المقررات التي اتخذتها لجنة القضاء على التمييز العنصـري بمقتضى المادة 14 من الاتفاقية


فتوى بشأن البلاغ رقم 17/1999


مقدم من: ب. ج. (يمثله محام)
الشخص المدعى بأنه ضحية: صاحب البلاغ
الدولة الطرف المعنية: الدانمرك
تاريخ البلاغ: 13 تموز/يوليه 1999 (تقديم أولي)

إن لجنة القضاء على التمييز العنصري، المنشأة بموجب المادة 8 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري،
وقد اجتمعت في 17 آذار/مارس 2000،
وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 17/1999، المقدم إلى اللجنة بموجب المادة 14 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري،
وقد أخذت في الاعتبار جميع المعلومات الكتابية التي أتاحها لها كل من صاحب البلاغ والدولة الطرف،
وإذ تضع في الاعتبار المادة 95 من نظامها الداخلي التي تقتضي منها إبداء فتواها في البلاغ المعروض عليها،
تعتمد ما يلي:

الفتوى
1-1 صاحب البلاغ هو السيد ب.ج.، وهو مهندس دانمركي من أصل إيراني مولود في عام 1965، ويدّعي أنه ضحية انتهاكات الدانمرك للفقرة الفرعية 1(أ) و(ب) و(د) من المادة 2، والمادة 5(و)، والمادة 6 من الاتفاقية. ويمثله محام.
1-2 وعملاً بالفقرة 6(أ) من المادة 14 من الاتفاقية، أحالت اللجنة البلاغ إلى الدولة الطرف في 27 آب/أغسطس 1999.
الوقائع كما قدمها صاحب البلاغ
2-1 يعيش صاحب البلاغ في الدانمرك منذ عام 1984 ويحمل الجنسية الدانمركية. وفي 1 شباط/فبراير 1997، ذهب إلى مرقص في أودنسي مع شقيقه ومجموعة من الأصدقاء. وكان إثنان منهم من أصل دانمركي بخلاف الأربعة الآخرين. ورفض بواب المرقص، السيد م.ر.س.، السماح لهم بالدخول. وعندما سأله صاحب البلاغ عن السبب، أجاب السيد م.ر.س. أنه بسبب كونهم "أجانب".
2-2 وفي 2 شباط/فبراير 1997، أبلغ صاحب البلاغ الشرطة بالمسألة، مشتكياً من التمييز العنصري. ولم يكن مساعد الشرطة المتواجد في الخدمة على استعداد لقبول الشكوى وأبلغ صاحب البلاغ بأن سياسة الدخول مسألة تعود تماماً إلى أصحاب المرقص.
2-3 وفي 3 شباط/فبراير 1997، قدم صاحب البلاغ شكوى خطية رفضتها الشرطة. ثم استأنف أمام المدعي العام للدولة الذي قرر بدء تحقيق. وفي وقت لاحق، رفع النائب العام القضية إلى محكمة مقاطعة أودنسي. وحكمت المحكمة، في قرار صادر في 20 آذار/مارس 1998، بفرض غرامة على السيد م.ر.س. قدرها 000 1 كرونة دانمركية لانتهاك الفقرة الفرعية 2 من المادة 1 من القانون الموحد رقم 626 المؤرخ 29 أيلول/سبتمبر 1987 بشأن التمييز العنصري.
2-4 وطلب صاحب البلاغ أيضاً من النائب العام أن يقدم مطالبة بالتعويض وفقاً للمادة 26 من قانون المسؤولية المدنية. وقررت المحكمة في هذا الصدد أن الانتهاك الذي تعرض له صاحب البلاغ لم يبلغ من الخطورة أو الطابع المهين ما يبرر منح تعويض مالي. وعليه، رُفضت المطالبة.
