986. وقد ادعى خاصة أنه أرغم على أن يأكل لقما ساخنة من إناء الطهي مما سبب له حروقا ونزيفا في فمه. وهو يؤكد أنه وقع على الأقوال التي أدلى بها في مركز الشرطة أملا في أن يتلقى العلاج في المقابل. بيد أنه لم يتلق أي علاج باستثناء إسعافه بقطع من الثلج وظل على حد زعمه غير قادر على الأكل طوال عدة أشهر وما زال حتى الآن عاجزا عن تناول الطعام وتحمل أي طعام ساخن، كما أنه لا يزال يشكو آلاما في رقبته من آثار الضرب الذي تعرض له.
3-2 ويقول مقدم البلاغ أيضا أن لديه مشكلة طبية في خصيتيه تلازمه منذ عام 1998. ولقد رفض المسؤولون عن السجن السماح بنقله إلى المستشفى للتداوي بالرغم من الطلبات التي قدمها. وفي بداية عام 1992، عاده طبيب وأشار بضرورة أن تجرى له عملية جراحية وحدد شهر نيسان/أبريل 1992 موعدا تقريبيا لإجراء العملية. وبالرغم من هذا، ومن الطلبات المتعددة التي قدمها وقدمها ممثلوه (ترد طيه نسخ من المراسلات) لم يؤخذ قط إلى المستشفى ولم يتلق إلى الآن أي علاج. ويعتبر انعدام المعالجة الطبية انتهاكا للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد. وأشير في هذا الصدد إلى قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء ومجموعة الأمم المتحدة لمبادئ حماية جميع الأشخاص الخاضعين لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن.
3-3 وزُعم أيضا أن الرجل تعرض لسوء المعاملة في 4 أيار/مايو 1993. فلقد أجرى يومئذ السجانون والجنود تفتيشا تعرض خلاله للاعتداء على خصيتيه من جانب أحد الجنود بجهاز لكشف المعادن. وقد اشتكى للمسؤولين عن السجن وأخذ المجلس الجامايكي لحقوق الإنسان منه أقواله. وطلب محاميه المقيم في لندن في 3 أيلول/سبتمبر 1993 من أمين المظالم في البرلمان أن يحقق على وجه السرعة في مزاعم تعرض موكله لسوء المعاملة. وقد أوفد أمين المظالم شخصا إلى السجن لاستقصاء الأمر وقدم تقريرا في هذا الشأن إلى مدير السجن الذي وعد بأن يرتب لعلاجه، بيد أن هذا الوعد لم ينفذ قط.
3-4 ومن الحجج المدفوع بها أن مقدم البلاغ بذل كل ما بوسعه من جهود معقولة للانتصاف من المعاملة السيئة التي تعرض لها في السجن وأنه نظرا لافتقاره. إلى الأموال اللازمة ولانعدام المساعدة القانونية تصبح وسيلة الانتصاف الدستورية غير متاحة مما يجعله يستوفي الشروط المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وقد ورد في هذا السياق أن صاحب البلاغ، لم ينفك يتعرض للتهديد منذ أن اشتكى من سوء المعاملة، وأنه يخشى الانتقام.
3-5 ويقول مقدم البلاغ أيضا إنه منذ أن أدين في آذار/مارس 1998 أي قبل ما يزيد على ستة أعوام وهو محتجز في جناح المحكوم عليهم بالإعدام. ويصف “عذاب الانتظار المقلق” الناتج عن طول مدة الانتظار وشبح الإعدام بأنه ضرب من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة. وهو يشير في هذا السياق إلى الحكم الذي أصدره مجلس الملكة الخاص في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 في قضية برات ومورغان.
3-6 ويقول مقدم البلاغ أيضا أنه ضحية انتهاك الفقرتين 1 و 2 من المادة 14 من العهد. ويستشهد بالاجتهادات التي سبق أن انتهت إليها اللجنة في حالات سابقة ويدفع بحجة مفادها أن القاضية بنت قناعتها في عرضها للقضية على اعتبارات لا تستوفي شروط الحياد مما يعني أنه حرم في الواقع من محاكمة عادلة. ويقول إن اللهجة التي استخدمتها القاضية عندما خاطبت هيئة المحلفين كانت عاطفية 1 مما أثار فيهم مشاعر التعاطف مع الضحايا والتحيز ضد المتهم وهو ما يضعف دعوتها لهم بملازمة الحياد وينسف ما قدمت لهم من توجيهات بشأن عبء الإثبات ومعياره.