2-5 ولم يتلق صاحب البلاغ نسخة عن حكم المحكمة إلا بعد انتهاء الفترة الزمنية المحددة لرفع استئناف أمام المحكمة العالية. وبمساعدة المركز الوثائقي والاستشاري المعني بالتمييز العنصري، حصل على إذن خاص من المحكمة العالية للدائرة الشرقية برفع القضية أمامها. غير أن المحكمة العالية لم تجد أي أساس للمطالبة بتعويض. ووفقاً لحكم المحكمة، أبلغ البواب صاحب البلاغ وأصدقاءه بأنهم لا يستطيعون الدخول إلى المرقص لأنه، بموجب قواعد المرقص، كان هناك أكثر من 10 أجانب في الداخل. وقُدمت هذه المعلومات في بداية الأمر إلى شقيق صاحب البلاغ ومن ثم إلى صاحب البلاغ نفسه بأسلوب مؤدب. وفي ظل هذه الظروف، استنتجت المحكمة العالية أن انتهاك البواب لشرف صاحب البلاغ لم يبلغ من الخطورة ودرجة الإهانة ما يبرر منح تعويض بموجب المادة 26 من قانون المسؤولية المدنية. وأشارت المحكمة إلى أن غرامة قد فُرضت على البواب لرفضه دخول صاحب البلاغ، وإلى أنه قد أجرى بالتالي التحقق اللازم وأُدين الفعل، وأن صاحب البلاغ قد حصل على ترضية كافية.
2-6 ولا يجوز عادة استئناف الأحكام الصادرة عن المحكمة العالية في قضايا الاستئناف أمام المحكمة العليا. غير أنه يجوز لهيئة الإذن بالاستئناف (Procesbevillingsnaevn) أن تمنح إذناً خاصاً إذا كانت القضية تتعلق بمسائل مبدئية. وفي 4 آذار/مارس 1999، قدم محامي صاحب البلاغ طلباً لهيئة الإذن بالاستئناف من أجل الحصول على هذا الإذن، بحجة أنه لم تتاح للمحاكم الدانمركية أبداً إمكانية تفسير المادة 26 من قانون المسؤولية المدنية على ضوء المادة 6 من الاتفاقية. غير أن هذا الطلب رُفض بموجب رسالة مؤرخة 11 أيار/مايو 1999، ولم يُعرض على المحكمة العليا. ولا توجد أي سبل انتصاف أخرى متاحة بموجب القانون الدانمركي.
الشكوى
3-1 وفقاً للمحامي، لا شك في أن منع صاحب البلاغ من دخول المرقص كان عملاً من أعمال التمييز العنصري. وتنص المادة 6 من الاتفاقية على ضرورة منح ترضية وتعويض فعالين عن أي ضرر يتم تكبده نتيجة التمييز. غير أن الغرامة الرمزية بصورة بحتة التي فرضتها محكمة أودنسي لا توفر ترضية أو تعويض فعالين بموجب ذلك الحكم. وعلاوة على ذلك، وبموجب المادة 26 من القانون الدانمركي للمسؤولية المدنية، يجوز منح تعويض عن الإهانة. وبرفض المحاكم الدانمركية مثل هذا التعويض، فإنها لم تطبق القانون الدانمركي.
3-2 ويدّعي المحامي أيضاً أن المحاكم الدانمركية، برفضها حق صاحب البلاغ في التعويض، لم تمتثل لالتزاماتها بموجب الفقرة الفرعية 1(أ) و(ب) و(د) من المادة 2 من الاتفاقية. ويدّعي أخيراً أن الدولة الطرف، بسماحها للمرقص أن يرفض دخول صاحب البلاغ لأسباب عنصرية، لم تمتثل لالتزاماتها بموجب المادة 5(و) من الاتفاقية.
تعليقات الدولة الطرف
4-1 في رسالة مؤرخة 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، تعترف الدولة الطرف بتلبية شروط مقبولية البلاغ. غير أنها تدعي عدم وقوع أي انتهاك للاتفاقية، وأنه من الواضح أن البلاغ لا يقوم على أساس سليم.
4-2 وتشير الدولة الطرف إلى أنه بموجب لائحة الاتهام الصادرة في 3 حزيران/يونيه 1997، وجه مدير شرطة أودنسي إلى البواب المعني تهمة انتهاك المادة 1(2) من قانون منع التمييز على أساس العرق (القانون الموحد رقم 626 المؤرخ 29 أيلول/سبتمبر 1987)، وذلك لأنه رفض في 2 شباط/فبراير 1997 أن يسمح لصاحب البلاغ بالدخول بسبب لونه وأصله الإثني. وفي 20 آذار/مارس 1998، وجدت محكمة مقاطعة أودنسي أن البواب مذنب بالتهمة الموجهة إليه. وبناء على طلب المحامي، طالب النائب العام بأن يدفع البواب تعويضاً عن الضرر غير المالي إلى صاحب البلاغ وفقاً للمادة 26 من قانون المسؤولية عن الأضرار، والمادة 6 من الاتفاقية. غير أن محكمة المقاطعة رفضت المطالبة بالتعويض. ورفع صاحب البلاغ استئنافاً أمام المحكمة العالية الشرقية مطالباً بأن يُحكم على مرتكب الفعل بدفع تعويض عن الضرر غير المالي بقيمة 000 10 كرونة دانمركية، بالإضافة إلى الفوائد ما قبل صدور الحكم. غير أن المحكمة العالية الشرقية أيدت الحكم الصادر عن محكمة المقاطعة.
4-3 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعم للفقرة 1(أ) و(ب) و(د) من المادة 2 من الاتفاقية، تحاجج الدولة الطرف أن الحكم الأكثر صلة بالموضوع هو الفقرة 1(د) من المادة 2، نظراً إلى أن الفقرة 1(أ) و(ب) من المادة 2 لا تقدم أي مساهمة مستقلة فيما يتعلق بشكوى صاحب البلاغ، التي ترتبط بالتمييز المرتكب من جانب شخص عادي. وينبغي النظر إلى اعتماد القانون الموحد رقم 626 المؤرخ في 29 حزيران/يونيه 1987 والذي يحظر التمييز على أساس العرق، في جملة أمور، بوصفه تلبية للالتزامات المترتبة على الفقرة 1(د) من المادة 2، والمادة 5(و)، والمادة 6 من الاتفاقية. ولم تكتف الدولة الطرف باعتماد قانون يضفي الطابع الإجرامي على أعمال التمييز العنصري مثل ذلك العمل الذي وقع مقدم الطلب ضحيته في 2 شباط/فبراير 1997، بل نفذت السلطات الدانمركية هذه الأحكام الجنائية في هذه القضية المحددة عن طريق مقاضاة البواب وفرض غرامة عليه.
4-4 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأن الطابع الرمزي البحت للغرامة لا يقدم ترضية أو تعويض فعالين، تدّعي الدولة الطرف أنه لا يمكن تفسير الاتفاقية على أنها تقتضي فرض شكل محدد من أشكال العقوبة (مثل السجن أو الغرامة) أو شدة أو فترة محددة (مثل عقوبة احتجازية غير موقوفة، أو عقوبة احتجازية موقوفة، أو غرامة بمبلغ محدد، وما إلى ذلك) للمعاقبة على أشكال محددة من أعمال التمييز العنصري. وترى الدولة الطرف أنه لا يمكن استنتاج شرط فرض عقوبة ذات شكل محدد أو شدة محددة من نص الاتفاقية، أو من ممارسات اللجنة في نظرها في البلاغات بموجب المادة 14، أو من التوصيات العامة التي اعتمدتها اللجنة.
4-5 ويعاقب على انتهاكات المادة 1 من قانون منع التمييز على أساس العرق "بغرامة، أو السجن المتساهل، أو السجن لمدة لا تتجاوز ستة أشهر". وعند تحديد العقوبة في إطار العقوبة القصوى المنصوص عليها في هذا الحكم، على المحكمة المعنية أن تراعي عناصر متعددة. ويستنتج بالتالي من المادة 80(1) من القانون الجنائي الدانمركي، أنه عند تحديد العقوبة يجب مراعاة خطورة الجريمة والمعلومات المتعلقة بشخصية مرتكبها، بما في ذلك ظروفه الشخصية والاجتماعية العامة، وسلوكه قبل ارتكاب الجريمة وما بعدها، والدوافع التي حثته على ارتكابها.