3-7 ويدعي صاحب الشأن أيضا أن المحامي الذي عين للدفاع عنه على سبيل المساعدة القانونية لم يدافع عنه على النحو الواجب. ويقول في هذا السياق أن الشرطة أرسلت ولدا صغيرا لاستخراج أسلحة من قبو منزل مجاور لمنزله، ولم يعثر على أي أسلحة في فناء منزله، ويقول إنه طلب من محاميه أن يأخذ من الولد أقواله ولكنه لم يفعل. كما أن المحامي لم يستخدم الأقوال التي أخذتها الشرطة من أمه وزوجته المتزوج بها زواجا عرفيا. ويقول صاحب البلاغ إن الفقرة 3 (د) من المادة 14 تجيز للمتهم أن يتلقى مساعدة قانونية فعالة. ويضيف في هذا السياق قائلا إن الدعوة لم توجه لأي من الشهود المؤيدين له لسماع أقوالهم. ولذا، فهو يرى أن محاميه لم يتصرف بهمة ولم يمثله على نحو فعال خلافا لما تنص عليه الفقرة 3 (د) من المادة 14.
3-8 ويقول مقدم البلاغ أيضا إن محاميا آخر مثله في الجلسات التمهيدية وأنه لم يكن قد التقى بالمحامي الذي مثله في المحاكمة إلا في اليوم الأول من المحاكمة. وبناء على طلب من الدفاع، أجلت القاضية المحاكمة إلى اليوم التالي. ثم زاره المحامي في سجنه قبل يوم المحاكمة بليلة. ويقول مقدم البلاغ إن يوما واحدا فقط ليس كافيا البتة لإعداد الدفاع في قضية قتل يصدر فيها الحكم بالإعدام ويمثل انتهاكا للفقرة 3 (ب) من المادة 14. والحجة المدفوع بها هنا أن المحامي كان سيمكنه، لو أتيح له وقت أطول، أن يدعو الشهود المؤيدين لأقوال مقدم البلاغ أو أن يأخذ منهم أقوالهم.
ملاحظات الدولة الطرف وتعليقات مقدم البلاغ
4-1 أوردت الدولة الطرف ملاحظاتها على الجوانب الموضوعية للبلاغ في مذكرة مؤرخة 15 آذار/مارس 1995 بهدف تعجيل النظر فيها.
4-2 فيما يتعلق بمزاعم مقدم البلاغ التي يقول فيها إنه حرم من العلاج وتعرض لسوء المعاملة داخل السجن في يوم 4 أيار/مايو 1993، تتعهد الدولة الطرف بأن تحقق في الأمر وبأن تبلغ اللجنة بنتائج تحقيقاتها.
4-3 وفيما يتعلق بزعمه أنه ضحية انتهاك المادتين 14 (1) و 14 (2) بسبب الطريقة التي اتبعتها القاضية في عرضها للقضية، ترى الدولة الطرف أن هذه المسألة ليست من اختصاص اللجنة وتشير إلى اجتهادات اللجنة في حالات سابقة مماثلة لهذه الحالة. وتشير الدولة الطرف هنا إلى أن محاكم الاستئناف سبق وأن نظرت في عرض القاضية للقضية.
4-4 وترفض الدولة الطرف الزعم القائل إنها مسؤولة عن انتهاك الفقرتين (ب) و (د) من المادة 14 (3). ففيما يتعلق بالزعم المتصل بضيق المهلة التي أتيحت لإعداد الدفاع، تلاحظ الدولة الطرف أن المحامي طلب تأجيل المحاكمة وحصل على ذلك. ولو أنه كان طلب إمهاله فترة أطول، لحصل على ذلك أيضا. وفيما يتعلق بالطريقة التي اتبعها محامي الدفاع، تقول الدولة الطرف أن من واجبها أن تقوم من باب تقديم المساعدة القانونية بتعيين محامين أكفاء ولكنها لا تتدخل في طريقة أدائهم لعملهم حيث أنها ليست مسؤولة عن أدائهم أو عن الأخطاء التي قد يقعون أو لا يقعون فيها في تقدير الأمور.