4-6 ويدخل تحديد العقوبات الملائمة في قضايا محددة في نطاق تقدير الدولة الطرف. وتتمتع السلطات الوطنية بإمكانية الاتصال المباشر مع جميع الأشخاص المعنيين، كما تتمتع بقدرة أفضل على تقييم العقوبة الملائمة في قضية محددة. وعلاوة على ذلك، يجب أن تتخذ الدولة الطرف القرار بشأن العقوبة التي تعتبر رادعة وتأديبية بالقدر الكافي. غير أنه يُعترف بعدم جواز ممارسة نطاق التقدير بصورة تمس جوهر المادة 6 من الاتفاقية.
4-7 وتتمشى العقوبة المفروضة على البواب في هذه القضية مع قانون السوابق المحلية في قضايا مماثلة ويمكن مقارنتها مع العقوبات المفروضة في القضايا الجنائية المتعلقة بالعبارات العنصرية التي تدخل في نطاق المادة 266 باء من القانون الجنائي. وبالتالي، لا يمكن اعتبار أنها غرامة "ذات طابع رمزي بحت".
4-8 وعلى ضوء ما ورد أعلاه، ترى الدولة الطرف أنه لا يوجد أساس لادعاء حدوث انتهاك للفقرة 1(د) من المادة 2، أو المادة 5(و)، أو المادة 6 من الاتفاقية بسبب الإجراءات الجنائية المتخذة ضد البواب، نظراً إلى أن الحكم نص على أن صاحب البلاغ كان ضحية عمل محظور من أعمال التمييز العنصري.
4-9 ويجوز للفرد الذي يعتقد أنه كان ضحية تمييز ينتهك قانون منع التمييز على أساس العرق، كما يُفسر على ضوء الاتفاقية، أن يطالب، حسب الاقتضاء، بالتعويض عن أضرار مالية أو غير مالية من مرتكب الفعل. غير أن الدولة الطرف تعتقد أنه يجب ترك مسألة تحديد تفاصيل القواعد الإجرائية والقواعد الموضوعية لمنح التعويض عن أضرار غير مالية إلى تقدير فرادى الدول الأعضاء.
4-10 ولا يمثل الحق في "تعويض مناسب أو ترضية مناسبة" حقاً مطلقاً، بل قد يخضع لقيود. ويُسمح بهذه القيود ضمنياً نظراً إلى أن هذا الحق، بحكم طبيعته، يتطلب تنظيم من جانب الدولة. وتتمتع الدول الأطراف في هذا الصدد بقدر من التقدير ويمكنها وضع قيود، شرط أن لا تحد هذه القيود من الحق أو تخففه بصورة أو إلى درجة تمس جوهره. ويمكن الاسترشاد في هذا الصدد من القواعد القانونية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
4-11 وترى الدولة الطرف أنه ينبغي تفسير الجزء الأخير من المادة 6 من الاتفاقية بنفس طريقة تفسير الفقرة 5 من المادة 5 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. ويبدو من هذه المادة الأخيرة أن لكل من كان ضحية قبض أو حجز مخالف لأحكامها "حق وجوبي في التعويض". وحددت المحكمة الأوروبية عند تفسيرها لهذا الحكم أنه لا ينطوي على حق غير مشروط بالتعويض، نظراً إلى أن الدول المتعاقدة تتمتع بحق طلب تلبية شروط معينة. وعليه، أشارت المحكمة إلى أن هذا الحكم "لا يحظر الدول المتعاقدة من منح تعويض يعتمد على قدرة الشخص المعني على إثبات الضرر الناجم عن الانتهاك". وفي سياق الفقرة 5 من المادة 5 ... لا يمكن أن يكون هناك "تعويض" حيث لا يوجد ضرر مالي أو غير مالي يعوض عنه"(1).