5-1 وفي تعليق المحامي على هذه الملاحظات، قال إنه يوافق على أن ينظر في الوقائع الموضوعية الواردة في البلاغ.
5-2 ففيما يتعلق بعرض القاضية للقضية، يقول الحامي إن من الواضح أن التوجيهات التي قدمتها كانت تعسفية أو أدت إلى حرمان المتهم أن يحاكم محاكمة عادلة أو أنها دليل على أن القاضية أخلت بواجب الحياد، ويمكن عرض هذه المسألة على اللجنة لتقول كلمتها فيها 2 ويدفع المحامي بأن العرض الذي وصفت فيه القاضية هذه القضية لا يستوفي شروط الحياد ويمثل حرمانا من الحق في محاكمة عادلة.
5-3 وفيما يتعلق بسير المحاكمة، يقر المحامي بأنه لا يمكن تحميل الدولة مسؤولية الأخطاء التي يقع فيها المحامون الذين يختارهم المتهمون للدفاع عنهم لقاء أتعاب، ولكن الأمر يختلف عندما يعين محام للدفاع عن متهم في إطار تقديم مساعدة قانونية له إذ يتعين على المحامي في هذه الحالة أن يدافع عنه بفعالية.
5-4 ويدفع المحامي بحجة أخرى يشير فيها إلى حادثة وقعت في السجن يوم 28 شباط/فبراير 1995 بعد أن احتج السجناء على اعتزام المسؤولين تخفيض عدد الزيارات المسموح بها حيث يقول إنه في اليوم التالي في 1 آذار/مارس 1995، جاء السجانون إلى جناح المحكوم عليهم بالإعدام وانهالوا عليهم ضربا وطُلب من مقدم البلاغ أن يخرج من زنزانته وضربوه وألقوا به أيضا على السلم مما أحدث له كدمتين في رأسه وأخرى في مرفقه. وأصيب بجراح مزقت أذنيه وتركته يشعر بطنين داخلهما. وأصيب في يديه وبانتفاخ في أصابعه. وظهر أثر الدم في البول وكان أحد أضلاعه يؤلمه حتى أنه لم يعد يتحمل لمسه. ويقول صاحب البلاغ أنه تم تضميد جراحه في وحدة الإسعاف الطبي وأعطيت له مسكنات للألم لم يستعملها. وقال إنه ظل يشعر بعدها بآلام مبرحة وإن مدير السجن لم يأذن بأخذه إلى المستشفى إلا بعد أن دخل مع مجموعة من السجناء في إضراب عن الطعام. بيد أنه لم يؤخذ إلى المستشفى وعاده بدلا من ذلك طبيب في سجنه قال له إن أضلاعه لم تكن مكسورة ولكن رئته لحقها الضرر. ووصف الطبيب له دواء ولكن السجانين عمدوا على حد زعمه بعد ثلاثة أيام إلى إعطائه حبات غير التي أمر بها الطبيب، فامتنع عن استعمالها. ويدفع مقدم البلاغ بأن سوء معاملته ثم حرمانه من الرعاية الطبية ينتهكان المادتين 7 و 10 من العهد.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
6-1 قبل أن تشرع اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ من البلاغات، يجب عليها أن تقرر عملا بالمادة 87 من نظامها الداخلي ما إن كانت تلك الادعاءات مقبولة بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.
6-2 وطبقا لما تنص عليه الفقرة 2 (1) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، تأكدت اللجنة من أن المسألة قيد الظر ليسب مطروحة في نفس الوقت للنظر فيها في سياق إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسويات الدولية.
6-3 وفيما يتعلق بادعاء مقدم البلاغ المتصل بالعرض الذي قدم به قاضيه الموضوع القضية، تشير اللجنة إلى اجهتاداتها السابقة وتؤكد أنها عموما ليست الجهة التي لها أن تتأكد من سلامة توجيهات القاضية إلى هيئة المحلفين وإنما الأمر من اختصاص محاكم الاستئناف إلا إذا ما ثبت أن تلك التوجيهات كانت خالية من الموضوعية بما لا يدع مجالا للشك، أو أنها تحرم المتهم من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة. وليس ثمة في المواد المعروضة على اللجنة ما يثبت أن عرض القاضية قد تضمن مثل تلك المخالفات. وعليه، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول لأنه لا تنطبق عليه أحكام العهد عملا بالمادة 3 من البروتوكول الاختياري.
6-4 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف أرسلت تعليقاتها على الوقائع الموضوعية الواردة في البلاغ وأن المحامي وافق حتى الآن على أن ينظر في الوقائع الموضوعية وتعتبر اللجنة أن بقية الادعاءات مقبولة وتشرع دون مزيد من الإبطاء في النظر في مضمونها في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها الطرفان وفقا للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.
7-1 وفيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد الناشئة عن تعرض مقدم البلاغ لسوء المعاملة على يد الشرطة عند إلقاء القبض عليه، تلاحظ اللجنة أن المسألة أثيرت في الاستجواب الأولي وأنها أثيرت أمام هيئة المحلفين أثناء المحاكمة ورفضت الهيئة ادعاءات مقدم البلاغ وأن هذه المسألة لم تثر من جديد أمام محاكم الاستئناف. وترى اللجنة أن ليس ثمة في المواد المطروحة ما يدل على وجود انتهاك للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد.
7-2 وقد ادعى مقدم البلاغ أن احتجازه في جناح المحكوم عليهم بالإعدام ينتهك في حد ذاته المادة 7 من العهد. وتذكر اللجنة هنا باجتهادها الثابت الذي تعتبر فيه أن احتجاز متهم في هذا الجناح لفترة محددة – مدتها أكثر من 7 سنوات في هذه القضية - ليس انتهاكا للعهد ما لم تكن هناك ظروف قاهرة أخرى( ) .
7-3 ويدعي السيد هنري أيضا أنه عانى من عدم تلقي الرعاية الطبية بالرغم من أن الطبيب أوصى بأن تجرى له عملية جراحية، كما أنه أكد أيضا أنه تعرض للضرب على أيدي الجنود والسجانين مرتين واحدة في 4 أيار/مايو 1993 وأخرى في ‏1‏ ‏آذار‏/مارس 1995، ولم تدحض الدولة الطرف هذين الادعاءين ووعدت بفتح تحقيق في الأمر، غير أنها لم تواف حتى الآن اللجنة بنتائج هذا التحقيق بالرغم من مرور أكثر من ثلاث سنوات. وتشير اللجنة إلى أن البروتوكول الاختياري يقضي بأن الدولة الطرف يقع عليها واجب التحقيق جديا في أي انتهاكات مزعومة تخالف العهد. وإذا لم تعط الدولة الطرف أي إيضاحات، تصبح هذه الادعاءات أكثر مصداقية. وترى اللجنة أن عدم تقديم الرعاية الطبية يشكل انتهاكا للمادة 10 من العهد وأن تعرضه للضرب يمثل انتهاكا للمادة 7 منه.
7-4 وادعى مقدم البلاغ أيضا أن أداء الدفاع حرمه من أن يحاكم محاكمة عادلة وأشير بخاصة في هذا الصدد إلى أن المحامي لم يدع شهود الدفاع. وتشير اللجنة هنا إلى اجتهادها الذي ترى فيه أن المسؤولية تنتفي عن الدولة الطرف فيما يتعلق بأي أخطاء يزعم أن المحامي وقع فيها إلا إذا كان واضحا أو كان ينبغي أن يكون واضحا للقاضية أن سلوك المحامي لا يخدم العدالة. وليس ثمة في المواد المعروضة على اللجنة ما يدل على أن هذا الأمر ينطبق على القضية الراهنة. وليس ثمة بالتالي أي أساس للقول بوجود انتهاك للفقرة 3 (د) و (5) من المادة 14.
7-5 ويدعي مقدم البلاغ أيضا أنه لم يمهل الوقت الكافي لإعداد دفاعه إذ لم يلتق بمحاميه إلا في اليوم الأول للمحاكمة. وتذكر اللجنة هنا برأيها الذي تشير فيه إلى أهمية أن يمهل المتهم متسعا من الوقت لإعداد دفاعه وأن يعطى التسهيلات اللازمة التي يقتضيها مبدأ “المساواة في الإمكانات المتاحة”. وينبغي إمهال المتهم ومحاميه مهلة كافية كلما كان هناك احتمال لأن يحكم على المتهم بعقوبة الإعدام وينبغي أن نترك مسألة تحديد طول المهلة للتقدير بحسب كل حالة. وتلاحظ اللجنة أن المحامي طلب إمهاله يوما واحدا وأن القاضية وافقت على طلبه. وليس ثمة في المواد المعروضة على اللجنة ما يدل على أن المحامي أو موكله اشتكى من ضيق المهلة. فلقد كان يتعين عليهما تأجيل المحاكمة إذا رأى أي منهما أن المهلة لم تكن كافية. وليس ثمة أي أساس، في الظروف قيد النظر، للقول بوجود انتهاك للفقرة 3 (ب) من المادة 14.