4-12 ولذلك، ترى الدولة الطرف أنه لا يمكن تفسير الاتفاقية على أنها تعني أن الشخص الذي تعرض لعمل تمييزي ارتكبه شخص آخر، بما في ذلك عمل التمييز المخالف للمادة 5(و) من الاتفاقية، يستطيع دائماً المطالبة بتعويض عن ضرر غير مالي. وقد تمثل المقاضاة الفعلية للشخص الذي ارتكب هذا العمل وإدانته في بعض الحالات "تعويضاً مناسباً أو ترضية مناسبة" بحد ذاتها. ويؤيد هذا الرأي، في جملة أمور، من جانب البيان التفسيري المتعلق بالمادة 6 من الاتفاقية الذي أودعته المملكة المتحدة عند توقيعها على الاتفاقية. وينص البيان المعني على ما يلي: "تفسر المملكة المتحدة الشرط الوارد في المادة 6 بشأن ‘التعويض أو الترضية‘ على أنه يلبى عندما يتاح أحد هذين الشكلين للجبر، وتفسر ‘الترضية‘ على أنها تشمل أي شكل من أشكال الجبر الفعلي من أجل وضع حد للسلوك التمييزي".
4-13 ووفقاً للقانون الدانمركي، يجوز بحكم القانون وبحكم الواقع على حد سواء منح تعويض عن أضرار مالية وغير مالية في قضايا أعمال التمييز العنصري التي يرتكبها أفراد انتهاكاً للاتفاقية، غير أن ذلك يفترض الوفاء بجميع الشروط الأخرى لذلك.
4-14 وبموجب المادة 26(1) من قانون المسؤولية عن الأضرار، على الشخص المسؤول عن التدخل غير المشروع في حرية شخص آخر، أو الاعتداء على خصوصياته، أو الإضرار بعزة نفسه أو سمعته أو المساس بشخصه، أن يدفع تعويضاً عن الضرر إلى الشخص المتضرر. ويعتبر الحكم إلزامياً، غير أن الشرط هو أن يكون العمل غير المشروع قد أسفر عن "ضرر" (في الدانمرك يستخدم مصطلح "tort") للطرف المتضرر. ويعني الضرر بالمعنى الدانمركي الإضرار بعزة نفس وسمعة شخص آخر، أي نظرة الشخص المتضرر لاحترامه الخاص وسمعته. والإهانة هي الدافع للمطالبة بتعويض عن الضرر غير المالي. ومن الأمور الملازمة لشرط الضرر "غير المشروع" أن يكون تقصيرياً وعلى درجة ما من الخطورة. وعند تحديد التعويض، إن وجد، يجب مراعاة خطورة الضرر، وطبيعة العمل، والظروف بشكل عام.
4-15 وكان قرار المحكمة العالية الشرقية برفض تعويض صاحب البلاغ عن الضرر غير المالي يستند إلى تقييم محدد للظروف المتعلقة بالعمل الجنائي. وعليه، وجدت المحكمة أن الإضرار بعزة نفس صاحب البلاغ لم تبلغ من الخطورة أو الإهانة ما يكفي لتحديد تعويض عن ضرر غير مالي.
4-16 وقد تمثل المقاضاة الفعلية للشخص الذي ارتكب عمل تمييز عنصري ضد شخص آخر وإدانته في بعض الحالات "تعويضاً مناسباً أو ترضية مناسبة" بحد ذاتها. ويتمشى الحكم الصادر عن المحكمة العالية الشرقية مع هذا الرأي عندما ذكر ما يلي: "وتشير المحكمة أيضاً إلى صدور حكم على البواب بدفع غرامة فيما يتعلق برفضه السماح بالدخول، وإلى أنه قد تم بالتالي البت في العمل وإدانته على النحو الواجب وإلى أن ذلك منح مقدم الطلب ترضية كافية".
4-17 وعليه، ترى الدولة الطرف في هذه القضية المحددة أن الحكم على البواب بدفع غرامة بسبب رفضه السماح لصاحب البلاغ بدخول المرقص المعني يمثل "تعويضاً مناسباً أو ترضية مناسبة".
تعليقات المحامي
5-1 في رسالة مؤرخة 14 كانون الثاني/يناير 2000، يصر المحامي على أن صاحب البلاغ لم يحصل على وسيلة انتصاف فعالة بحيث تتمشى مع الأحكام ذات الصلة من الاتفاقية، بما فيها المادة 6. وبغية تنفيذ الاتفاقية بأمانة، يجب أن تخضع الدول الأطراف للالتزام بكفالة احترامها الفعلي. وينبغي أن تكون العقوبات على خرق الأحكام الوطنية المنفِّذة للاتفاقية عقوبات فعالة وليس مجرد عقوبات رمزية.
5-2 وتدعي الدولة الطرف أنه يجوز بموجب القانون الدانمركي منح تعويض عن الأضرار المالية وغير المالية في حالة أعمال التمييز العنصري المخالفة للاتفاقية والمرتكبة من جانب أفراد، غير أن ذلك يفترض أن يكون قد تم تلبية الشروط الأخرى لذلك. ولا يعرف المحامي عن وجود أي قرارات محكمة كهذه. وكانت هذه القضية أول قضية تنظر فيها محكمة دانمركية وتتعلق بالمطالبة بتعويض.
5-3 وعلاوة على ذلك، ووفقاً للمادة 26 من القانون الدانمركي بشأن المسؤولية، يُمنح التعويض بموجب أحكام قانونية أخرى. ونظراً لعدم وجود أي أحكام قانونية أخرى في هذا الميدان، لا جدوى من انتظار قرارات المحكمة.
5-4 ويعني قرار رفض التعويض من حيث الواقع عدم منح أي تعويض عن أضرار غير مالية في حالات التمييز العنصري إذا كان التمييز العنصري قد ارتكب "بأدب". ويتعارض هذا الموقف مع الاتفاقية.
القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة
6-1 كما اعترفت الدولة الطرف بسهولة، ترى اللجنة أنه قد تم تلبية شروط المقبولية. وعليه، تقرر قبول البلاغ بموجب المادة 91 من نظامها الداخلي.
6-2 وترى اللجنة أن إدانة مرتكب العمل الجنائي ومعاقبته، والأمر بدفع تعويض اقتصادي للضحية عبارة عن عقوبات قانونية ذات وظائف وأغراض مختلفة. ولا يحق للضحية بالضرورة، في جميع الظروف، الحصول على تعويض بالإضافة إلى المعاقبة الجنائية لمرتكب الجريمة. غير أنه وفقاً للمادة 6 من الاتفاقية، يجب النظر في مطالبة الضحية بالتعويض في جميع القضايا، بما في ذلك القضايا التي لا تنطوي على ضرر جسدي، بل التي عانت فيها الضحية من الإهانة، أو التشهير، أو أي اعتداء آخر على سمعتها وعزة نفسها.
6-3 ويمثل رفض دخول شخص إلى مكان يقدم خدمات تستهدف عامة الجمهور بسبب الأصل الوطني أو الإثني فحسب تجربة مهينة قد تستحق، في رأي اللجنة، تعويضاً اقتصادياً، ولا يمكن تقديم التعويض أو الترضية عنها دائماً بمجرد فرض عقوبة جنائية على مرتكب الجريمة.
7- وعلى الرغم من أن اللجنة ترى أن الوقائع المعروضة في هذا البلاغ لا تظهر انتهاك الدولة الطرف للمادة 6 من الاتفاقية، توصي اللجنة الدولة الطرف باتخاذ التدابير اللازمة من أجل كفالة أن يتم النظر على النحو الواجب في المطالبات التي يقدمها ضحايا التمييز العنصري الذين يطلبون الحصول على تعويض عادل ومناسب أو ترضية عادلة ومناسبة وفقاً للمادة 6 من الاتفاقية، بما في ذلك التعويض الاقتصادي، وذلك في الحالات التي لم يُسفر فيها التمييز عن أي ضرر مادي، وإنما عن إهانة أو معاناة مماثلة.
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/55/40، المرفق الثالث.
(1) واسينك ضد هولندا، الحكم الصادر في 27 أيلول/سبتمبر 1990.

العودة للصفحة الرئيسية