8 - وإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الحقائق المعروضة عليها تنطوي على انتهاكات للمادتين 7 و 10 من العهد.
9 - والدولة الطرف ملزمة بموجب الفقرة 3 (أ) من المادة 2 من العهد بأن توفر للسيد نيكولاس هنري وسيلة فعالة لإنصافه تشمل عرضه فورا على طبيب لفحصه ومعالجته إذا لزم الأمر وتقديم تعويضات له لجبر الضرر والنظر في إخلاء سبيله قبل انقضاء مدة عقوبته. والدولة الطرف ملزمة أيضا بأن تتخذ التدابير اللازمة لعدم تكرار مثل هذه الحالات.
10 - ولما كانت جامايكا قد أصبحت دولة طرفا في البروتوكول الاختياري، فقد اعترفت باختصاص اللجنة في البت فيما إذا كان هناك انتهاك لأحكام العهد أو لا يوجد انتهاك. وقد عرضت هذه القضية للنظر فيها قبل أن يصبح انسحاب جامايكا من البروتوكول الاختياري ساري المفعول في 23 كانون الثاني/يناير 1998، وكان البروتوكول لا يزال حتى ذلك الحين ينطبق عليها بموجب المادة 12 (2) منه. وعملا بالمادة 2 من العهد، تعهدت الدولة بأن تكفل لجميع الأشخاص الموجودين على أراضيها أو الخاضعين لولايتها القضائية، الحقوق المكفولة لهم بموجب العهد، وبأن تضمن لهم كلما ثبت انتهاكها وسيلة انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ. وتود اللجنة أن توافيها الدولة الطرف في غضون 90 يوما بالمعلومات اللازمة بشأن ما اتخذته من تدابير لإعمال آراء اللجنة. كما يطلب من الدولة الطرف نشر آراء اللجنة.
[اعتمدت الآراء باللغات الاسبانية والانكليزية والفرنسية، على أن يكون النص الانكليزي هو النص الأصلي، وصدرت أيضا فيما بعد باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]
_________________________
- وثيقة الأمم المتحدة A/54/40 المجلد الثاني، القسم واو.
* شارك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد برافولشندرا ن. بهاغواتي والسيد توماس بورغنتال والسيدة كريستين شانيه واللورد كولفيل والسيد عمران الشافعي والسيدة اليزابيث إيفات والسيدة بيلارغيتان ده بومبو والسيد إيكارت كلاين والسيد دفيد كريتزمير والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا والسيد خوليو برادو فاليخو والسيد مارتن شاينن والسيد رومان ويروسزكوي والسيد ماكسويل يالدن والسيد عبد الله زاخية.
1- ترد إشارة إلى جملة من المقاطع من بينها المقطع التالي: “الموت يظل دوما أمرا محزنا جدا، ولكنني أعتقد أن ما هو أسوأ أن يموت المرء في ظروف كهذه. وأعتقد أن ليس من بينكم من يستطيع أن يزعم بكل أمانة أنه لم يكن على علم من قبل بهذه الحادثة المروعة فعلا غير المسبوقة في بلدنا والتي لم تثر اهتمام وسائط الإعلام المحلية فقط، بل ووسائط الإعلام في الخارج، وهذه حادثة ليس ثمة في جامايكا من لم يقشعر بدنه وهو يتصور أن من أقدم على هذا الصنيع الخسيس هم ناس من أهلنا. والآن وقد مرت الأيام على الحادثة وخمد غضبكم، أناشدكم ألا تنقادوا لغضبكم وأن تغالبوا مشاعر استنكاركم وأنتم تتعاملون مع هذه القضية”.
2- البلاغ رقم 237/1987، (دينروي غوردن ضد جامايكا)، الآراء التي اعتمدت في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1992، والبلاغ رقم 232/1987، (دانيال ضد ترينيداد وتوباغو)، الآراء التي اعتمدت في تموز/يوليه 1990.